منوبة: الانطلاق في تزويد المناطق السقوية العمومية بمياه الري بعد تخصيص حصّة للموسم الصيفي ب7,3 مليون متر مكعب    افتتاح مركز موسمي للحماية المدنية بفرنانة تزامنا مع انطلاق موسم الحصاد    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    قافلة الصمود : الإفراج عن 7 من الموقوفين    فرصة عمل للتونسيين في السعودية: إليك التفاصيل    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها: "لا أحد فوق المساءلة والقانون..ولا مجال للتردّد في إبعاد هؤلاء.."    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    هيونداي 9 STARIA مقاعد .. تجربة فريدة من نوعها    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    درة ميلاد تدعو إلى تنويع السياحة وإنقاذ قطاع الفنادق في تونس    تحويلات التونسيين والسياحة تغطي أكثر من 80٪ من الديون الخارجية    121 حريق تسبّبت في تضرّر أكثر من 200 هك منذ بداية جوان: إقرار لجان تحقيق مشتركة للبحث في ملابسات اندلاع الحرائق    قائد عسكري إيراني: شرعنا باستخدام أسلحة جديدة ومتطورة    ترامب يهاجم ماكرون بعنف: ''لا يعرف سبب عودتي... ويُطلق تكهنات لا أساس لها''    اشتعال النيران في 36 شاحنة في برلين...تفاصيل    بعد السقوط أمام فلامنجو... الترجي في مواجهة هذا الفريق بهذا الموعد    كأس العالم للأندية : برنامج مباريات اليوم الثلاثاء    لاتسيو الإيطالي يجدد عقد مهاجمه الإسباني بيدرو رودريغيز حتى 2026    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    عبدالله العبيدي: إسرائيل تواجه خطر الانهيار وترامب يسارع لإنقاذها وسط تصاعد الصراع مع إيران    سر جديد في القهوة والأرز... مادة قد تحميك أكثر من الأدوية!    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    إلى حدود 15 جوان: تجميع حوالي 3.51 مليون قنطار من الحبوب    انعقاد جلسة عمل اللجنة القطاعية للبيئة في إطار إعداد المخطط التنموي 2026-2030    طقس اليوم: خلايا رعية محلية مصحوبة ببعض الأمطار بهذه المناطق    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم أمام نادي فلامينغو البرازيلي    رونالدو يهدي ترامب قميصا يحمل 'رسالة خاصة'عن الحرب    ‌الجيش الإسرائيلي: قتلنا رئيس أركان الحرب الجديد في إيران علي شادماني    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الاول) : العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    هجوم إيراني جديد على تل أبيب وأميركا تنفي المشاركة بالقتال    ماكرون.. ترامب أبلغ زعماء مجموعة السبع بوجود مناقشات للتوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وإيران    فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة فلامينغو    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمامنا معركة مصير.. إما العلم والتقدم والاسلام المالكي.. وإما إسلام الملوك والأمراء والقواعد العسكرية
رياض الصيداوي الخبير في سوسيولوجيا الثورات ل «الصباح»:
نشر في الصباح يوم 07 - 12 - 2012

لا يمكن لتونسي أن يقبل بمنع المرأة من قيادة السيارة - في سويسرا حكومة ب7 وزراء وميزانية ب560 مليار دولار!
حوار: آسيا العتروس-قال رياض الصيداوي مدير المركز العربي للدراسات السياسية في جنيف والمختص في سوسيولوجيا الثورات أن حمى الثورة تتواصل وأن الحركات الاجتماعية تشعر بثقة كبيرة بعد هزم الدكتاتورية فلا تقبل بالخضوع لأي سلطة مركزية قد تتلاعب بها أو تهيمن عليها.
وأشار الصيداوي في حديث خص به "الصباح" الى أن الحديث عن أموال بن علي وعائلته في سويسرا فتر وغاب فيما انحسر المبلغ الذي حدد في بداية الثورة بحوالي 650 مليون دولار حسب مواقع الخارجية السويسرية إلى 12 مليار يورو. وأشار الى أن البنوك السويسرية أجرت مفاوضات مع الحكومة "من أجل إرضائها بالفتات مقابل غلق ملف الاموال المنهوبة".
وانتقد الخبير التونسي-السويسري ظاهرة اختراق الوهابية بالمال والفتاوى دول الربيع العربي من تونس الى مصر، موضحا أن ما حدث في منطقتنا أحدث حالة من الرعب في الجزيرة العربية بحيث بدأت "أموال طائلة تتدفق من السعوديين الى التيار الوهابي لضرب الاسلام الصوفي الزيتوني".
وفي ما يلي نص الحديث:
* خلال الاسابيع الاولى لسقوط نظام بن علي، تواتر الحديث عن أموال منهوبة في البنوك السويسرية ولكن سرعان ما تراجع الاهتمام قبل أن يختفي تماما، فأين ذهبت تلك الاموال، أو على الاقل ما الذي بقي منها؟
- المهم أن نعرف أن النظام المصرفي في سويسرا معقد جدا بل انه يحمي المواطن من الدولة والسر البنكي يحمي الداخل والخارج، وتعد سويسرا حضنا آمنا لكل الأموال المهربة على عكس دول أوروبية أخرى. وفيما يتعلق بالأموال التونسية فقد كنت اطلعت على موقع للخارجية السويسرية يشير الى أن حجم الاموال المهربة تبلغ 650 مليون دولار من أموال بن علي وعائلته في سويسرا، ولكن في نفس الوقت هناك من يتحدث عن مبلغ 12 مليار يورو كحصيلة أموال بن علي. وهناك أيضا حديث عن أموال غير معلومة في الامارات وقطر والسعودية ولبنان ودول أوروبية.
المشكلة أننا لم نعد نتحدث عن تلك الاموال ولا أحد يعرف أين ذهبت ولا كيف، والحال أن استرجاع مبلغ 12 مليار يورو (حوالي 24 مليار دينار او ما يوازي ميزانية تونس) كان يمكن ان يساعد على حل الكثير من الازمات وانقاذ الاقتصاد وتمويل الرعاية الاجتماعية لتنشيط الاقتصاد. المشكلة اليوم أن هذه الاموال اختفت ولم يعد يتحدث عنها أحد من الاعلاميين والسياسيين، وهنا أشير الى ما كشفه جون زيغلر في كتابه من أن البنوك السويسرية تجري مفاوضات مع الحكومة من أجل إرضائها بنوع من الفتات حتى يغلق ملف الأموال المهربة.
* ولكن المعلوم أن استرجاع تلك الاموال قد يتطلب وقتا وجهودا كبيرين وهذا ما تأكد في السابق في إفريقيا وغيرها؟
- بالنسبة لموبوتو، ضاعت نحو7 مليار دولار ولكن هايتي استطاعت استعادة أموالها من البنوك السويسرية التي تحصن نفسها بترسانة من القوانين والخبراء والمحامين العالميين، وفي اعتقادي أن ما حدث بين تونس وسويسرا صفقة لإعادة مبلغ رمزي وإغلاق الملف، ومن هنا نفهم كيف أنه لم يبق من المبلغ الأوّلي المعلن عنه بعد سقوط النظام سوى عُشُر ذلك المبلغ، أما بقية المبالغ فهي موجودة في دول خليجية وهي على عكس سويسرا غير ديموقراطية ولا يمكن بالتالي مطالبتها باستعادة تلك الاموال.
وبالنسبة للإمارات فهي تنافس سويسرا لتكون مركزا ماليا عالميا. أما السعودية فقد ذهب اليها رئيس الحكومة وواجهته حملة صحفية شرسة ضد تونس والحال أن استرجاع بن علي يعني استرجاع الأموال المنهوبة لأنه المفتاح الاول لأسرار 12 مليار يورو، وقد رفض السعوديون الحديث عن هذا الامر، ولكنهم في المقابل حثوا الجبالي والحكومة على غض الطرف عن نشاط الوهابيين وفتح المجال أمامهم في البلاد. وبعودة الجبالي من زيارته تم تأسيس حزب الاصلاح الذي يمثل الخط السعودي الوهابي في تونس وأصبحنا نرى شيوخ الوهابية يجولون في تونس وفي القنوات التلفزيونية، بل وحتى في قصر قرطاج الذي استضاف الداعية بشير بن حسين لإلقاء محاضرة فيه.
* ولكن هذا جزء من اللعبة الديموقراطية التي فتحت المجال للجميع للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، أليس كذلك؟
- الاشكال مع هؤلاء أنهم يعتبرون أن الديموقراطية كفر والوهابية تعتقد اليوم أن الشمس تدور حول الارض، فهل لدينا الوقت لمثل هذه النقاشات في جامعاتنا؟. ما حدث حسب رأيي أن هناك حالة رعب من الثورة التونسية التي حملت شعار حرية كرامة وطنية في الجزيرة العربية. والحقيقة أن الارضية مهيأة في المنطقة لثورة والمنطقة الشرقية في السعودية شهدت عديد الاضطرابات في المعاهد والكليات، وحتى النساء السعوديات بدأن بالتظاهر ضد أوضاعهن. وهذه الانظمة الملكية المطلقة وجدت نفسها مهددة بالثورة التونسية لذلك نراها تقوم بضربة وقائية عبر غزو الثورة بواسطة شيوخها وبملياراتها، وهناك أموال طائلة تتدفق من السعوديين الى تونس للتيار الوهابي بهدف ضرب الاسلام الصوفي الزيتوني، وهم بإمكانياتهم المالية الضخمة يريدون تغيير الاسلام المالكي والسيطرة على البلاد كما فعلوا مع مصر.
الاختلاف أن في تونس من يتصدى لهم من الشيوخ الصوفيين الزيتونيين الذين لا يذكرهم الاعلام وهؤلاء بدأوا ينظمون صفوفهم، ويمكن أن أذكر الشيخ مازن الشريف وفريد الباجي وسامي براهمي الذين يعملون على احياء فكرة أساسية تقوم على أن الاسلام الزيتوني الصوفي من قاوم الاستعمار الفرنسي بدءا بالدغباجي ومصباح الجربوع في تونس الى شيخ المجاهدين الخطابي وبوعمامة ومقراني في الجزائر، ولكن في نفس الفترة الزمنية كانت وزارة المستعمرات البريطانية تؤسس دولة قطر والسعودية وتدعم الوهابية وتنشئ لها قواعد عسكرية ورثتها اليوم القواعد العسكرية الامريكية.
اسلامنا الصوفي الزيتوني قاوم الاستعمار وحرر البلاد، أما الاسلام الملكي الاميري الوهابي فقد نصبته بريطانيا وأرشيف الخارجية البريطانية يجمع من الادلة والبراهين ما يؤكد هذا التوجه. ونحن نتساءل، كيف للوهابية التي صنعها الاستعمار أن تغزو أرض الاحرار؟ والجواب طبعا: بالأموال الطائلة، والسعودية أنشأت جهازا عالميا وهو الرابطة الاسلامية العالمية التي أنفقت عليها الكثير لنشر الوهابية في مصر وفي المنطقة.
* وكيف يمكن الحد من الامتداد الوهابي في بلادنا؟
- الاشكال أننا لا نستطيع التدخل في شؤون هذه الدول ولا أن نتحدث عنها، ومع ذلك فهي تتدخل في شؤون غيرها وتحاول اعطاءنا دروسا في الاسلام وترسل شيوخا يهددون الناس ويضخون المليارات... ما يريدونه غزو الثورة التونسية لأنها لو نجحت فإن شبابهم سيقتدي بها، وقد بدأ ينكشف استخدام تلك الترسانة من الشيوخ الذين غالبا ما ينكشف أمرهم في الحروب، ومن ذلك مثلا أنه في1991 وقفوا ضد العراق منتصرين للحلف الاطلسي وأمريكا ورأينا الشيخ القرضاوي يفتي للناتو في ليبيا، واليوم يفتون له في سوريا ويستخدمون في ذلك خطابا ساذجا ومن ذلك ترويجهم أن ملائكة خضراء كانت تقاتل ضد السوفيات في أفغانستان. ولكن عندما وقع العدوان على لبنان وعلى غزة مرة أولى وثانية لم نسمع لهم صوتا وآخر المهازل ما ذكرة الشيخ محمد العريف من أن ملائكة تقاتل ضد جيش الرئيس السوري بشار الأسد.
* هناك اليوم مخاوف متعددة تساور الشارع التونسي بين الخطر الوهابي وخطر السلفيين، فكيف يبدو لك المشهد الراهن وما هي المخاطر الحقيقية؟
- حتى نكون منهجيين وعلميين لا بد من الاشارة الى أن السلفية ثلاثة أنواع:
1) السلفية العلمية وهي الوهابية المختصة في الفتاوى المضحكة مثل ارضاع الكبير والتداوي ببول البعير وهم من يعتقدون أن الشمس تدور حول الارض ومن يحرمون قيادة المرأة للسيارة وممثلهم في تونس بشير بن حسين الذي سبق أن صرح بأن المرأة التونسية لا يمكنها الانتقال بين ولاية وأخرى بدون محرم، وهي فتاوى ساذجة الى حد كبير في مجتمع متطور ومتعلم مثل المجتمع التونسي، ولكنها تجد لها أنصارا لدى فئة معينة وتأثيرات شيوخ يتلقون أموالا طائلة للتأثير على شباب بسيط محدود المستوى خاضع لتأثير آخر من القنوات الفضائية وأغلبها وهابية وهذه السلفية تدعو الى طاعة الحكام.
2) السلفية الجهادية، وإحقاقا للحق فإنها تكشف حقيقة الوهابية في السعودية وتقول أنهم علماء السلاطين وأنهم لا يفتون بحق وانما بمال وما يميز السلفية الجهادية أنهم صادقون وليسوا مخادعين ولا يمكن اتهامهم بتلقي الاموال من الخارج، لهم تصور كلاسيكي للعالم يقسمونه بين ديار حرب وديار اسلام ويقولون أنه لا بد من الجهاد في كل مكان وأعلنوا الجهاد حتى في السعودية وقطر باعتبارهما محتلتان من قوات أجنبية، وهذان التياران تحالفا أثناء حرب الافغان ضد السوفيات، اذ ومع حرب الخليج الاولى ودخول نحو نصف مليون جندي أمريكي الى السعودية بدأوا في الصدام مع السلطة ونراهم الآن في تونس في تصريحات نارية ضد الحركات الجهادية. ومن هنا نشير الى أن تونس ومعها منطقة المغرب العربي باتت تحت تأثير 150 فضائية، بمعنى أن هناك تدخلا خارجيا اعلاميا وماليا.
3) السلفية الحركية (موجودة في النهضة) وهي تقبل باللعبة الديموقراطية لكن في اطار مقاصد واضحة وأسلمة المجتمع عبر صناديق الاقتراع ويمثل هذا التيار الصادق شورو، ما يستوجب التساؤل الآن: أين الاسلام الصوفي المالكي السني؟ ومن هنا نقول ان هذا الاسلام في تونس تميز بكفاحه التاريخي ضد الاستعمار وبسلميته وقادة الزوايا كانوا رحيمين بأبناء أمتهم ولم يدعوا أبدا للعنف الداخلي ولا الجهاد الداخلي وانما جعلوا الاستعمار دوما عدوهم الاول. في المقابل فإن ما نشهده اليوم إضعاف للزيتونة، والخوف كل الخوف من الاختراق المالي. ولا ننسى أن شعار الوهابية تحريضي يدعو للكراهية والبغضاء والحقد على الآخر.
* هل ينطبق هذا الموقف على مصر، وهل من مجال للمقارنة؟
- الثقل الوهابي نزل بقوة على مصر... تونس كانت محصنة بفضل الطبقة الوسطى والتعليم والجامعات. لقد ركزوا على اختراق مصر ونجحوا في ذلك نسبيا. الوهابية ارتبطت بالاغراء والمال والسيارات الفاخرة وهي ليست مذهب الفقراء بل مذهب الملوك والامراء، وقد وقفوا بكل ثقلهم لاختراق الثورة التونسية ولم ينجحوا.
هناك صراع قائم ولكن في المقابل هناك صحوة لدى شيوخ المالكيين والسنيين في تونس للتصدي للوهابية. نحن أمام معركة مصيرية، فإما العلم والتقدم والاسلام المالكي السني، وإما اسلام الملوك والأمراء والقواعد العسكرية الاجنبية.
شخصيا اشعر بالتفاؤل لأنه لا يوجد في تونس من يقبل بمنع المرأة من قيادة السيارة. علينا ألا نغفل عن حقيقة هؤلاء الشيوخ النجوم وعن الاهداف التي يسعون اليها وهي تدمير الثقافة العربية وتخدير العقول العربية حتى لا تطرح القضايا الاساسية حول أموال النفط وأين يقع استثمارها. والواقع أن الاسلام واضح في هذا الشأن من خلال الآية 24 من سورة النمل"إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها"، وهم إذا ما تمكنوا من تونس فسيفسدوها، وشيوخ السلاطين الذين سبق لهم مدح بن علي والقذافي وأمير قطر وغيره لا يمكنهم أن يسعوا لاصلاح تونس.
* هل يمكن أن يختلف الاسلام السياسي بين الدول النفطية والدول غير النفطية؟
- أولا في قناعتي أن الظاهرة ستتلاشى بسرعة لأن الوقائع والاحداث تكذبهم وتكذب شيوخهم بشكل واضخ وأحداث غزة فضحتهم حيث اختفوا عن الانظار وغابت فتاويهم لان همهم الاساسي تخريب التجارب الديموقراطية الناشئة. وهم من موقعهم يستعملون الفضائيات ولكن في المقابل لا نكاد نعرف عنهم القليل أو الكثير، وقد كشف الحكم المسلط بالسجن المؤبد على شاعر تغنى بثورة تونس وانتقد ملوك وأمراء الخليج بعض ما خفي في المجتمعات الخليجية وقناعتي ان الشباب الخليجي لديه الكثير من الجرأة والمرأة الخليجية بدأت تنتفض على الكثير من العادات والاحكام المقيدة لها وهذه المرأة السعودية تتمنى الحصول على عشر ما تتمتع به المرأة التونسية.
*من موقعك كتونسي يحمل الجنسية السويسرية وكخبير في علم اجتماع الثورات ومراقب للأحداث عن بعد، كيف تنظر إلى المشهد الراهن في تونس؟
- تونس تعيش مرحلة صعبة جدا، وفي علم الاجتماع الثوري فإن مرحلة الانتقال الديموقراطي وما يسمى بحمى الثورة تتواصل ومن علاماتها أن الحركات الاجتماعية تشعر بثقة كبرى في قدراتها بعد أن هزمت الدكتاتورية ولا تريد أن تخضع مجددا للدكتاتورية ولا أن تخضع لسلطة مركزية تتلاعب بها. المهم أن هناك حتى الآن ثلاثة محاور أساسية لم يتم التطرق لها في تونس لتخفيف الاحتقان الحاصل وهي دولة الرعاية الاجتماعية والتهميش المستمر في مثلث الفقر من سيدي بوزيد الى قفصة وتالة والقصرين وهذه المناطق ستواصل ثورتها الاجتماعية ولن توقفها فتاوى الشيوخ الوهابيين النقطة التالية التي لم تطرح في تونس بعد مسألة السلم الاجتماعي وستتواصل هذه الثورات المحلية طالما لم تتوفر فيها دولة الرعاية الاجتماعية ولن تخمد هذه الثورات بالنار والحديد. كما أنه لا بد أن ندرك وكما يؤكد ذلك علم اجتماع الثورات ان الديموقراطية ليست مركزية ولا توجد ديموقراطية في العالم يعين فيها الوالي والمعتمد بل ينتخبون.
اذا استمر المأزق في مسالة التعايش السلمي يمكن الاستفادة من التجربة السويسرية وما يسمى بالمعادلة السحرية التي تعتمد حكومة مصغرة وتركيبة الحكومة السويسرية لا تزيد عن سبعة وزراء بما في ذلك الرئيس حصرا للتبذير في النفقات وميزانية هذه الحكومة تتجاوز ال500 مليار دولار. ما ألاحظه أننا في تونس أمام حكومة عريضة تقوم على المحاصصة الحزبية وليس على برامج واضحة وهذا ما يفسر العدد الكبير من الوزراء وكتاب الدولة، والبديل بعد هذه التجربة في حكومة وحدة وطنية مصغرة تجمع عديد المكونات السياسية على أساس برنامج وليس على المحاصصة الحزبية، واعتقد أن الحد الادنى موجود لانقاذ تونس والالتزام بالديموقراطية وجلب الاستثمارات ولكن وفي نفس الوقت لا بد من عقد اجتماعي على أساس أن اللعبة الديموقراطية لا يدخلها إلا من يؤمن بالديموقراطية، ومن هنا لا يمكن أن نمنح مساحة واسعة في وسائل الاعلام لمن يتشدق بأن الديموقراطية كفر.
هناك مؤشرات ايجابية ان الجيش، وهو العمود الفقري للدولة، لم يقع في ما وقع فيه الجيشان السوري أو الليبي من انكسارات، وهذا في حد ذاته ضمان لتونس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.