اعتبر بعض أعضاء المجلس الوطني التأسيسي أن تعديل النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي بالصيغة التي عرضت للنقاش صباح أمس تحت قبة المجلس الوطني التأسيسي يمثل في جوهره تكريسا للاستبداد وللديكتاتورية التي تختفي وراء القانون. الجلسة العامة الصباحية التي رفعت جراء عدم اكتمال النصاب تعرضت الى التقرير الذي أعدته اللجنة الخاصة للنظام الداخلي والحصانة حول مقترح تنقيح النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي الذي تطرق إلى عديد المسائل على غرار حفظ النظام والغيابات في الجلسات العامة. ويهدف التنقيح المزمع إدخاله على أحكام الفقرة الرابعة من الفصل 126 إلى الحد في الجلسات العامة من خلال اقتطاع جزء من المنحة المسندة إلى النائب إذا تغيب دون عذر على 3 جلسات متتالية عوضا عن الصيغة الحالية التي تسمح بالاقتطاع في صورة التغيب لثلاث جلسات في نفس الشهر . كما شمل التعديل أيضا مزيد ضبط صور الإخلال بالنظام في الجلسة العامة والإجراءات المتخذة بشأنها وقد تم الاتفاق حول 4 فصول جديدة تلغي وتعوض الفصل 100 الحالي وهي الفصول 100 جديد و100 ثانيا و100 ثالثا و100 رابعا وتتطرق بالخصوص إلى الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتصدي للإخلال بالنظام العام والجهة المخولة لاتخاذ هذه الإجراءات وصور الاخلالات بالنظام مع تدقيقها تفاديا لكل تأويل. أما الإشكالية الكبرى لدى بعض النواب فتتمثل في الفصل 104 الذي يتعلق بدور الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة في إعداد الصيغة النهائية لمشروع الدستور، إذ أكد المقرر العام للدستور وفقا لتقرير اللجنة الخاصة للنظام الداخلي والحصانة خلال جلسة استماع على عدم وضوح النظام الداخلي بخصوص إعداد الصيغة النهائية لمشروع الدستور مقترحا مزيد توضيح دور الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة واعتبر أن الأحكام الحالية للنظام الداخلي لا تمكن الهيئة من التفاعل خاصة مع مقترحات المجتمع المدني لتقرر اللجنة تنقيح المطة الثالثة من الفصل 104 بحيث يتم إعداد الصيغة النهائية لمشروع النواب بالاستناد إلى مشروع النهائي المقترح من اللجان التأسيسية وملاحظات الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة ومقترحات أعضاء المجلس في النقاش العام حول المحاور ومقترحات المواطنين والمجتمع المدني من خلال الحوار الوطني والمقترحات التاليفية للهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة. سلطة تقريرية وتبعا لذلك اعتبر بعض النواب أن المطة الأخيرة من هذا الفصل تقصي اللجان التأسيسية مؤكدين على ضرورة تشريكها في التفاعل مع مقترحات المجتمع المدني. وأشارت في هذا السياق النائبة سامية عبو إلى أن التعديل منح سلطة تقريرية لهيئة التنسيق والصياغة وفي المقابل فانه لا دور يذكر للجنة التأسيسية فضلا عن أن كل الإيضاحات في باقي الجلسات القادمة لن تأخذ بعين الاعتبار وإنما ستتولى النظر فيها هيئة التنسيق والصياغة مشيرة إلى أن هذه الهيئة تجاوزت صلاحياتها. وأوضحت أن هذه الهيئة اكتست صبغة سياسية استنادا إلى أنها تنظر في المقترحات دون الرجوع إلى اللجان مؤكدة في جانب آخر أن التعديل منح سلطة واسعة لمكتب المجلس لفرض النظام في الجلسة العامة دون أن يذكر ماهو هذا النظام وهو ما يفتح بابا لاستبداد المجلس. هرم لمقاومة الديمقراطية من جهة أخرى اعتبر النائب سليم عبد السلام أن التعديل المزمع إدخاله على النظام الداخلي بشان مبدأ تقديم التعديلات فيما يتعلق بالجلسات العامة ( إذ توجهت اللجنة نحو اعتماد عدد ادني من النواب لتقديم مقترح التعديل تم تحديده ب 3 نواب على الأقل كما انه تمت مناقشة إمكانية اعتماد 10 نواب على غرار مقترحات القوانين أو 5 نواب على الأقل لتقديم التعديلات) إقصاء النواب من خلال هذا التعديل، وهو بمثابة هرم لمقاومة الديمقراطية مؤكدا في نفس الاتجاه على ضرورة تمكين النواب من بعض الوسائل التقنية حتى يتسنى لهم العمل في أحسن الظروف. أما النائب صالح شعيب فقد تساءل عن أسباب تنقيح النظام الداخلي في هذا الوقت بالذات مؤكدا أن هذا الإجراء الغاية منه التمديد في سير أعمال المجلس التأسيسي استنادا إلى انه يفترض قيام استحقاق انتخابي جوان القادم وبالتالي كان الأجدر العمل بالنظام الداخلي القديم مؤكدا رفضه التنقيح الذي يخدم المجلس على حساب الشعب. واعتبر النائب إبراهيم القصاص أن تعديل النظام الداخلي في هذه الظرفية بالذات الغاية منه تكميم الأفواه لا غير لا سيما ان الجلسات القادمة ستشهد مناقشة فصول الدستور. تكريس للديكتاتورية وواضح النائب هشام حسني أن هذا التعديل يكرس لديكتاتورية التي تختفي تحت القانون فهو يهمش النواب الغير منتمين للكتل والذين يمثلون ربع نواب المجلس التأسيسي كما يمنح صلاحيات اللجان التأسيسية إلى هيئة التنسيق والصياغة.