أوصى المرصد التونسي لاستقلال القضاء، وبعد عرضه للإشكالات المترتبة عن إقرار الفصل 78 من قانون المالية الجديد لسنة 2013 باعتبار الفصل المذكور مشوبا بعدم الدستورية والتصريح بإلغائه من قبل المجلس الوطني التأسيسي وفي نفس السياق اقترح تنقيح الفصل 121 من النظام الداخلي للمجلس الذي ينص على ضبط المنح الراجعة لأعضاء المجلس بقرار من رئيسه خلافا للتنظيم المؤقت للسلط العمومية. كما دعا المرصد في تقرير له اصدره أمس إلى مواصلة العمل بالأمر التطبيقي لقانون المالية لسنة 1989 المتعلق بضبط منح رئيس مجلس النواب وأعضائه وعند الاقتضاء إعداد مشروع أمر يتعلق بتعديل تلك المنح وإحالته على رئيس الحكومة باعتباره السلطة الإدارية الوحيدة المؤهلة لذلك. يجدر التذكير أن اقتراح الفصل 78 من قانون المالية قد تم في وقت متأخر من الليل بسعي من المقرر العام للدستور النائب الحبيب خضر، ورغم ما أثير من جدل كبير فقد تمت المصادقة عليه طبق الصيغة الأصلية بموافقة 79 نائبا ومعارضة 21 نائبا واحتفاظ 10 نواب بأصواتهم. وقال المرصد إن الظروف الاستثنائية الحافة بإقرار الفصل المذكور أدت إلى "إحداث التباسات لدى وسائل الأعلام والرأي العام إلى حد الاعتقاد بأن المجلس قد اقر زيادة في أجور النواب." وكان الفصل 78 من قانون المالية الجديد قد أثار إشكالات قانونية إضافة إلى الاحتجاجات التي رافقت ظروف المصادقة عليه. ولاحظ المرصد أن "التبريرات المقدمة كأسباب للنص الجديد تخالف مقتضيات القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية. وعلى هذا الاعتبار لا مجال للاحتجاج من قبل عدد من النواب بان المسألة هي مجرد إشكال إجرائي طالما تم بمقتضي الفصل 78 المذكور إسناد الاختصاص في ضبط المنح لرئيس المجلس الوطني التأسيسي خلافا لما يقتضيه التنظيم المؤقت أو أن الأمر يتعلق بضمان استقلالية المجلس الوطني التأسيسي في مواجهة السلطتين التنفيذية والقضائية دون اعتبار ان التنظيم المؤقت نفسه هو الذي يضبط العلاقات بين مختلف السلط ومجال تدخلها أو أخيرا القول بوجود فراغ تشريعي فيما يتعلق بجهة الاختصاص خلافا لما يقتضيه القانون التأسيسي." كما لاحظ المرصد أن قانون المالية لسنة 1989 الصادر بمقتضى القانون عدد 145 لسنة 1988 المؤرخ في 31 ديسمبر 1988 قد اقتضى في فصليه 72 و 73 أن رئيس مجلس النواب وأعضاءه يتقاضون منحا شهرية طيلة المدة النيابية تضبط بأمر وانه يجوز لأعضاء مجلس النواب وبطلب منهم أن تحدد منحهم على أساس الأجور والمرتبات والمنح التي يتقاضونها في رتبهم بالوظيفة العمومية أو المؤسسات العمومية أو الشركات الوطنية التي كانوا ينتمون إليها. إلا أنه أشار إلى أن الأمر التطبيقي الصادر في الغرض لم ينشر مما يعني أن تدخل رئيس المجلس الوطني التأسيسي بمقتضى قرارات لضبط منح النواب استنادا إلى أحكام الفصل 121 من النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي قد أوقع هذا المجلس في دوامة من الأخطاء القانونية كان من السهل تجنبها بمواصلة العمل بالأمر التطبيقي لقانون المالية لسنة 1989. كما لاحظ أن المصادقة على الفصل 78 من قانون المالية الجديد قد أدت إلى تعقيد الوضع التشريعي في هذا المجال بسبب ما ترتب عنها من مخالفات أساسية أهمها: الفصل لا يتطابق مع أحكام "الدستور الصغير" الذي اقر الاختصاص في هذه المادة لرئيس الحكومة دون غيره. إلا انه في ظل غياب هيكل يعنى بمراقبة دستورية القوانين فلا يمكن الطعن في الفصل رغم ثبوت عدم دستوريته، مع الإشارة إلى أن الفصل 35 من دستور غرة جوان 1959 كان ينص على أنه يمكن لرئيس الجمهورية باعتباره صاحب السلطة الترتيبية العامة آنذاك أن يدفع بعدم قبول أي مشروع قانون أو أي تعديل يتضمن تدخلا في مجال السلطة الترتيبية العامة، ويعرض رئيس الجمهورية المسألة على المجلس الدستوري ليبت فيها في أجل أقصاه عشرة أيام ابتداء من تاريخ بلوغها إليه. واستنتج المرصد بأن القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية بشأن ايقاف المنح المسندة لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي كانت حاسمة في اقتراح الفصل 78 المذكور وذلك بهدف تصحيح القرارات الصادرة عن رئيس المجلس بالرغم من عدم مشروعيتها. وأوضح بأن أحكام الفصل 78 تعتبر من أمثلة التصحيح التشريعي الذي يستهدف منع القضاء من إلغاء القرارات الإدارية والتصرفات الفردية لعدم مشروعيتها وهو ما يثير التساؤلات بخصوص طبيعة هذا التصحيح وتأثيره على القضايا المنشورة أمام المحكمة الإدارية. حسب ما جاء في تقرير المرصد.