بقلم: محمد الأسعد بنحسين - اعتدنا بتونس على أنّ مفهوم السيادة يعني الذود عن حدود الوطن وصيانة أمنه الداخلي والخارجي بالمظاهر العسكرية والبوليسية،عقليتي بورقيبة وبن علي ؟ وتعودنا ان تكون وزارات السّيادة، هي وزارة الدّفاع والداخلية والخارجيّة واستمرهذا الغياب صارخا لدى التونسيين حتى اليوم لما يُسمّى بالسيادة اللّغوية، أي اعتباراللّغة العربية الوطنية رمزًا لسيادة البلاد التونسية، مثلها مثل العَلم التونسي وبقيّة معالم السّيادة التي تتبنّاها اليوم الأقطار الصّغيرة والكبيرة في العالم. فمثلا، تتبنّى المجتمعات المتقدّمة مبدأ السّيادة اللغوية عقيدةً مقدّسة لا تقبل التّشكيك فيها أو التعدّي عليها وهذا ما نلاحظه في الاتّحاد الأوروبي الذي يضمّ أكثرَ من عشرين دولة تحترم فيه بالتساوي لغة أكبر الأعضاء كألمانيا وأصغرالأعضاء كمالطا، إذ اللّغة هي رمز لسيادة كلّ واحدة منها ولا يجوز التّنازل عنها فلماذا لاتكون وزارة التربية ضمن وزارات السيادية، او لعلّه حدّ أحمر لا يمكن تفعيله! الدولة التونسية لم تفرض العربية كلغة رسمية إلا في دستورها، أي نظرياً، وهذا ليس مِنّة من احد .. لكن لغايات كان يعلمها بورقيبة رضوخا للواقع ولو ترك الامر لبورقيبة لتم تنزيل الفرنسية محل العربية في الدستور ، بورقيبة ذلك الرجل ذو الهوى الفرنسي ولعله المنبت كذلك ...!وكذلك حفظها التاريخ بان شيوخ تونس آنذاك وفقهاؤها كانت لهم اليد العليا وكان يرهبهم بورقيبة ويخافهم .. في الواقع، فهي لغة غير موجودة، لا في سوق الشغل، ولا في الإدارة، ولا في المعاملات الاقتصادية، ولا في واجهات المَحَلَّات التجارية، ولا الاذاعات ولا القنوات وعن هذه حدث ولا حرج .. الخلل ليس، إذن، في اللغة، في السياسيين، في الشعب ورجال الأعمال، وأصحاب الشركات، وشركات الدعاية والإشهار، ومن يُرَوِّجون لِلُغاتٍ غير لغتهم، هؤلاء الذين يحتقرون اللغة العربية، ويعتبرونها لغةً ميتة وجامدةً، وهذا جَهْلٌ بالعربية، وحَرْبٌ عليها، من قِبَل الدولة، ومن المُتَنَفِّذِين فيها، من أصحاب المال. مشكلة العربية اليوم، هي مشكلة مَنْهَج، ومشكلة إرادة سياسية في فرض العربية كلغة ضرورية للمعرفة والتكوين العلمي والثقافي، وفي اعتبارها لغة مُتَجَدِّدَة، قابلة لمسايرة العصر، والاستجابة، بما يكون فيها من انشراح، وقدرة على الإبداع، لمختلف المُسْتَحْدَثات، والابتكارات، والإنصات للنصوص الإبداعية، بما تقترحه من تراكيب وصور، وما تنحته من مفردات ، طبعا سيترتَّب عن التفريط في إهمال اللغة، إفراط الدولة نفسها، رغم ما تشير إليه، دساتيرها وقوانينها، بشأن العربية، باعتبارها اللغة الرسمية للبلاد، وبالشارع باعتبارها لغة غير ذات جدوى، أوعُملة لا تقبل الصَّرْف. شنت فرنسا منذ احتلالها للجزائر العربية سنة 1830 حربا لا هوادة فيها ضد اللغة العربية ، فأغلقت المدارس التي كانت مزدهرة قبل الاحتلال ، ثم اعتبرت اللغة العربية أجنبية حرم استعمالها في مصالح الحكومة وكانت فرنسا تعاقب كل من ينشئ مدرسة لتعليم اللغة العربية . أما المدارس التي أنشأها الفرنسيون فكانت كلها مدارس فرنسية وكانت الجامعة الجزائرية التي أنشئت عام 1887جامعة فرنسية أيضا، ولا يدخلها من الجزائريين إلا من تكون له حظوة لدى المحتلين الاجانب وكما بذل الفرنسيون جهودا كبيرة وقاموا بأعمال مستمرة لتنصير بعض أبناء القرى الجزائرية، وهدم المساجد وتحويلها إلى كنائس . وفي يوم 8 مارس 1938 أصدر السيد " شوطان" الفرنسي قرارا يقضي باعتبار اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر، وكان القرار في حقيقته امتدادا للقانون السابق صدوره في 24 ديسمبر 1904 الذي يمنع تعليم العربية في جميع مدارس الجزائر ... أمّا في بلاد العرب الاخرى كمصر دعا اللورد " دفرين " البريطاني سنة 1883 إلى محاربة العربية والاهتمام باللهجات العامية وسار على نفس النهج " ولييم ديلكوكس " سنة 1892 وكان " ديلكوكس " هذا يعمل مهندسا للري في مصر فقام بترجمة الإنجيل إلى ما أسماه باللغة المصرية وتبعه القاضي الإنقليزي "ولمور" الذي عاش في مصر وألف سنة 1902 كتابا باسم لغة القاهرة واقترح فيه قواعد نصح باتخاذها للعلم والأدب، كما اقترح كتابتها بالحروف اللاتينية. وكان الهدف من بذل كل هذه المجهودات هو القضاء على لغة القرآن ، لغة الإسلام الوحيدة وتحقيق حلم " ولييم جيفور دبلغراف" الذي قال: ( متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في قبول الحضارة المسيحية التي لم يبعده عنها إلا محمّد وكتابه !) إنّ محاربة العربية تسيرالآن حثيثا بمساعدة متغربين من ذوات جلدتنا إضافة الى السعي المسعور من الغرب في التقليل من أهميتها وإن كان المقام لا يسمح بذلك لكن سأرسل بإشارات تاريخية هامة موغلة في القدم ولها صلة بموضوعنا الحالي ،إن بناة الاهرامات بمصر ليسوا الفراعنة ، ذلك ان الاستعمار يريد تغييب مصرعن عالمها العربي واستبدال هويتها العربية التي هي توأم لبداية التاريخ وتوأم اللغة العربية ،التاريخ المسطور الآن هو تاريخ مزيف... على كل، فكل ما ينقصنا معرفته لبناة الاهرام هو أن السبب الغامض لقوة تلك الحضارة الجبارة التي تُعَد أعتى الحضارات قاطبة يتلخص في عملقة أجساد شعبها، إذ لم يكن هناك تقدم تقني والمباني كلها حجرية ولا يوجد أثر لجهاز أومعدن أوأي مادة غريبة، حيث مكنتهم قوتهم الجسدية بسبب حجمهم الضخم من تكسير وشطف ونقل ورفع وترصيص تلك الحجارة العملاقة والدلائل كثيرة وشديدة الوضوح فانظروا إلى حجم مكونات الأبنية من الحجارة العملاقة بالأهرامات بينما اجساد الفراعنة بمستوى طول اجسادنا!! يتبع .....