كيف للشعب التونسي اليوم أن يدفع عنه البلاء والمعارضة في غفلة عنا تنظم صفوفها وتستعد للانتخابات وتصفي حساباتها..؟ من سينقذنا من تشفي هذه الأغلبية التي استوطنت المجلس التأسيسي.. تذبحنا بهذه القوانين الجائرة.. تعمق الفقر وتحكم بالحرمان وتنأى عن القسطاس.. من ينقذنا من هذه الأغلبية التي تناست أن من أهم أسباب ثورة التونسيين على بن علي إثقال كاهلهم بالجباية التي حولت صورة البعض من رموز النظام السابق إلى مجموعة مصاصي دماء؟ فهل يعقل ان تصوّت أغلبية انتخبها الشعب واحتمى بها مهما كان انتماؤها السياسي والإيديولوجي على الترفيع بنسبة 25 الى 50 % تقريبا في نفس الوقت من سعر تذاكر النقل الجوي والبحري واستخراج وتجديد جوازات السفر وبطاقات التعريف الوطنية وشهادات الفحص الفني للسيارات ومعلوم الجولان والضريبة على الدخل للأشخاص الطبيعيين وللشركات وتسجيل العقود وغيرها... ان إصرار الأغلبية من أعضاء المجلس التأسيسي أول أمس الأربعاء على تمرير بعض فصول مشروع قانون المالية لسنة 2013وخاصة منها الفصل50 المتعلق بتحيين تعريفة معلوم الطابع الجبائي – مع حفظنا لحق البعض الذين رفضوه بشدة – كان حقا القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد صوتوا على إدامة الأسى وشرعوا الظلم ووسعوا شرايين مص الدماء وتناسوا "قصدا " انه من بين ما تأمّله الشعب التونسي من ثورته وانتظر ان يتحقق هو ان يتم رفع الظلم عنه وتعديل معاليم الجباية أو على الأقل تجميدها بعض السنوات ليتنفس المواطن و"يغنم " -وعذرا على المصطلح- على الأقل البعض مما زهد فيه المنتصرون في الانتخابات من فتات ولكن هؤلاء النواب أبوا إلا أن يمعنوا في التشفي فينا وكأنهم ليسوا أهلنا ومنا وكأننا بهم لن يخرجوا من بين أسوار المجلس التأسيسي ولم يدرسوا يوما في كتب التاريخ أن من أهم أسباب ثورات الشعوب هي إثقال كاهل المواطن بالجباية وحرمانه من عرق جبينه. ان الترفيع في تعريفة معلوم الطابع الجبائي سوى بين البطال الذي لا يكف عن استخراج الوثائق وتجديدها لإعداد مطالب الشغل او وثائق السفر وعامل الحضائر وسائق سيارة الأجرة وصاحب الشركة والموظف والمقبلين على تسجيل كل أنواع العقود بما فيها عقود الزواج يزيد من الإحساس بالغبن والظلم حيث لم تراع الحكومة ولا نوابها الذين صوتوا جدة عهد المواطن بالثورة ولا عهدها باعتلاء سدة الحكم ولا تدهور القدرة الشرائية للتونسيين ودرجة الفقر والنسبة المرتفعة للبطالة. كل همّها في الموضوع هو ملء خزينة "الدولة" لتواجه نفقات لا علاقة للمواطن التونسي بها لا من بعيد ولا من قريب ولتدفع ما سمي ظلما ب"مستحقات" من انتفعوا بالعفو التشريعي العام وما استوجب عليهم دفعه للصناديق الاجتماعية للتمتع بجرايات التقاعد ممن يشتركون مع الأغلبية "الحاكمة " في المجلس الوطني التأسيسي في الانتماء. لقد انتظرنا ان يمتنع النواب الذين انتخبهم الشعب على التصويت على ظلم باعتبار انه من غير المعقول ان تدفع من خزينة الدولة مساهمات تقاعد من لم يعملوا ولم يؤدوا واجبا مهنيا طيلة سنوات ولم يساهموا في الرفع من منتوجية أية مؤسسة وان تتم معاملتهم وكأنهم كانوا في مهمات رسمية لم يكلفهم بها الشعب وإذا كانت حركة النهضة كلفتهم بذلك فهي الأولى بتسوية أوضاعهم وخاصة منها المالية تجاه الصناديق الاجتماعية حتى لا تثقل كاهل ميزانية الدولة وتعيد للشعب شبح امتصاص الدماء.