من جانبه أكد الدكتور شمس الدين حمودة المتخصص في الامراض النفسية في رده حول ما ذهب اليه المواطن من اعتبار ان الاحكام الخفيفة الصادرة عن المحاكم في قضايا مثل السرقة والإعتداء بالعنف والتشويه: أن المواطن بإعتباره المتضرر الأساسي يتصور ان المنحرف يجب ان ينال أقصى العقوبات ولا غرابة في أن تجد أحدهم يطلب الإعدام للمنحرف لمجرد أنه اختطف منه بعض ممتلكاته. وربما تجد تبريرا لهذا الموقف وهو أن المواطن يبحث دائما عن حل جذري ولا ينظر الا من زاوية واحدة وهي ازالة الخطر والتهديد. ويعود تفاقم ظاهرة الاجرام في تونس الى عوامل إقتصادية وإجتماعية ابرزها التفكك الأسري والبطالة والفقر وعوامل كثيرة أخرى وهو ما جعل المواطن يشعر انه مهدد وملاحق ويذهب الى حد اعتبار ان المدينة تحولت الى غابة تترصده فيها الوحوش ويعتبر ان الأمن غائب أو مغيب في المدينة رغم ان الثابت والملموس هو الحضور المكثف للوحدات الأمنية في كامل ارجاء المدن والقرى والأرياف في كامل تراب الجمهورية. ويضيف المتحدث قائلا:... ارتفاع ظاهرة الجريمة في تونس هو نتائج طبيعي لتطور المجتمع وتأثير الفوارق الاجتماعية والمعيشية بين ابناء الأحياء الشعبية والراقية.. هذه الفوارق تؤثر في نفسية الشاب او الكهل مما يدفعه الى محاولة إشباع النقص الذي يحسه فيجد الفرد نفسه مورطا في جرائم وقضايا مختلفة ويرى الدكتور شمس الدين حمودة ان الترفيع في العقوبات والتشدد في اصدار الأحكام ليس حلا للمشاكل والظواهر الاجتماعية الخطيرة اذ يقول: «لابد ان يتحول السجن من مؤسسة عقابية جافة الى مؤسسة تأهيل إجتماعي وسلوكي.. ويبقى السجن آخر الحلول اذ يجمع علماء النفس والاجتماع ان السجون لا تقوّم المنحرفين بقدر ما تساهم في زيادة الإنحراف باعتبار الاحتكاك بين السجناء ويقترحون حلولا بديلة مثل العقوبة البدنية (العمل لفائدة المصلحة العامة) او العقوبة في البيت عوض حبسه في السجون المدنية التي امتلأت وارتفعت تكاليفها على كاهل الدولة.. ويجب ان تتطور المنظومة الاجتماعية لتنفيذ مثل هذه العقوبات كما هو الحال بالنسبة للنظام الجزائي الإيطالي وتصبح عقوبة السجن لاتخص الا فئة خاصة من الجانحين حتى لا تتاح الفرصة للشباب فيحترف الجريمة.