ذكر السيد كمال العيادي الخبير في مجال سياسيات واستراتيجيات مكافحة الفساد أمس خلال ندوة صحفية أن ترتيب تونس ضمن مؤشر إدراك الفساد قد تراجع بستة عشر نقطة بين سنتي2010 و2012 وبنقطتين مقارنة بالسنة الفارطة كما ورد بالتقرير الأخير لمنظمة الشفافية العالمية لسنة 2012 والذي يرتب البلدان حسب مؤشر مدركات الشفافية والفساد. ويعود هذا التراجع في الترتيب على حد قول العيادي إلى عدة عوامل منها ما يتصل مباشرة بالمؤشر في حد ذاته حيث بين أن "المؤشرات المبنية على الإدراك لها مصداقية ثابتة ولكن لها نقاط ضعف، فالمؤشرات المبنية على الإدراك يقع تحليلها بناء على الإتجاه كما أن النتيجة تبرز لاحقا وليس بصفة مباشرة". مضيفا أن"بعض المعطيات لا يقع تحيينها سنويا إلى جانب أن نتائج الإستبيانات المنجزة بالأنظمة الشمولية قد لا تعطي الصورة الكاملة على الأوضاع الحقيقية". الممارسة الكليانية إلى جانب هذه العوامل ذكر العيادي أن "جاهزية الأفراد والتسليم بالرشوة كظاهرة مجتمعية مسكوت عنها ومتسامح معها بالإضافة إلى عدم قيام أجهزة الرقابة بدورها بحكم انعدام الإستقلالية وعدم تفعيل القوانين أضف إلى ذلك الممارسة الكليانية للسلطة تعد هي الأخرى من العوامل الأساسية لإستفحال هذه الظاهرة". كما أنه-وعلى حد قوله- لا يمكن استثناء تفاقم هذه الظاهرة بتونس في هذه المرحلة"فحجم الفساد يرتفع في الأنظمة الإنتقالية بسبب التسابق نحو تحصيل الوضعيات المكتسبة مع تفكك مراكز تجمع النفوذ القديمة وبروز مواطن نفوذ متعددة ومتنوعة، وبالتالي تُطرح اشكالية جوهرية هل أن تونس مهيأة لمكافحة ظاهرة الفساد؟". وبين العيادي أن"الإفتراض الشائع بكون إرساء الديمقراطية وحرية التعبير وإمكانية التشهير بالفساد كافيان للحد من هذه الظاهرة هو افتراض غير صحيح" بدليل أن"البلدان التي لها تقاليد الديمقراطية لم تنجح إلا بوضع الآليات الوقائية، كما أن التشهير يعد عاملا مهما غير أنه من الضروري أن يكون منظما ومقننا لكي يحافظ على مصداقيته". المعاملات المالية وكشف أن ما يمكن أن يهدد مستقبل تونس في مكافحة ظاهرة الفساد هو بروز مخاطر جديدة تحوم حول استفحالها وهي"مدى الشفافية في المعاملات المالية للأحزاب السياسية، فالمال السياسي من القطاعات المستعصية التي لا تزال عرضة للفساد عالميا إلى جانب صعوبة بلورة توجهات ومقاربات عالمية على غرار قطاع الأعمال لضمان نزاهة المعاملات". ودعا العيادي منظمة الأعراف إلى إصدار ميثاق لمنع المؤسسات الخاصة من تمويل الأحزاب، وقال:" الفساد في الحقل السياسي يمثل مشغلا وقضية هامة ذلك أن المنافسة السياسية تنتج عنها الحاجة للمال لتعصير الحملات والبحث عن التجديد والإبتكار، فالأحزاب تفتقر للمال ولكن يتوفر لديها النفوذ في حين أن المؤسسسات يتوفر لديها المال وتفتقر للنفوذ وهنا يكمن تمازج المصالح وتفاعلها."