دعوة فرنسا لإعادة أرشيف البلاد وكشف ملابسات اغتيال حشاد...قال حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أمس ان التاريخ "كشف ان كل من اراد الاعتداء على الاتحاد وقياداته خسر في النهاية ولن ينجح في ارباك وإثناء الاتحاد عن القيام بدوره النقابي والوطني مشيرا الى انه لا يمكن لأحد إن يتجرأ على المنظمة الشغيلة التي هي قوة خير وتخدم البلاد بعيدا عن التجاذبات السياسية". وأضاف خلال افتتاح الندوة الدولية بعنوان "فرحات حشاد والاغتيال السياسي زمن الاستعمار: الواقع وآفاق البحث" بالتعاون مع المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية وبمشاركة شخصيات وطنية وسياسيين وباحثين ونقابيين وحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني، ان الاتحاد "ليس منافسا سياسيا بل قوة توازن داخل المجتمع لتعديل سيرورة المرحلة الانتقالية لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين في الوقت الراهن والدليل على ذلك مبادرة الاتحاد للجلوس الى طاولة الحوار والتشاور كخيار لارساء مقومات الدولة المدنية والديمقراطية الحديثة". كما ندّد الحاضرون بأحداث العنف التى جدت أول أمس في بطحاء محمد علي اثرالاعتداءات التى طالت أعضاء المكتب التنفيذي ومقر الاتحاد العام التونسي للشغل وتعنيف نقابييه من قبل أنصار رابطة حماية الثورة، كما شهد المؤتمر الدولي حضور العديد من الشخصيات الوطنية والسياسيين والحقوقيين على غرار أحمد المستيري وسفير فلسطينبتونس ومحمد القوماني ومحمد الكيلاني والصادق العلوش والعميد منصور الشفي. مواصلة التقاضي في قضية اغتيال حشاد وفي كلمته في الذكرى الستين لاغتيال الزعيم فرحات حشاد وجّه العباسي نداءه الى الجهات الرسمية كوزارة الداخلية وادارة السجون لاسترجاع ما نهب من وثائقه واستكمال تجميع الرصيد الوثائقي للاتحاد ليبقى إرثا للاجيال القادمة من النقابيين، مؤكدا العمل والتنسيق مع النقابات الفرنسية على ممارسة الضغط من أجل ان تمتثل الحكومة الفرنسية الى مقتضيات القانون الدولي. وطالب الحكومة التونسية بالتدخل لدى الحكومة الفرنسية لاستعادة ما يوجد بحوزتها من وثائق تتعلق بتونس باعتبار انها ملكا للشعب التونسي بعد مرور ستين سنة على اغتيال الزعيم فرحات حشاد وهو ما يعني انتهاء المدة الممنوحة للاحتفاظ بالارشيف وفقا للقانون الفرنسي مشيرا الى أمله بمواصلة التحرك والنضال في مستوى التقاضي وحشد التضامن من أجل الوصول الى كشف الحقيقة كاملة بشأن عملية اغتيال الزعيم حشاد وملابساتها. وفي نفس السياق قال فوزي محفوظ مدير المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية ان اغتيال الزعيم فرحات حشاد هو جريمة دولة مرت دون عقاب حيث سعت فرنسا الى التستر عن مرتكبيها وعلى محترفي الاغتيال السياسي خاصة وان السلط الاستعمارية سعت في تلك الفترات الى اضعاف المنظمة الشغيلة عبر التصفية الجسدية باعتبار الدور الريادي للمنظمة في قيادة حركة التحرر الوطني والتلازم بين النضال التحرري والنضال الاجتماعي. أما الاستاذ ريني قاليسو (معهد المغرب/أوروبا جامعة باريس8) فقد اعتبر الاغتيال السياسي شكلا من أشكال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان حيث اتخذ الاغتيال وسيلة للتخلص من الخصوم السياسيين والنقابيين خلال الحقبة الاستعمارية. ولاحظ ان العمليات الاستعمارية طالت العديد من بلدان شمال افريقيا خلال فترة الاستعمار وانتهجت المنظمات المتطرفة سياسة الاغتيالات التى شملت العديد من النقابيين والسياسيين في دول شمال افريقيا لتصفية الخصوم جسديا كنتيجة لمساهمة المنظمات النقابية في حركات التحرر الوطني في بلدان شمال افريقيا.وأكد أن الارشيف مهم لمعرفة ملابسات ظاهرة الاغتيالات في الفترة الاستعمارية وكشف المشاركين فيها خاصة ان الرصيد الوثائقي يساعد على التعرف على القتلة الحقيقيين ومعرفة الجهات الحقيقية التى يسرت عملية اغتيال للمناضل فرحات حشاد. اغتيال حشاد.. إفشال للمشروع الاقتصادي والاجتماعي ومن جهته اعتبر الاستاذ عبد المجيد بلهادي ان اغتيال فرحات حشاد هو اغتيال للمشروع الاقتصادي والاجتماعي في تلك الفترات خاصة ان النقابيين طرحوا في 1924 برامج وأفكارا وتصورات في المسائل الاقتصادية والاجتماعية كانت مناهضة للمشروع الاستعماري على اعتبار ان القوى الاستعمارية كانت تقوم على أساس نهب ثروات البلاد واستغلال اليد العاملة وسلب الحقوق وبالتالي فمشروع الزعيم حشاد الاقتصادي والاجتماعي دعا الى استعادة الثروات الوطنية ومقاومة الاحتكار وحماية حقوق العمال والفلاحين. وذكر الاستاذ الموساوي العجلاوي (معهد الدراسات الافريقية/الرباط) في طرحه حول الاغتيالات السياسية بالمغرب بين 1956 و1960 مستندا إلى مثال "المهدي بن بركة: بين الطرحين السياسي والجنائي" دور المؤسسات الامنية الاستعمارية في توظيف عمليات الاغتيال السياسي من أجل افراغ الاستقلال من اي توجه وطني في سياق السياسة الاستعمارية الفرنسية في المغرب علاوة على صعوبة الكشف عن تفاصيل الاغتيالات السياسية حيث استعصت ملفات عدة بلغ عددها في تقرير هيئة الانصاف والمصالحة 66 حالة أبرزها ملفا المهدي بن بركة والحسين المانوزي. وبين الاستاذ محمد الدفالي (كلية الاداب والعلوم الانسانية بالدار البيضاء) ان عملية اغتيال فرحات حشاد في تونس اججت الوطنيين المغاربة من نقابيين وسياسيين وأسفرت عن قتلى وجرحى ومعتقلين غصت بهم سجون الاستعمار ومنافيه. كما طالت "اليد الحمراء" عدة وطنيين في المغرب مثل أحمد الديوري والطاهر السبتي وعمر السلاوي مشيرا الى ان ظاهرة الاغتيال السياسي نهج سلكه غلاة الاستعمار حفاظا على وجودهم بشمال افريقيا.