توالت أمس لليوم الثاني ردود الفعل الدولية والعربية المنددة باغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد، وقد أجمعت على مطالبة السلطات التونسية بسرعة القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة. ففي الولاياتالمتحدة، أدانت الخارجية الأمريكية بشدة الليلة قبل الماضية حادثة الاغتيال المذكورة وقالت المتحدثة باسمها فيكتوريا نولاند أنه "ليس هناك أي مبرر للقيام بعمل من أعمال العنف الوحشية والجبانة من هذا القبيل.. ولا مجال للعنف في تونسالجديدة". يأتي ذلك فيما وصفت السفارة الأمريكيةبتونس الاغتيال ب"الفعل الشنيع والجبان"، وحثت الحكومة التونسية على إجراء تحقيق عادل وشفاف ومهني بقصد تقديم الجناة إلى العدالة وفقا للقانون التونسي والمعايير الدولية». وفي باريس، ادان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حادثة اغتيال الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد، معتبراً أن مقتله سيحرم تونس من أحد الأصوات الشجاعة التي تدعو إلى الحرية في البلاد. وعبر هولاند في بيان لقصر الإليزيه عن قلق باريس من إمكانية تصاعد العنف السياسي في تونس بعد اغتيال شكري بلعيد، داعياً إلى احترام المُثُل العُليا التي طالب بها الشعب التونسي في ثورته. من جانبه عبر وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله عن «حزنه» لمقتل بلعيد، ووصف الحادث بأنه «فظيع»، ودعا المسؤولين السياسيين التونسيين إلى «حماية إرث» الثورة. أما مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كاثرين آشتون والمفوض الأوروبي لشؤون توسيع الاتحاد شتيفان فيوله فقد اعتبرا أن «تزايد جرائم العنف السياسي على أيدي المجموعات المتشددة.. يمثل خطرا على التحول السياسي». ودعا السياسيان الأوروبيان لإنهاء العنف في تونس، وشددا على ضرورة أن تتم عملية الانتقال للديمقراطية من خلال الحوار البناء، وطالبا السلطات التونسية بسرعة الكشف عن مرتكبي جريمة اغتيال بلعيد ومعاقبتهم. وفي نفس السياق أدانت بريطانيا اغتيال بلعيد من ذلك قال الوزير بوزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اليستر برت: «ندين بأشد العبارات اغتيال بلعيد والذي لا يمكن وصفه إلا بالعمل الجبان البربري الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في تونس في المرحلة الانتقالية». ورحب برت في بيان أصدره مكتبه بإدانة الحكومة التونسية المستمرة للتشدد وتعبيرها عن الالتزام بتقديم المسؤولين عن مثل هذه الجريمة للعدالة وفقا للمعايير الديمقراطية والعدالة التي يطالب بها الشعب التونسي. وأضاف الوزير: «من المهم أن لا تؤدي هذه الجريمة المأساوية إلى أعمال عنف كما نطالب جميع التونسيين بالحوار والعمل معا من أجل صالح تونس». وأشاد برت ببلعيد الذي وصفه بأنه طوال حياته عمل في الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير كما عبر عن خالص تعازي المملكة المتحدة لعائلة الفقيد وزملائه والشعب التونسي بشكل عام. واختتم بيانه قائلا: «إن المملكة المتحدة ستظل تعمل مع تونس لبناء مستقبل مستقر وديمقراطي لا يستخدم فيه العنف كوسيلة لوقف حرية التعبير وتهديد الممارسات الديمقراطية». إدانة أممية وبدورها أدانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي اغتيال بلعيد الذي وصفته بالمدافع البارز عن حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، والمعارض للعنف السياسي، ودعت السلطات إلى «اتخاذ إجراءات جادة للتحقيق في مقتله وغيره من الجرائم ذات الدوافع السياسية على ما يبدو، وتوفير حماية أفضل للأشخاص الذين تلقوا تهديدات». واعتبرت عضو مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في تونس سيسيل بويلي أن اغتيال بلعيد في هذا الوقت له دوافع سياسية، وأضافت «نحن نشتبه بأن الاغتيال قد ارتكب في بيئة من العنف السياسي المتزايد، فقد كان هناك العديد من الهجمات على مقرات الأحزاب السياسية والتجمعات». كما قوبل اغتيال بلعيد بحملة إدانات واسعة أخرى في أوروبا حيث قال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارت آيد مساء أمس إن اغتيال أحد أهم المنشقين السياسيين في تونس ومن أكبر المدافعين عن حرية التعبير يعكس اتجاها لتزايد العنف في تونس ويعتبر انتهاكا همجيا لمبادئ عملية التحول الديمقراطي في تونس ولا سيما مبدأي التسامح واحترام حقوق الإنسان. وشدد على أن النرويج تحث السلطات التونسية على ملاحقة المسؤولين عن عملية الاغتيال وكذلك ملاحقة المسؤولين عن أعمال العنف الأخرى التي تشهدها تونس مؤخرا وطالب جميع الأطراف المعنية في تونس بالتحلي بضبط النفس والامتناع عن أعمال العنف في هذه الفترة العصيبة من العملية الانتقالية في تونس. وفي سياق متصل أدانت الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان عملية اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد، واعتبرتها رسالة موجهة ضد الحركة الديمقراطية في تونس. كما قالت الشبكة في بيان صدر اول امس «لقد قامت الحكومة التونسية بتهيئة المناخ لتنامي العنف والإرهاب ضد التحركات الديمقراطية والتي كان بلعيد أحد روادها». ووجهت انتقادات حادة للسلطات التونسية لكونها تستخدم القضاء والأمن بشكل متحيز لصالح حزب واحد، مخالفة بذلك تطلعات الشعب التونسى بعد نجاحه فى الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي. وطالبت الشبكة الحكومة التونسية بمحاكمة المسؤولين عما وصفته بالفعل «الشنيع»، مؤكدة أنه يتعين على السلطات الحاكمة فى تونس وضع حد لمناخ الترهيب والعنف السائد في البلاد ورأت ان الأحداث الجارية فى تونس تضع الانتخابات القادمة محل شك وريبة. في الدول العربية ومن جانبها ادانت الجزائر اغتيال المعارض التونسي، وقال بيان صادر عن الخارجية الجزائرية ان الجزائر ترفض استعمال العنف بجميع أشكاله كوسيلة للتعبير السياسي. وفي مصر، عبّرت جبهة الإنقاذ المصرية عن تخوفها من حدوث اغتيالات سياسية مماثلة في مصر.