أنيس الجلاصي اسم سيظل عالقا بذاكرة التونسيين الذين اهتزوا للفاجعة التي ألمμت بعائلته و لكن أيضا بالعائلة الامنية وكل التونسيين وهم يستفيقون مجدّدا على وقع عودة خطرالخلايا النائمة لتلك المجموعات الارهابية المسلحة التي تصحو اليوم مجدّدا لتتربّص بأمن تونس وأهلها , وكما أن اسم محمد البوعزيزي قد ارتبط بتلك الشعلة التي أجّجت لموسم الثورة الشعبية التي أسقطت فصلا طويلا من الظلم و الفساد والاستبداد فان وكيل الحرس الوطني أنيس الجلاصي سيبقى في الذاكرة بأنه ذلك الفتى الذي استشهد ليطلق في تونس ناقوس خطر الإرهاب الذي يتهدّد البلاد ... أمس الاول , شيّعت منطقة الشوابكية الواقعة بمعتمدية الشبيكة أحد أبنائها البررة ولكن الواقع أن تونس كلها حزنت و بكت لمصير هذا الجندي الشاب الذي لم يعد بالجندي المجهول حينما ارتفع الى مثواه الاخير و هو يتلقى في جسده ثلاث رصاصات قاتلة على يد مجموعة آثمة لم يتردّد في التصدّي لها ببطولة وهو يهبّ للدفاع عن تراب الوطن قبل حتى وصول التعزيزات العسكرية المطلوبة . على أن الحقيقة أن ما حدث و يحدث في منطقة فريانة على الحدود التونسية الجزائرية مسرح الاشتباكات المسلحة التي لم تنكشف بعد كل خيوطها لا يمكن أن يكون اعتباطيا في شيء و الارجح أنه لا مكان فيه للصدفة ,قد يكون بين أحداث الروحية وأحداث سليمان من قبلها ترابط أو تشابه في الاهداف وهي بالتأكيد أهداف لا تريد لتونس غير الهلاك و السقوط في شراك نقمة الإرهاب و الإرهابيين التي يدرك العالم ما صنعته بالمجتمعات و الدول التي تغلغلت فيها و جعلتها تعيش على وقع الخوف و الرعب المسلط على النفوس و تدفع بها الى حياة المغاور على طريقة أهل الكهف و الغارقين في الجهالة ... ولعل في تواتر الاحداث والاخبار بشأن الكشف عن محاولات ترويج للسلاح مرّة عبرسيارة محمّلة بأزياء عسكرية وخرائط وأسلحة و أخرى عبر الكشف عن شاحنة محمّلة بالسلاح و المتفجّرات و ثالثة عبر إبطال مفعول قنبلة في محطة للحافلات ما يؤكّد خطورة الموقف ,بل ان ما يدعو فعلا للاستنفار أنه سبق لرئيس الجمهورية المؤقت و في تصريحات أدلى بها الى مجلة بريطانية تأكيده وصول كميات من الاسلحة التي كانت بحوزة النظام الليبي السابق الى البلاد وهي حقيقة لم تكن بالخفية و قد سبقتها تحذيرات وإنذارات كثيرة منذ فترة حول تلك الاسلحة التي لا يبدو أن أحدا بامكانه اليوم تحديد حجمها ولا أماكن توزيعها ولا الاطراف التي تروّج لها بما يعني اليوم أن هناك حلقة مفقودة و ربما تقصيرا حاصلا في أجهزة الاستخبارات و كذلك على مستوى تبادل المعلومات مع دول الجوار بما يمكن أن يساعد على استباق الأحداث و كشف شبكات الإرهابيين قبل حدوث الأسوإ ...ليس سرا بالمرة أن سقوط نظام القذافي كان قد كشف عن وجود خزان للسلاح في ليبيا كان العقيد يعتقد أنه سيمنحه و يمنح بمقتضاه أبناءه من بعده حصانة دائمة فلم يتردّد في استنزاف ثروات البلاد لاستقدام آخر مبتكرات مصانع السلاح في الغرب لقمع شعبه و تطويعه ,واليوم و في خضم حالة الفوضى و عدم الاستقرار التي تعيش على وقعها كامل المنطقة فان تجار السلاح و من خلفهم صناع الإرهاب الذين يعمدون الى استهداف سيادة الشعوب و دفعها الى دوامة العنف يجدون في غياب القانون و انتصاب الفوضى في مالي التي باتت مرتع تنظيم القاعدة و التنظيمات المتطرفة المتفرعة عنها في شمال افريقيا ملاذا لتنفيذ مخططاتها الارهابية ...عزاء تونس الوحيد وهي تودّع الشهيد الشاب أنيس الجلاصي أن تكون الصدمة التي أحدثتها وفاته بمثابة الرجة التي ستعيد الرشد المفقود للمتصارعين على السلطة للوقوف على حقيقة و حجم الخطر الإرهابي لانه أشبه بالوباء السرطاني اذا امتد الى الجسد فقد لا يكون بالإمكان استئصاله دون مزيد من الآلام والجروح والخسائر الجسيمة التي لا حاجة لتونس بها ... ◗ آسيا العتروس