بعد "الكوكتال" المناخي الشتوي الذي ميّز الحالة الجوية طوال الأيام الأخيرة تمازجت فيه برودة الطقس مع الرياح العاتية والأمطار المتفاوتة الغزارة توقعت مصالح الأرصاد الجوية عودة لاستقرار العوامل المناخية بداية من اليوم الأربعاء مع ملامسة أولى مؤشرات هذه التغيرات منذ مساء أمس. وتبعا للبيانات التي وافتنا بها مصلحة التوقعات الجوية بالمعهد الوطني للرصد الجوي يتوقع أن تنخفض سرعة الرياح بداية من مساء أمس لتنحسر سرعتها في أدنى مستوياتها اليوم كما ستشهد درجات الحرارة ارتفاعا طفيفا يأخذ في التحسن تدريجيا اليومين القادمين. وقد تميزت ليلة أول أمس بهبوب رياح قوية بكافة المناطق بلغت سرعتها القصوى بالقصرين 150كلم في الساعة وتراوحت في بقية المناطق بين 70و90كلم. أما الأمطار فكانت متوسطة وبلغ أقصاها 41مم ببنزرت أمس الأول. وبالرجوع إلى مصادر مطلعة بالحماية المدنية علمنا أنه لم تسجل حوادث بارزة أو انقطاعات لافتة للطرقات خلال فترة التقلبات الجوية الماضية. تجاوز مرحلة الخطر رغم تفاوت كمياتها وعدم تسجيل هطولات غزيرة فقد مكّنت الأمطار المسجلة إلى غاية أمس من تبديد شبح الجفاف الذي سيطر على الفلاحين طويلا جراء طول انحباس الغيث ليس فقط بمناطق الوسط والجنوب بل وكذلك بالشمال المهد الأصلي للزراعات الكبرى.وكانت معطيات صادرة عن وزارة الفلاحة منذ نحو الأسبوعين أشارت إلى النقص الحاد في مستوى الأمطار وإلى تراجع المساحات المبرمجة للبذر بشكل ملحوظ بمناطق الوسط والجنوب وهو ما يعني حصيلة زهيدة للحبوب في حال تمادى النقص. وكشفت المعطيات حينها عن بلوغ مستوى النقص 50بالمائة من مجوع كميات الأمطار المسجلة خلال العشر سنوات الماضية لا سيما بمناطق الوسط والجنوب.ولم ينجز من المساحات المبرمجة للبذر سوى 74بالمائة. ومع ظهور أولى زخات المطر واستقرار الطقس الشتوي عاد الأمل من جديد في تجاوز مرحلة الخطر بعد أن مكنت الكميات من تدارك وضعية النقص خاصة بالشمال حيث تجري المراهنة على 800ألف هكتار من المساحات لإنقاذ الموسم. ومن خلال تصريح مديرعام المعهد الوطني للنهوض بالزراعات الكبرى ل"الصباح" جاء تقييمه هذه المرة إيجابيا حول حصيلة الأمطار الأخيرة رغم كونها متوسطة وتأثيرها الطيب على استعادة الثقة في الموسم.وأفاد حليم بالحاج صالح في الصدد بأن كميات الأمطار تراوحت عموما من40إلى70مم حسب الجهات وهذه المعدلات من شأنها تلبية حاجيات النبتة في هذه المرحلة على أن يتم حسن تثمين العوامل المناخية بالتسميد والمداواة . وأشار إلى أن المزارعين انبروا إلى تثمين مساحاتهم وبادروا إلى تأمين حاجياتهم من مادة الأمونيتر. وبمجابهته بالاشكاليات التي يواجهها الفلاحون في التزود بهذه المادة بسبب النقص الحاصل في الأسواق،بيّن أن اضطراب التزويد تم تداركه وأمكن تأمين حاجيات القسط الأول من متطلبات عملية التسميد بل وتجازوت المبيعات الكميات اللازمة لهذه المرحلة حيث ارتفعت إلى 60ألف طن بدل 40 ألف طن التي تحتاجها عملية التسميد الأولى، مفسرا هذه الزيادة بعامل ضغط الطلب. وأعلن الحاج صالح أن حاجيات القسط الثاني والثالث سيقع تلبيتها بالكميات الوافرة بدخول وحدة التصنيع من جديد في العمل ووصول الباخرة المحملة بشحنة الأمونيتر المورد. في سياق متصل طالبت وزارة الفلاحة البنك الفلاحي التبكير في صرف القروض التكميلية للفلاحين منذ الآن لمساعدتهم على مجابهة تكاليف تثمين الموسم. أما بخصوص الوضع بالوسط والجنوب أشار المتحدث إلى أن المساحات المروية للحبوب والمقدرة ب40ألف هك من مجموع90ألف هك تمثل السند الرئيسي لإنقاذ الموسم بهذه المناطق حيث يعول بالأساس على تثمين الزراعات السقوية لتفادي تداعيات نقص الأمطار.