- من يعتقد أنّ الرأسمالية -وفكرها الليبرالي- حلٌ لمشاكل تونس فقد ضلّ وأضلّ... ولن يُكتب لمشروعه النجاح، فقد تناسى أنّ أساليب القهرالنوفمبري (بوليس، ميليشيات، جوسسة، تعتيم إعلامي وتزييف، كبت للحريات النقابية.. مطلبية وحق الإضراب..) ولّت دون رجعة.. فالشعب الذي حررنفسه بنفسه لا يرضى بعودة الإذلال والعبودية والاحتياج والقهر..إنّ الحرية بقدرماكانت غايته فهي ايضا وسيلته!.. أما الحرية المجردة-التي لا تمثل سوى33%من شعارالثورة!- فهي "كعك ما يطيّرجوع"لأنه: في الحاجة تكمن الحرية. أما الذين يتعللون ب"نجاح" هذا المنوال في الدول "المتقدمة"فهم يتناسون-عن قصد أودونه - حقيقة هذه البلدان... التي لم تصل الى ما وصلت اليه من "رقي" إلا عبرمص دماء الشعوب غزوا واحتلالا واستعبادا وحروبا كونية طيلة قرون. هذه الدول التي تستحوذ الآن على الجانب الأكبر من الاقتصاد الكوني- رغم اقليّتها في التعداد السكاني- هي بداهة عاجزة عن الاستمرارلولا وجود دول متخلفة فاقدة ل"مخالب وأنياب تكنولوجية " تشتري منتوجاتها المتراكمة كالورم السرطاني ..تماما كما السباع-التي ليست سوى عدد من الخرفان المهضومة- ستعجزعن الاستمرار (وقد تتحول الى قردة آكلة جوز وموز) لو برزللخرفان وللحمير بدورها أنياب ومخالب ..! والليبرالية، من ناحية تاريخية ، برغم انتهازيتها وتدجينها وتوظيفها للعبقرية البشرية، ناهيك عن مجهوداتها، فإنّ قبحها مازال الى الآن بائنا مكشوفا، قبحٌ خلده الفلاسفة والحكماء ومنهم الأدباء: تولستوي.. ديكانز.. وهيغو. إنّ عالَمًا يأتمّ بالليبرالية هو عربة ضالة، يجرّها كادحون و " عباقرة" ويقودها شياطين..مآلها تدميركل شيء حتى البيئة الكونية ناهيك عن الروح الإنسانية.. ومنتهى قولنا أنّ الذين يصرون على المنوال الرأسمالي"لتحقيق أهداف الثورة" - وهوالذي أشعل الثورة!- عنيدون يفتّشون عن الظهيرة في منتصف الليل ..إنه منهج التهميش والبطالة والاقتتال والحسد والبغضاء والاختلاس والتحيّل والجريمة.. منهج مفلس لاحت "تباشيره" من تشغيل أصحاب الشهائد في جني الزيتون..وليبيا!.. إنّ المنهج الذي ندعواليه هو البحث عن حل موضوعي عقلاني ، دون إنحراف عن روح الإسلام وآدابه.. وعلاوة على التيارالقومي، تعج الساحة السياسية بعديد الأحزاب والتيارات لكن يتميّزمن بينها جميعا تيّاران بشعبية وبريق خاص: التيارالإسلامي والتياراليساري. ورغم تعاكسهما الظاهري فإنه يجمع بينهما البحث الجاد عن الحلول الجذرية لقضية الوطن.. ولكن لكلٍّ أسلوبه! فأما التيارالإسلامي- وهو صنفان-:صنف يرى الإصلاح بالتربية والتهذيب والتثقيف-القلم- وصنف يراه بالسياسة-الصندوق أوحتى السيف-. وأما التياراليساري فيراه بطريقة معاكسة ، هي إشباع الحاجات-أي الميزان-. وهكذا نرى أربعة اصناف: قلمٌ وصندوق وسيف وميزان!..وفي تقديري -السيف- أوحتى -الصندوق- هي أساليب "غير.. إسلامية تماما". فمن ناحية: القهرليس من وصايا الإسلام( ملاحظة: غزوات الرسول لم تكن بغاية"القهر"وإنما فرضتها الظروف- ،فقد كان العرب يفتقرون الى غطاء دولة توحدهم خلاف غيرهم من الشعوب، وهكذا فإنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قد اضطلع للضرورة برسالتين!)، ومن ناحية ثانية -الصندوق- يتعارض مع الحكمة الإسلامية (واحد كألف وألف كأف). فالأقرب الى الإسلام هو-القلم- ملاحظة: الإسلام ،باعتباره يدعوالى كل الفضائل فهو طبعا يأخذ بكل هذه المناهج (القلم والسيف والميزان وحتى الصندوق) التي ليست سوى ألوان في طيفه المتكامل . أمّا في ما يخص مصطلح الاشتراكية فنقول: أولا إنّ الإسلام اشتراكي بامتياز- تماما كما هو ديمقراطي بأمتياز - ويتأكد هذا واضحا من جميع النصوص والسيرة.. ولكن جوْرالملوك الذين ( إِذَا دخلُوا قرْيةً أفسدُوهَا وجعلُوا أَعِزّةَ أهلِها أذلّةً..) هوالذي أسس لتقاليد شوهت الإسلام فصارت الديمقراطية "حرام" وكذلك النظام الجمهوري!..وهكذا انطبع عند الكثيرين تصورالملوك هُم"الأقرب"الى الإسلام!..فهل بعد هذا التشويه من تشويه ومن قلب للحقائق!!! وثانيا -وهوالأهم- نحن لا نملك تصورا أونموذجا جاهزا، بل نحن لا نؤمن أصلا بوجود نماذج جاهزة، وإنما فقط نرى الحل عبر دراسة معمقة جادة تأخذ بعين الاعتبارالعناصرالأساسية الثلاثة:الوضع الداخلي-الوضع الخارجي-والعقلية والتطلعات الشعبية.(طبعا دون إغفال الدراسات والتجارب السابقة وتجاربنا وتجارب الشعوب(. إنّ قضية العدل الاجتماعي قضية محورية لا يمكن أن تُعالَج اعتباطا أو إسقاطا، إنها شبيهة تماما "بكتابة الدستور"..بل أعمق بكثير! فتوجد دول قوية "بلا دستور" بينما لا وجود لعمران بشري بلاعدل. إنّ أهم ما في الاشتراكية هو ضمانها للسلم الاجتماعي بيت القصيد..وهوإذا ضاع فلا سبيل الى عودته إلا بالفضيلة في منتهاها...أوبالعنف في منتهاه!.. لقد استشرت الفوضى والعدوانية والبلطجة والتجارة المحظورة من مختلف أصناف المخدرات والجريمة حتى صارت "ثقافة"..ويشهد على هذا إكتظاظ السجون ..واكتظاظ زوارق الموت..زمن الثورة الشعبية.. ناهيك عن مختلف أساليب الاسغلال والمضاربة ومص الدماء والتهرّب والانتهازية..إنّ الاشتراكية لا غنى عنها لترسيخ الروح الحميمية وإيقاظ نوازع الخيروالتطوع..(وطبعا هذا لا يتأتى في مناخ من التجاذب ومن"التدافع" الحزبي الليبرالي اللعين!..(. اخيرا نؤكد على أمورثلاثة : الأول هوأن الشعب التونسي، وخاصة الشباب، مؤهل جدا للنمط الاشتراكي، والدليل مساعيه الملفتة للانتباه في البحث عن وظيفة عمومية، وهوما اشتكت منه جميع "حكومات الثورة". والثاني هوأنّ أعدادا كبيرة جدا من أصحاب رأس المال "الجبان" قد سحبوا اموالهم..للاستثمارخارج الوطن زمن محنته!..فلماذا هذا التبجيل والتذلل لهم واستصغارالشعب صانع الثورة..والثروة! والثالث هوأن شعبنا لمّا عزم على الثورة لم يستشردوائر الوصاية والنفوذ الخارجي ..وهي التي ب"حكمتها" أوصلته الى هذا المطب. قومي مستقل