أجّلت أمس المحكمة العسكرية الإبتدائية الدائمة بصفاقس النظر في قضية شهداء الدقاش إلى جلسة يوم 21 جانفي الجاري بعد انسحاب المحامين القائمين بالحق الشخصي من جلسة كانت مقرّرة من أجل المرافعة وذلك بسبب احتجاج عائلات الشهداء على اجراءات الدخول إلى المحكمة المعتمدة من الطرف العسكري فيما شهدت الجلسة و لأوّل مرة تضامنا بين النيابة العمومية وهيئة الدفاع في المطالبة بدسترة القضاء العسكري. قرار التأجيل جاء بعد أقل من ساعة من انطلاق الجلسة التي لم يلتحق بها أهالي الشهداء وهو ما لفت إليه الإنتباه الأستاذ شرف الدين القليل المنوّب عن القائمين بالحق الشخصي طالبا من هيئة المحكمة السماح للأهالي بالدخول إلى قاعة الجلسة مندّدا بالإجراءات التي اتخذت لاصطفاء الحضور بالمقارنة مع التكاليف المادية والبدنية و المعنوية التي يتكبّدها هؤلاء في تنقّلهم من دقاش إلى صفاقس، وهو ما أيدته المحامية ليلى الحدّاد بتشبيهها تلك الإجراءات بإجراءات الدخول إلى "ثكنة لا إلى محكمة عسكرية". إجراءات عطّلت الجلسة وكيل الجمهورية بالمحكمة العسكرية الإبتدائية الدائمة بصفاقس و بوصفه ممثّل النيابة العمومية اعتبر أنّ الإجراءات التنظيمية المتّخذة في عمليات الدخول إلى المحكمة وقاعة الجلسة تقوم على مبدإ التحرّي في الحضور من قِبل الأمن العسكري منعا لكلّ أشكال التشويش والإثارة المخلّة بالسير الطبيعي للجلسة أو ربّما الماسة بهيبة المؤسسة والقضاء العسكري، وطالب في حديثه ل"الصباح" بضرورة دسترة المحاكم العسكرية محذّرا من مغبّة التغافل عن هذا المطلب الذي سيوقع كلّ محاكمات الشهداء وضحايا الثورة وأحداثها وأحكامها والجارية منها بما في ذلك محاكمات بن علي وأعضاده في باب المزايدات باعتبارها محاكمات استثنائية في نظر الملاحظين الدوليين و الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية معتبرا أنّ عدم التنصيص على دسترة القضاء العسكري للسلطات أو ربّما في الدستور القادم يمكن أن يمسّ بحجّية الأحكام الصادرة عن المؤسسة العسكرية بوصفها متخصّصة في الشؤون العسكرية والضامنة للمحافظة على خصوصية الحياة العسكرية. وهو ما نفاه شقيق الشهيد عبد القادر المكي رئيس جمعية "لن ننساكم"علي المكي في تصريح ل"الصباح" مبيّنا أنّ وفد الأهالي تكبّد عناء التنقّل ومنذ الليلة السابقة للمحاكمة على متن سيارة أجرة "لواج" لا يتجاوز راكبوها ال9 باعتبار السائق فضلا عن سيارة أخرى وعلى متنها 4 أشخاص وبالتالي فإنّ عدد الحضور لا يتجاوز ال13 شخصا حسب تصريحه وهو ما لا يبرّر تلك الإجراءات الإحتياطية "المهينة" في نظره. وبعد تدخّل ممثّل القائمين بالحق الشخصي لدى رئيس الجلسة وتكفّله بضمان السير الطبيعي للجلسة سمح رئيسها بدخول الجميع، إلاّ أنّ الأهالي احتجّوا على تلك الإجراءات واتخذوا موقفا سابقا بعدم الإلتحاق بالقاعة رافعين بطاقات هويتهم و شعارات"أوفياء أوفياء لدماء الشهداء" و"الشهيد خلّى وصية لا تراجع عالقضية" و في ظل هذه التطوّرات انسحب محامو الحق الشخصي متعلّلين بمقتضيات "عقد الوكالة في بعديه القانوني والأخلاقي" حسب وصفهم، وهو ما دعا لسان الدفاع في شخص الأستاذ عبد الرحمان الجبنوني إلى الإعتذار عن المرافعة في ظل معطى الإنسحاب فيما لفت الإنتباه إلى أهمّية دسترة القضاء العسكري تأييدا منه لما جاء على لسان النيابة العسكرية في مفتتح الجلسة مطالبا بالتأجيل من أجل الإطلاع على تقرير المكلّف العام بنزاعات الدولة وتقارير القائمين بالحق الشخصي و كذلك التحرير على الشاهد المضاف إلى ملف القضية من قِبل القائمين بالحق الشخصي.