باعلان المركزية النقابية قرارها بالدعوة رسميا الى تنفيذ اضراب عام وطني بتاريخ الخميس 13 ديسمبر 2012 يكون المشهد السياسي والاجتماعي في تونس قد قطع خطوة أخرى مؤسفة وخطيرة هذه المرة في مسار التدهور ومراكمة الأخطاء والمخاطر... وما من شك أن هذا «المشهد» وبفعل هذا القرار الخطير قد أصبح مفتوحا اليوم وأكثر من أي وقت مضى على كل الاحتمالات بما فيها تلك التي هي أكثر كارثية بما في الكلمة من معنى.. طبعا،،، سيكون من باب العبث الانشغال بالبحث فيما هو فروع وجزئيات عندما تكون هناك أخطار محدقة بما هو اصل وجوهر... ولأن الأصل والجوهر هنا هو ضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعية والامن العام والتمكين لعملية الانتقال الديمقراطي بأن تبلغ مداها وللثورة بأن تحقق أهدافها فقد وجب على كل الأطراف ان تتحمل مسؤولياتها الوطنية والتاريخية كاملة في هذه المرحلة وان تعمل على وقف مسار التدهور قبل فوات الأوان !!! هذه ليست مقدمة ل»خطبة عصماء» نلقيها على مسامع الأطراف المعنية او «المتدخلة» في الأزمة وانما هي صيحة فزع اجل صيحة فزع نطلقها من اجل ان يعود للعقول رشدها وللضمائر نبضها فترعوي وتبصر وتتذكر بان مصلحة الوطن العليا هي فوق كل مصلحة وأن تونس الوطن والشعب والثورة والمكتسبات هي فوق الجميع افرادا كانوا او منظمات او احزابا... نقول هذا لا فقط لان الخطابات السياسية التي تتردد هذه الايام على ألسنة البعض من سياسيين ونقابيين تحيل ويا للخيبة على منطق العصبيات في معناها الايديولوجي والفئوي البائس والبغيض وإنما ايضا لأن الفأس قد أوشكت هذه المرة ان تقع في الرأس... بل هي ربما واقعة لا محالة اذا لم نتدارك امرنا ولم يصح منا العزم كمجموعة وطنية لفتادي الكارثة... لا نريد أن نفصل القول او أن نشخص فننحاز ربما او نتحامل ولكننا مع ذلك نجد انفسنا نعجب بالضرورة لبعض المواقف والقرارات الخطيرة والمتسرعة الصادرة عن بعض الأطراف العريقة والمناضلة التي يفترض ان تكون التجارب المريرة السابقة قد صقلتها واهلتها لان تكون هي الاحرص على التهدئة وعلى مراعاة مصلحة البلاد والعباد.. إن التحديات التنموية والامنية القائمة والتي لاتزال تهدد مسارنا الثوري والاصلاحي بالفشل اذا نحن لم ننجح في رفعها هي التي يجب ان تكون حافزا لنا على ان نسمو فوق خلافاتنا السياسية و»جراحاتنا» وان نكون مرحليا على الأقل على قلب رجل واحد فنقطع مع منطق حسابات الربح والخسارة في معناه الايديولوجي الضيق في تعاطينا مع قضايا الوطنية الكبرى.. مطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى اصوات وطنية عاقلة وفاعلة لتتدخل وتتوسط من اجل وضع حد لمسار التدهور.. أما باقي الأصوات وخاصة منها تلك التي تنعق بما يؤجج ويؤلب ويحرض فما على أصحابها الا أن يخرسوا وأن يتواروا..