تم أمس في جنازة مهيبة حاشدة لم يشهد لتونس ابدا أن عرفت مثلها..مواراة جثمان شهيد الحرية والديمقراطية شكري بلعيد الذي اغتالته يد الغدر واعداء تونس وشعبها. بلعيد سيظل حيا في قلوب جميع التونسيين واصحاب الضمائر الحية، وكل من يريد الخير لتونس ولأبنائها، وكل من يريد بناء الدولة الديمقراطية المدنية المنشودة التي ضحى من اجلها. بلعيد الذي استلهم منه شباب تونس اليوم عنفوان النضال الذي لا يهدأ ولا يمل، وشجاعة القائد المدافع عن حرية التعبير وحرية الكلمة، لا يخاف بذلك لومة لائم او تهديد جبان او اعتداء..بلعيد الذي يظل مثالا لجسارة المناضل من أجل الحق ونصرة الضعيف والفقير والمهمش، وسراجا منيرا لحب الوطن. بلعيد رحمة الله عليه واسكنه الله جنان فردوسه..روحه سكنت بعد قلوب ملايين التونسيين..فكلهم شكري بلعيد وكلهم تطلع لتحقيق حلمه وحلم التونسيين بمواصلة المسيرة مسيرة الحرية والكرامة والتعايش السلمي والديمقراطية الحقيقية... مواراة جثمان بلعيد الثرى، هي منطلق لدفن الكراهية واستكمال مرحلة قادمة عسيرة علينا جميعا، وامتحان صعب للتعايش السلمي لكنه ممكن لمواراة غول العنف والتعصب والتشدد والارهاب الفكري..فكان تجمع مئات الآلاف الذين جاؤوا من كل مكان رغم ندرة وسائل النقل لحضور جنازة الشهيد وتوديعه أكبر رسالة للعالم ولأعداء الحرية والظلاميين ومن يريد بتونس أن تدخل في صدام أهلي وتبادل للعنف واشعال الفوضى ومسرح للجرائم والنهب والسلب والشتم وزرع الخوف..مفادها انكم ستفشلون كما فشلتم، وسيثبت الشعب التونسي مرة أخرى أنه أهل للحرية، والتعايش السلمي والنهوض بنفسه وبناء غده وإعمار دولة القانون والمؤسسات، الدولة المدنية الديمقراطية التي تتسع لكل ابنائها رغم أنف الرجعيين وطمع اللصوص ودعاة الخراب. امس واليوم وغدا نجح مئات الآلاف بل ملايين التونسيين في تأكيد توحد التونسيين ضد العنف والعنف السياسي، واستعدادهم للتصدي لكل من يحاول تفريق الشعب التونسي إلى ملل ونحل وجماعات متضادة، ويزرع الخوف والرعب والكره والتباغض بين التونسيين، وكل من يحاول انتهاك أمنهم وأمن ابنائهم. رغم محاولات السلب والنهب وبعض المشاهد المقززة التي رافقت جنازة الشهيد بلعيد، فقد كانت استثناء لا يحجب هيبة جنازة وطنية جمعت حولها مئات الآلاف من التونسيين في مشهد نادر دخل التاريخ. الآن فلتكشف كل الأوراق ولتكشف هوية قتلة بلعيد، حتى يطمئن في قبره، فلتسع كل العائلات السياسية مهما كانت مرجعيتها إلى العمل معا على تحقيق حلم الشهيد وحلم مئات الشهداء قبله في الحرية والكرامة الوطنية، ومواصلة بناء تونس الديمقراطية المدنية التي تتسع لجميع أبنائها، والجلوس جميعا دون اسثتناء او إقصاء على طاولة الحوار شعارها الأوحد المصلحة العليا للوطن والوفاء له والاستعداد للذود عنه وحمايته من كيد الكائدين وطمع المخرّبين وحسد القوى الظلامية..