بقلم: الصّغير الصّالحي - اصدر المجلس الوطني التأسيسي منذ اشهر مشروعا لمسوّدة الدستور ثم نشر بتاريخ 14 ديسمبر 2012 المسوّدة في الصيغة التي توصلت اليها اللجان التأسيسية. فيما يلي نقدم قراءاتنا لما جاء في الباب الثامن من المسودّة تحت عنوان السلطة المحليّة و المتعلق باللامركزية. ملاحظات اوّلية 1/ تتشبث المسوّدة الحالية بعنوان السلطة المحليّة وهو عنوان لا يغطي موضوع الباب أن الإصرار بل التّعنت على اعتماد عنوان متحفّظ وقابل للتأويل يطمس معالم الإصلاح ومثير للتوّجس. نقترح ادراج عنوان اللامركزية و السلطات المحلية وهو مصطلح يتجذّر في دوافع الثورة ويلاقي شبه اجماع في الاوساط الشعبية والسياسية وفي الدوائر الاقتصادية والاجتماعية. 2/ وردت في النص بمعنى التوازن بين الجهات مرّة واحدة بصفتها قضيّة ينظر فيها المجلس الأعلى للجماعات المحلية والذي لا تعرف صلاحياته ولا وضعه الدستوري مما يفيد عمليا تنصّل السلطة المركزية دستوريا من كل مسؤولية أو التزام بالعمل على تقليص الفوارق وتوازن التنمية بين الجهات. 3/ يتميّز الباب الثامن من المسودة بتأثره واستلهامه نصّا ومعنى في عدد من فصوله من الباب التاسع من الدستور المغربي المؤرخ ب29 جويلية 2011 الذي يحمل عنوان الجهات والجماعات الترابية الاخرى؛ وفي هذا السياق نبدي الملحوظات التالية: يعتبر الدستور المغربي من افضل الدساتير العربية إلا أنه حديث وتفعيل بابه التاسع لم يكتمل بعد ولا نعلم حظوظ نجاحه عبر الممارسة كما لا نعرف طبيعة الاشكالات التي قد تعترضه. مع تعدّد أوجه التشابه، يختلف الوضع في المغرب في بعض جوانبه اختلافا جوهريا عما هو في تونس من ذلك مسألة الصحراء الغربية مما يدفع للتساؤل عن وجاهة الاستلهام. ملاحظات حول الفصول و اقتراحات 4/ الفصل 132: لا يحتوي النصّ على تعريف للسلطة المحليّة حيث وقع اسقاطها من دون تحديد سياقها كما لا يشير الى طبيعة اللامركزية ترابية أم إدارية؟ 6/ الفصل 135 : لا يشير النص الى طبيعة الصلاحيات التي تتمتع بها الجماعات المحلية ولا الى طريقة ضبطها؛ وفي هذا السياق نقترح التنصيص في هذا الفصل على ما يلي: مع احترام التشريع العام تتمتع الجماعات الجهوية بسلطات ترتيبية في المجالات التالية. التصرف والانتداب في القطاعات الخدميّة العمومية. تحديد توقيت العمل للوظيفة العمومية والعطل الجهوية. اخذ اجراءات و تدابير على مستوى الإقليم لتحفيز الاستثمار ولتنشيط الاقتصاد في الجهة. فرض ضرائب وإقامة إتاوات جهوية . المساهمة في التخطيط وفي تنفيذ المشاريع التنموية والاجتماعية. 7/ الفصل 137: يكتنف الغموض نصّ هذا الفصل حيث لا يحدّد الاطراف المتضامنة كما لا يوضح الدوافع أو الاهداف المنشودة من تكريس مبدإ التضامن وهو تراجع عما جاء به مشروع المسوّدة في صيغته السابقة حيث حدّد الأهداف بتقليص الفوارق .. وتحقيق التنمية المتوازنة. 8/ الفصل 140 : يستثني النص الجماعات المحلية من إعداد مخططات التنمية كما يقصيها من التنفيذ . تبقى بالنتيجة مهامّ اعداد المخططات وتنفيذها من الصلاحيات المحتكرة من السلطة المركزية. لا نرى فارقا بين النصّ المقترح وما هو قائم منذ الاستقلال. 9/ الفصل 143: يحدّد نص المسوّدة القضاء الاداري للبتّ في نزاعات الاختصاص الناشئة بين الجماعات المحليّة والسلطة المركزية. نعتقد ان بعض النزاعات تكون لها طبيعة دستورية من ذلك ان دلالة عبارة التنمية والتهيئة الترابية الواردة في الفصل 140 قابلة للتأويل وليس لها تعريف اداري اوقانوني بل هي مصطلح سياسي اقتصادي يخرج البتّ فيه عن اختصاص المحكمة الادارية. نقترح الصياغة التّالية :حسب طبيعة النزاع، يبت القضاء الاداري أو المحكمة الدستورية في النزاعات المتعلقة بتنازع الاختصاص التي تنشأ.... ملاحظات عامة 10/ شكلا، يتميّز النّص بالوهن في البناء وبالقصور في دلالة بعض فصوله، كما يستحسن اعادة صياغة بعضها. 11/ يؤسس النصّ للامركزية شكليّة و ضعيفة تفتقد للصلاحيات ولا تتوفر على الضمانات الدستورية لتفعيلها. لا يحدد النص أطر التفاعل بين بالسلطة المحليّة والسلطة المركزية ولا يضع ظوابط لها . 12/ مع تثمين بعض الاجتهادات يبقى النص المقترح دون المأمول ولا يرتقي الى تطلعات الجهات التي عانت من حيف وغطرسة السلطة المركزية بل هوأقرب منه الى حالة ترميم لنظام مركزي يحتكر مفاتيح التنمية من حالة تأسيسية نشأت في اعقاب ثورة انطلقت من الجهات بالمختصر المفيد لا ينسجم النص المقترح مع روح الثورة.