الوضع الاقتصادي الراهن، اتفاق الاستعداد الائتماني الوقائي بين تونس وصندوق النقد الدولي والزيادة في اسعار بعض المنتوجات كانت محور الندوة الصحفية التي احتضنها البنك المركزي صباح امس وأشرف عليها محافظ البنك الشاذلي العياري ووزير المالية الياس الفخفاخ بحضور أمين ماتي ممثل صندوق النقد الدولي. وأبرز ما جاء في الندوة اعلان وزير المالية على ضرورة اللجوء مرة أخرى الى الزيادة في اسعار المحروقات والكهرباء وبعض المنتوجات الاخرى. فبخصوص الزيادة في أسعار المحروقات اكد الوزير انه لن تكون مرتفعة بل "فقط تعديل جزئي وضعيف جدا ومماثل للزيادة الفارطة التي تمت في شهر سبتمبر الماضي" والتي كانت ب100 مليم في البنزين و80 مليم في الغازوال دون أن تشمل الزيادة أسعار قوارير الغاز وبترول الإنارة. كذلك اشار الوزير الى الترفيع في سعر الكهرباء بنسبة 7 بالمائة دون أن ينسى الاشارة الى أن الزيادة لن تمس العائلات الفقيرة والمعوزة بل فقط الصناعيين والحرفاء الاكثر استهلاكا للطاقة الكهربائية. كما ستشمل الزيادة كذلك أسعار السجائر والمشروبات الكحولية دون ان يشير الى نسبة هذه الزيادة رغم ان البعض اكد ان الزيادة في سعر المشروبات الروحية (جعة وخمر) ستتراوح بين 50 و70 %. ومن المنتظر أن فإن الزيادة المقرّرة في أسعار المحروقات التي ستدخل قريبا جدا حيز التنفيذ ستمكن من تعبئة موارد إضافية في موازنة 2013 بقيمة 300 مليون دينار. أما الزيادة في المشروبات الكحولية فستمكن من تعبئة موارد بقيمة 170 مليون دينار لموازنة الدولة لعام 2013. وسينخفض الدعم الحكومي المخصص لصندوق التعويض هذا العام والموجه أساسا لدعم المقدرة الشرائية للمواطن من 4700 مليون دينار في الأصل إلى 4200 مليون دينار بسبب هذه الزيادات المتتالية في الأسعار، والتي رفعت من نسبة التضخم في تونس (أكثر من 5 بالمائة). وتعتبر الزيادة في المحروقات في خطوة هي الثانية خمن نوعها خلال أربعة أشهر. وهو اجراء يأتي بحسب الفخفاخ سبب ارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية وتأثيره ذلك على ميزانية الدولة التونسية. اتفاق الاستعداد الائتماني الوقائي من جهة أخرى سلط محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري الضوء على اتفاق الاستعداد الائتماني الوقائي المبرم بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي والذي كان محور تشاور مطول بينهما في الايام الاخيرة بتونس بعد ان كانت الحكومة تقدمت بالطلب في شأنه في 28 ديسمبر 2012. وقد تم خلال مجلس وزاري التأم يوم الخميس31 جانفي 2013 تدارس نتائج هذه المشاورات التي من المنتظر أن يتم عرض نتائجها على مجلس إدارة الصندوق خلال شهر مارس 2013. و بموجب هذا الاتفاق سيضع صندوق النقد الدولي على ذمة تونس مبلغ 2,7 مليار دينار "ليس في شكل قرض بل ائتمان وقائي لن يتم الرجوع اليه الا في حالة الازمة الكبرى" مثلما ورد على لسان محافظ البنك المركزي. وفي حال استعمال هذا المبلغ (ولن يكون ذلك سنة 2013 في كل الحالات) فسيتم تسديد كل قسط على مدى خمس سنوات مع التمتع بفترة إمهال ب39 شهرا )ثلاث سنوات وربع السنة( بداية من تاريخ صرفه. ولن يثقل هذا الاتفاق عبء المديونية العمومية التي لا تتعدى نسبة 45 % من الناتج المحلي الإجمالي. و ذكر الشاذلي العياري أن السلطات التونسية لن تلجأ إلى هذه الموارد إلا في صورة حدوث صدمات خارجية كتدهور الوضع في أوروبا أو ارتفاع حاد في أسعار المحروقات أو المواد الأساسية خاصة وأن حاجيات التمويل لسنة 2013 تم في شانها تشخيص الموارد اللازمة في إطار الميزان الاقتصادي الذي تم اعتماده. وتدور المشاورات مع بعثة الصندوق حول السياسات الاقتصادية والمالية للفترة القادمة وكذلك الإصلاحات التي تعتزم السلطات التونسية القيام بها خلال فترة الاتفاق بما فيها إصلاحات تشمل مجالات القطاع البنكي والنقدي، والمالية العمومية، وتحسين مناخ الأعمال. لماذا المديونية؟ واشار محافظ البنك المركزي ان جل الدول في العالم تلجأ الى الاستعداد الائتماني الوقائي وأغلبها ليست في أزمة باعتبار ان الدولة دائما في حاجة الى مصادر خارجية. واضاف ان التداين اذا كان لتمويل تصريف اعمال الدولة فهذا يمثل مشكلا كبيرا اما اذا كان للاستثمار فهو مطلوب باعتبار ان الدين سيمثل في حد ذاته قيمة اضافية. وقال ان الارقام والمؤشرات في تونس تظهر ان البلاد لم تصل الى مرحلة الخطر مثلما يدعي البعض ولكن مكن الضروري الانتباه وتحسين نسب الادخار.