أثارت تصريحات الشيخ عبد الفتاح مورو أول أمس عبر إحدى المحطّات الإذاعية والتي حذّر فيها من مخاطر انتشار الفكر الوهابي في تونس بعد إقامة دورات تكوينية للترويج له في بلادنا من قبل شيوخ سعوديين وهّابيين، ردود أفعال متباينة حيث سانده البعض واعتبروا هذا الفكر خطرا يهدّد مستقبل التونسيين وعارض مخاوفه آخرون واعتبروا أن الأمر وقع تهويله من طرف «مورو» وأن هذا الأخير مطالب بإعطاء الحجج والبراهين لتأكيد صحّة أقواله. وقال المختصّ في الإسلام السياسي كمال الساكري ل«التونسية» إنّ الفكر الوهابي يعتمد التشدّد والعنف في الدعوة إليه وفي تطبيقه مشيرا إلى أنّ الوهابية تزعم انّها تنقّي الدين من الشوائب ومن الغلوّ لكنّها كانت سبّاقة للعنف وفرض الرأي الواحد والقضاء على كلّ ما هو مخالف حيث تستند إلى المذهب الحنبلي المعروف بتشدّده وعدم تسامحه مع كلّ ما هو مخالف له. وعن وجود دورات تكوينية قال الساكري إنّه من المعلوم أنّ السلفية الجهادية تعمل منذ مدّة على تكوين شبابها ضمن دورات تكوينية مفتوحة وهي بالأساس دورات علميّة عقائدية تهتمّ بتفسير القرآن والفقه كما تهتمّ بتعليم الشباب المناصرين لأفكارها بعض الأدبيات المتعلّقة باللباس والتخاطب، وأضاف أن رزنامة حصص هذه الدورات موجودة في المساجد وبالإمكان التثبّت منها وأنها تتم تحت إشراف شيوخ تونسيين وآخرين خليجيين قدموا إلى تونس وقضّوا أكثر من شهرين في تدريب الشباب المناصر لهم. وأشار «الساكري» إلى أنه ليس ضدّ تنوّع المذاهب في تونس لأنّه عند بروزها في القرن ال 3 للهجرة لم تخلق أي نوع من التوتّر وأمكن للجميع التعايش في إطار اختلافها لكنّه عبّر عن رفضه تغليب مذهب على آخر في إشارة إلى تغليب المذهب الحنبلي على المذهب المالكي الذي يتبعه أغلب التونسيين وقال إنّ ذلك من شأنه أن يخلق الفتن والصراعات في المستقبل القريب ليؤكّد تحذيرات «مورو». وأوضح أنّ المذهب الحنبلي برز ليرفض المذهب الاعتزالي العقلاني المستند إلى الفلسفة والمنطق المستمدّين من اليونانيين والإغريقيين والذي يرى أنهما يشككان في الدين وأصوله وليردّ عليهما باستعمال العنف. من جهة أخرى أشار محمّد خوجة رئيس حزب «جبهة الإصلاح» وهو أوّل حزب سلفي متحصّل على التأشيرة في تونس إلى أنّ الفكر السلفي ليس محصورا في الوهابية وأن المذهب المتبع في تونس هو المذهب المالكي أو الحنفي ودعا إلى نبذ التعصّب تجاه اختلاف المذاهب مشيرا إلى أن المذهبين المالكي أو الحنبلي من السلف الصالح وأن أيمّتهما من أهل السنة ليؤكّد انّه لا يرى مانعا في إتباع المذهب الحنبلي بتونس. وأفاد «خوجة» أنّ هذا المذهب لا يمكنه بثّ الفتنة ولا يمكنه ضرب المذهب المالكي كما أشار «مورو» وأنه لن يؤثر على مستقبل البلاد إلا مذاهب فكرية وسياسية واقتصادية مخالفة للهوية التونسيّة ودخيلة على ثقافة التونسيين على غرار الماركسية والاشتراكية والعلمانية. واستغرب «خوجة» تصريحات مورو قائلا إنها لا تعبّر إلا عن رأيه الخاص وإنّه مطالب بالأدلة والحجج لتأكيد صحّة أقواله كما أوضح انّه في حال تبيّن قدوم الشيوخ السعوديين فإنّه ليس من الضروري أن يكون في قدومهم ضرب للمذهب المالكي أو دعوة إلى بثّ الفتنة لأنّ تونس بلد منفتح وأن تعدّد المذاهب فيه يدعم التبادل الثقافي. ودعا «خوجة» شيوخ تونس الإسلاميين إلى تنظيم دورات وحلقات دينية تعرّف بالمذاهب قصد تفسيرها وتوضيحها للشباب المتعطّش لمعرفة دينه حسب قوله تجنّبا للفتن. ويذكر أنّ الشيخ عبد الفتاح مورو كان قد حذّر أوّل أمس عبر أمواج إذاعة «شمس آف آم» من خطر الفكر الوهابي في تونس ومن فتح أبواب الفتنة، وقال إنّه تمّ تنظيم دورتين تكوينيّتين في الفكر الوهابي عن طريق عدد من الشيوخ السعوديين الذين قدموا إلى تونس ويعملون على تعليم قواعد الفقه الحنبلي للشباب الحديث العهد بالصلاة. وأضاف أنّ شيوخ الوهابية يسعون إلى تهيئة الشباب التونسي لاستبعاد المذهب المالكي وإقرار المذهب الحنبلي باعتباره هو المذهب السلفي.