من المتوقع ان تعيش بلادنا خلال بحر هذا الاسبوع تحولات سياسية من شانها ان تعدل حتى في أوتار التحالفات الحزبية سواء كانت بين الاحزاب الحاكمة او تلك الموجودة في المعارضة. وفي واقع الامر فقد بدأت عروض "الأكشن السياسي" منذ اول امس حيث اكد المستشار الرئاسي وعضو المجلس الوطني بحزب المؤتمر سمير بن عمر على صفحته الخاصة ب"الفايس بوك" على الاستقالة من مهامه من الرئاسة والتفرغ لمهام المجلس الوطني التاسيسي. وقد اعتبر عدد من المحللين ان استقالة بن عمر لم تأت من فراغ او بسبب رغبة الرجل في التفرغ لمهام المجلس الوطني التاسيسي كما ادّعى بل ان قراره هذا كان نتيجة الموقف الصادر عن البيان الختامي لاشغال المجلس الوطني الاستثنائي لحزبه. وفي اول لقاء إعلامي له اتهم بن عمر في تصريح خاص بقناة المتوسط من أسماهم ب"أطراف في الائتلاف الحكومي بعرقلة المفاوضات الرامية لتشكيل حكومة جديدة". وقال بن عمر "إن قرارت المجلس الوطني الأخيرة لحزب المؤتمر عقدت مأمورية الفريق المفاوض داخل الحزب. ومن جهته اكد الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عدنان منصر ان الرئاسة قبلت استقالة بن عمر وان هذا الاخير كان قد قدمها منذ نحو شهر. وفي قراءة تأويلية لاسباب اعلان بن عمر لهذه الاستقالة وفي هذا التوقيت بالذات اعتبر عدد من المتابعين ان هذه الخطوة تهدف الى الضغط على المفاوضين داخل حزب المؤتمر والمجلس الوطني للتراجع عن موقفهم الصادر عنهم يوم السبت. يذكر ان محمد عبو امين حزب المؤتمر عبر عن اعتزام الحزب الالتحاق بصفوف المعارضة والبحث عن تحالفات جديدة، إن لم تستجب حركة النهضة لمطالبهم المُضمنة في وثيقة عمل وإدارة الائتلاف التي وعدت بالإمضاء عليها. وأكد أن وزراء المؤتمر سينسحبون من الحكومة في ظرف أسبوع إن لم يقع أي تغيير على رأس وزارتي العدل والخارجية.. واكدت ذات المصادر ان حزب التكتل يعيش بدوره "نوعا من الضغط الداخلي حيث هناك من يسعى الى ان يتخلى الحزب عن موقفه المتعلق بتحييد وزارة العدل بل ان هناك من يدعو الى توسيع القاعدة الوزارية للحزب داخل الائتلاف مقابل إبقاء نورالدين البحيري في منصبه وهو ما تمّ رفضه جملة وتفصيلا". استقالة ب3 ساعات ومن جهة اخرى نفى عدنان منصر "خبر تهديد رئيس الجمهورية تقديم استقالته" واصفا ما يقع تداوله عبر وسائل الإعلام بأنه "غير دقيق". كما نفى منصر "أن يكون رئيس الجمهورية قد وجه رسالة في هذا الغرض إلى المجلس الوطني الاستثنائي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية المنعقد يوم 2 فيفري". وأشار منصر إلى أن المرزوقي متمسك بالعمل في إطار "الترويكا" ويسعى من أجل تجاوز الصعوبات التي تمرّ بها التجربة الائتلافية الحالية من منطلق إيمانه بقدرة الإسلاميين المعتدلين والعلمانيين المعتدلين على تقديم نموذج فريد من نوعه من التعايش والشراكة السياسية في العالم العربي والإسلامي. وأضاف منصر أنّ رئيس الجمهورية يعتقد، انطلاقا من نفس القناعات، أنه لايمكن له أن يكون رئيسا لجمهورية يحكمها حزب واحد في هذه الفترة الانتقالية بغض النظر عمن يكون هذا الحزب ويطلب من الأحزاب المشكلة ل"الترويكا" القيام بكلّ التنازلات الممكنة من أجل مصلحة البلاد. ولعل ابرز ما يلاحظ ان خبر التكذيب المتداول قد جاء متاخرا بنحو 3 ساعات منذ الاعلان عن نبإ الاستقالة وهو ما جعل باب التاويل مفتوحا امام كل الاحتمالات. المؤامرة من جديد وفي سياق متصل اعتبر وزير النقل وعضو مكتب الشورى بحركة النهضة عبد الكريم الهاروني في اجتماع شعبي للحركة بمعتمدية دوز اول امس "ان الحكومة وخاصة منها حركة النهضة تتعرض الى مؤامرة من بعض الاطراف". واكتفى الهاروني بالاشارة الى التعطيلات الا انه لم يفتح الستار امام من اعتبرهم "متآمرين" ليبقى المتآمرون "ضميرا مستترا" تقديره "أزلام". وامام ما قاله الهاروني يعود مفهوم "المؤامرة" السياسية ليطفو على سطح الاحداث من جديد والحال ان المتآمرين الحقيقيين هم من يدفع بالبلاد نحو المجهول دون ان يراعوا أحقية المواطن في حياة كريمة ومصارحته بواقع أزمة قد تعصف بحلم التونسيين في تحقيق اهداف الثورة.