لولا الارادة السياسية وتعاون العميد والهيئة ما تحقق حلم التغطية الاجتماعية للمحامين قال السيد البشير التّكاري وزير العدل وحقوق الإنسان أنّ حلم التغطية الاجتماعية للمحامين ما كان له أن يتحقّق لولا الإرادة السياسية الطموحة وكذلك روح التعاون المثمر التي أبداها الأستاذ البشير الصّيد عميد المحامين وأعضاء الهيئة الوطنية للمحامين في مختلف فترات الحوار مع الوزارة بشأن إعداد نظام التغطية. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها بمناسبة انعقاد الندوة الوطنية للمحامين التجمعيين عشية أول أمس الأربعاء بدار التجمع الدستوري الديموقراطي بالعاصمة حول الإجراءات الرئاسة الجديدة لفائدة المحامين وذلك بحضور السيد الهادي مهني الأمين العام للتجمع. وبيّن الوزير أنّ الرئيس زين العابدين بن علي راهن منذ التحوّل على الرفع من مكانة المحاماة وشأنها كأحد أهمّ مكوّنات الأسرة القضائية الموسعة ودعم استقلاليتها وحمايتها مشيرا في هذا الشأن إلى ما تم اتخاذه على امتداد سنوات التغيير من إصلاحات هامّة لفائدة هذه المهنة وكانت أولى المحطات الإصلاحية تنقيح القانون المتعلّق بتنظيم مهنة المحاماة الذي أقرّ استقلالية هذه المهنة وتسييرها من قبل هيئة مهنية مستقلة. حوار وتعاون وأوضح أنّ الحوار مع الهيئة الوطنية وروح التعاون التي أبدتها ساعدت كثيرا على حسن تنفيذ المبادرات الرئاسية المتخذة لفائدة المحامين رغم أنّ بعض العناصر التي ساءها تواصل الحوار بشكل طبيعي سعت بكل الطرق لعرقلة الحوار وتوظيف هياكل المحاماة خدمة لأغراض سياسويّة مبيّنا أن المبادرات الإصلاحية المقرّرة لفائدة المحاماة منذ نوفمبر 2002 بلغ عددها حتى اليوم 17 قرارا مبرزا أهمية الإصلاحات الأخيرة التي شملت هذا القطاع ومن أهمها إمضاء رئيس الدولة الأمر المتعلق بتنظيم وتسيير صندوق التقاعد والحيطة مؤكّدا أنّ هذه التغطية مطلب ملح انتظرته أجيال متعاقبة من المحامين، وبسبب غياب التغطية الصحيّة في السابق وجد بعض المحامين ممّن داهمهم المرض أنفسهم في وضعيات محرجة أمام تكاليف العمليات الجراحية الكبرى والأمراض الثقيلة. وأشار إلى أنّ الصندوق يقدّم خدمات جليلة للمنخرط وعائلته ويأخذ بعين الاعتبار مختلف الحالات والفرضيات ويضمن السرعة في إسداء الخدمات مبيّنا أن التغطية الاجتماعية هي خيار وطني إذ تشمل قرابة 90 بالمائة من التونسيين لذلك فإنّ المحامين لا يمكن أن يكونوا بمنأى عن هذا التوجه العام. مزايا نظام التغطية الاجتماعية وقد أقرّ النظام الجديد للتغطية الاجتماعية تولّي الصندوق إسناد جراية التقاعد وجراية العجز وجراية الأرملة والأبناء القصّر ومنحة الدفن وجراية العجز الوقتي ورأس المال عند وفاة المضمون أما التغطية الصحية فتشمل أساسا معالجة المنخرط وأفراد عائلته والتكفّل بمصاريف الدّواء وأجر الطبيب ونفقات التحاليل البيولوجية والكشوفات والإقامة بالمستشفيات والمصحات الخاصة ومصاريف الولادة وكذلك مصاريف العمال الطبيّة المكلفة كالعمليات الجراحية الكبرى ومعالجة الأمراض الثقيلة والمزمنة وغيرها علما أنّ تكفّل الصندوق بالخدمات الصحيّة سيتمّ وفق نسب استرجاع معيّنة أو على أساس تعريفات جزافية في حدود سقف سنوي تضبطه الهيئة الوطنية للمحامين على أن يتمّ التكفّل كليّا وبدون أيّ سقف بالمصاريف المرتبطة بالأمراض الثقيلة أو المزمنة وكذلك بنفقات العمليات الجراحيّة وبذلك يتضمّن هذا النظام أهمّ المنافع والمنح التي تؤمّنها عادة الأنظمة الوطنية للنظام الاجتماعي وذكر بالمبادئ التي قام عليها الصندوق وهي الشفافية والديمومة والشمولية مبيّنا أنّ الشفافيّة تشمل مراقبة حسابات كل من الهيئة والصندوق من قبل محاسبين مختصين بما يوفّر الضمانات الكاملة لحسن إدارة أموال الصندوق وإحكام توظيفها في حين يتعلق مبدأ الديمومة بضمان التوازنات المالية للصندوق. تمويل صندوق التغطية وأبدى الوزير الاستعداد الكامل للوزارة لمساعدة الهيئة الوطنية للمحامين على حسن تطبيق النظام الجديد للتغطية الاجتماعية وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والصندوق الوطني للتأمين على المرض الذي يضمّ خبراء في ميدان التغطية الاجتماعية والمراقبة الطبيّة لمصاريف التداوي وتحديد نسب الاسترجاع. وقد تمّ في هذا الشأن إقرار مساهمة سنوية للمحامي تقدّر ب300 دينار بالنسبة للمحامي لدى التعقيب و250 دينارا بالنسبة للمحامي لدى الاستئناف و100 دينار بالنسبة للمحامي المتمرّن إلى جانب إقرار الترفيع في طابع المحاماة بمقدار 6 دنانير لدى الناحية و12 دينارا لدى المحكمة الابتدائية و18 دينارا لدى الاستئناف والتعقيب. وبيّن الوزير أنّ مصادر التمويل هذه ستضمن للصندوق ديمومته وتوازنه المالي حتى يتمكّن من مجابهة الالتزامات المحمولة عليه خاصة على مستوى التغطية الصحية شأنه في ذلك شأن سائر صناديق الضمان الاجتماعي التي تتأتّى مواردها من مساهمات المنخرطين. وذكّر الوزير من جهة ثانية بالقرارات التي اتخذها رئيس الدولة لفائدة المحامين مباشرة اثر اعتماد نظام التغطية الاجتماعية من ذلك إقرار نيابة المحامي في جميع القضايا الجزائية وفي قضايا التسجيل العقاري الاختياري وتحيين الرسوم فضلا عن الترفيع في منحة التسخير مؤكدا العزم على إنجاح مختلف هذه الإصلاحات لفائدة المحامين. تجريم الممارسات غير المشروعة وسعيا لتوفير الحماية اللازمة لمهنة المحاماة من الممارسات غير المشروعة ومن المتدخلين غير القانونيين وخصوصا في مجال التسجيل العقاري أعلن الوزير عن إمكانية إصدار نص تشريعي يحرّم هذه الممارسات ويغلق الباب أمام المتطفّلين والدّخلاء. ولاحظ السيد البشير التكاري أن المعهد الأعلى للمحاماة الذي سيفتح أبوابه قريبا سيكون مؤسّسة مرجعية لتخريج محامين على درجة عالية من الكفاءة والحرفيّة بما يتلقّونه من برامج تكوينية متخصّصة في شتّى المجالات القانونية وخصوصا المستحدثة منها مواكبة للتطورات التي يشهدها الاقتصاد العالمي وبذلك سيسهم المعهد في الرّفع من مستوى كفاءة المحامين والارتقاء بالمهنة بما يجعل الدخول إلى المهنة عملية مدروسة تخضع بالأساس لمعايير الكفاءة المهنية وشفافية المناظرة وترتقي إلى مصاف النظرة الهيكلية بعيدة المدى التي يريدها الرئيس زين العابدين بن علي لمهنة المحاماة. وكان الأمين العام للتجمع أبرز في كلمة ألقاها في مفتتح الندوة أهمية الإجراءات التي أقرها رئيس الدولة لفائدة سلك المحاماة في مجالات التغطية الاجتماعية والصحية والحيطة وتوسيع تدخل المحامين والترفيع في منحة التسخير مؤكدا أن هذه الإجراءات تعد عنوانا بارزا للعناية الرئاسية الخاصة والموصولة بالمحاماة وبمشاغل رجال ونساء القانون من أجل تطوير أوضاعهم المادية والأدبية وضمان توفّر جميع الظروف الملائمة لأداء رسالتهم النبيلة على أفضل الوجوه. وقد عبر المحامون التجمعيون المشاركون في تدخلاتهم خلال هذه الندوة عن ابتهاجهم بالقرارات الرئاسية الجديدة لفائدة المحامين والتزامهم بمواصلة الاضطلاع بدورهم في تكريس دعائم دولة القانون والمؤسسات.