حجم ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية لسنة 2026..#خبر_عاجل    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    عاجل/ وزير النقل يكشف عدد القضايا المرفوعة ضد "تونيسار" بسبب تأخر الرحلات    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    عاجل: ليفربول تفتح ملف رحيل محمد صلاح!    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    النادي الإفريقي: خلية أحباء باريس تتضامن مع الإدارة .. وتتمنى الشفاء العاجل لكل اللاعبين المصابين    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    عاجل/ في عمليتين نوعيتين للديوانة حجز هذا المبلغ الضخم..    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    نابل: توافد حوالي 820 ألف سائح على جهة نابل - الحمامات منذ بداية السنة الحالية    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: ميناء سوسة يفتّح أبوابه ل200 سائح من رحلة بحرية بريطانية!    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    المحكمة الابتدائية بتونس تحجز ملف المحامية سنية الدهماني لتحديد موعد الجلسة القادمة    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    وزير الداخلية: الوحدات الأمنية تعمل على ضرب خطوط التهريب وأماكن إدخالها إلى البلاد    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    عاجل/ سقوط سقف إحدى قاعات التدريس بمعهد: نائب بالمجلس المحلّي بفرنانة يفجرها ويكشف..    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    المنتخب التونسي يفتتح الأربعاء سلسلة ودياته بمواجهة موريتانيا استعدادًا للاستحقاقين العربي والإفريقي    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    نائب رئيس النادي الإفريقي في ضيافة لجنة التحكيم    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    من فصول الجامعات إلى مجال الاستثمار والتصدير : كيف تستفيد تونس من تعاونها مع الصين؟    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    حاجة تستعملها ديما...سبب كبير في ارتفاع فاتورة الضوء    نقص في الحليب و الزبدة : نقابة الفلاحين تكشف للتوانسة هذه المعطيات    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    عاجل: اضطراب وانقطاع المياه في هذه الجهة ..ال sonede توّضح    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    ياخي الشتاء بدا يقرّب؟ شوف شنوّة يقول المعهد الوطني للرصد الجوي!    الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في القراءة الأولى    مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    العراق ينتخب.. ماذا سيحدث من يوم الاقتراع لإعلان النتائج؟    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    قابس: تنظيم أيام صناعة المحتوى الرقمي من 14 الى 16 نوفمبر    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: كافية الراجحي تتحصل على جائزة البحث العلمي وعملان تونسيان ضمن المُسابقات الرسمية    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    طقس اليوم؛ سحب أحيانا كثيفة مع أمطار مُتفرقة بهذه المناطق    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفضي إعدام الإسلاميين.. أغضب بورقيبة وأخرجني من الوزارة الأولى
رشيد صفر في حوار خاص ل"الصباح الأسبوعي"
نشر في الصباح يوم 18 - 02 - 2013

* خطة عاجلة على 5 سنوات للخروج من الأزمة - من الوارد أن نجد أنفسنا في وضع اليونان - الحلّ في حكومة كفاءات مطعّمة ببعض السياسيين - هذا ما قلته للغنوشي يوم 23 أكتوبر - نتفهّم "صدمة" حركة النهضة من مبادرة الجبالي -
حوار: منية العرفاوي" - ندمت على أنني لم تكن لي الشجاعة لأصدع بما يخالج ضميري في أحداث قفصة 2008 لأني كنت أتوقع انفجارا شعبيا آتيا لا ريب فيه.. جيلنا أقسم أن لا يتسبب في فتنة لبلادنا وأدعو كل التونسيين لهذا القسم.. لم تكن لي الجسارة لأصرخ مع من صرخ وأقول لبن علي قدت البلاد إلى الهاوية.." كلمات يصرّ رشيد صفر الوزير الأوّل السابق والسياسي ابن الزعيم السياسي المحامي الطاهر صفر المؤسس للحزب الحرّ الدستوري الجديد مع الحبيب بورقيبة ومحمود الماطري..
وقد تحمل رشيد صفر عديد المهام إذ عينه بورقيبة على التوالي وزيرا للصناعة ثم الدفاع ثم الصحة ثم الاقتصاد قبل أن يكلفه بالوزارة الأولى من جويلية 1986 الى أكتوبر 1987 بعد أزمة مالية واقتصادية حادّة وذلك لإصلاح الأوضاع وتدارك الاخطاء وكانت حينذاك مدخرات تونس من العملة الصعبة قد نزلت حتى الصفر يوم تسلم المسؤولية في ظرف صعب جدّا وتمكن في بضعة أشهر من ابرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي ومع البنك الدولي لتمكين تونس من حدّ أدنى من المدخرات المالية بالعملة الصعبة وقدم إلى مجلس النواب في شهر أوت 1986 قانون مالية إضافيا وبرنامج إصلاح اقتصاديا وهيكليا حتى خرجت تونس من مأزقها المالي..
رشيد صفر التقيناه في الحوار التالي لتسليط الضوء على عدد من المسائل والمواضيع..
* في 8 جويلية 1986 قبلت بكل شجاعة وفي ظرف اقتصادي خطير، كانت فيه الدولة على وشك الافلاس، أن تكون في الواجهة السياسية كوزير أوّل ونجحت في تجاوز الأزمة.. فهل ترى أن تونس تستطيع اليوم تجاوز خطورة هذه المرحلة الاقتصادية؟
- تحمّلي المسؤولية في جويلية 1986 سببه الزعيم الحبيب بورقيبة الذي وضعني أمام الأمر المقضي، فبعد أن استدعانا وطلب مني مع مجموعة من الزملاء تقديم تقرير حول الوضع الاقتصادي للبلاد وبعد أن شرحنا له الوضع توجّه إليّ وسألني "من المسؤول عن هذا الوضع" فقلت له "سيّدي الرئيس كلنا مسؤولون" وفي قرارة نفسي كنت أشير إليه أيضا.. وشعرت أنه لم يستسغ كلامي.. وفي مساء ذلك اليوم اتصل بي وزير الاعلام آنذاك عبد الرزاق الكافي وقال لي حرفيا أن هناك قرارا من بورقيبة لتعييني وزيرا أوّل فطلبت منه قبل الاعلان الرسمي على القرار في نشرة أخبار الثامنة أن يمهلني بعض الوقت للاتصال بالرئيس بورقيبة فقال لي إنه يمهلني 15 دقيقة لا غير، وعندما طلبت قصر صقانس علمت أن بورقيبة خرج في نزهته المسائية وتمّ الاعلان الرسمي عن تعييني على رأس الوزارة الأولى وعندما اتصلت ببورقيبة لم يفسح لي المجال للتعبير عن موقفي غير المتحمّس لهذا المنصب وقال لي غدا نلتقي وفي صباح الغدّ ذهبت لمقابلته عازما على اقناعه بأني لست الرجل المناسب في تلك الفترة العصيبة لأني لست سياسيا محنكا وليست لي علاقات تتيح لي تقلّد هذا المنصب الحسّاس على رأس الدولة كما صارحته أن الاصلاح الاقتصادي لن يكون له الفائدة المرجوة اذا لم يتزامن مع اصلاح سياسي.. لكن بتأثيره وإقناعه المعهود خاطب بورقيبة ضميري وطلب مني تحمّل المسؤولية معه وبالنسبة للسياسة قال أنه كفيل بها.. لأوافق في النهاية.
* أول إجراء اتخذ آنذاك في وضع اقتصادي خطير يوشك أن يودي بالدولة.. ما هو؟
- أول إجراء فكرت فيه هو تفعيل مقترح سابق، التقينا مع عدد من الزملاء ونظرنا في مختلف الميزانيات ونظرنا فيما يمكن حذفه من نفقات عمومية وأعددنا الخطوط العريضة لقانون مالية اضافي والتحاور مع صندوق النقد والبنك الدولي ليدعمنا بقرض.. وذلك بالتنسيق مع الاتحاد العام للشغل ومنظمة الأعراف وعرضنا أوضاعنا المالية بكل شفافية وانطلقنا بعقد مجلس وزاري لتقديم البرنامج الاصلاحي وأهمّ بنوده الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي تحاورنا معه بندية وجدية وتحصّلنا على شروط أقل حدّة.. خففنا قدر المستطاع من شروطه المعتادة وأن لا يطبّق نفس الوصفة على كل الدول وبقيت لنا الحرية بالنسبة لنسق الخوصصة واصلاحاتنا الفلاحية والقطاعية.
* يتحدّث بعض الخبراء أن الدعم بات يشكّل اليوم استنزافا لنفقات الدولة.. فكيف تقيّمون ذلك؟
- صحيح ان الدعم بلغ تحت تأثير دعم المحروقات دعما مهولا يكاد يقترب من ميزانية التنمية في وقت نحن في حاجة الى الرفع من هذه الأخيرة استجابة لاستحقاقات الثورة.. اصلاح الدعم يتطلب الوفاق الوطني.. وأرى بالنسبة للمواد الغذائية العمل في اتجاه التعديل التدريجي وبالنسبة للمحروقات تعديلا أهمّ مع ايجاد حلول للأسر المحتاجة لهذا الدعم.. فالخروج من مأزق الدعم يتطلب 5 سنوات مع خطة عملية يقع التوافق حولها.
* تعطل نسق الاستثمار فهل ترى أن هناك حلولا كفيلة لدفعه؟
- الاستثمار في البنية الأساسية في المناطق التي لم تنل حظها في التنمية، يجب أن تربط هذه الجهات المحرومة بالموانئ وبالسكك الحديدية وبالطرق السيارة فالبنى التحتية الأساسية هي شرط أساسي وأولوية لتحقيق التنمية بالجهات المحرومة.. ففي المخطط السابع الذي كان لي شرف طرحه للامضاء من طرف الزعيم بورقيبة يوم 52 جويلية 87.. غطى فترة 87 الى 91 في بابه الخاص بالتنمية الجهوية قال صراحة أنه لا بدّ من تغيير نسق وطريقة التنمية الجهوية وأشار اذا واصلنا العمل على المنوال القديم سوف نصل في حدود 2020 و2025 الى أن يكون ثلثا سكان تونس محشورين على الشريط الساحلي في 15 بالمائة من مساحة الدولة التونسية.. والاشارة الى تداعياته من حيث الاكتظاظ والتلوّث والتجاذبات تؤدي الى ضعف اللحمة الوطنية وبروز النزعة الجهوية.. لكن وللأسف لم يطبّق بحذافيره.. وبقيت التنمية الجهوية في مؤخرة الأولزيات وهو ما أدّى الى تفجّر الثورة..
وقد وقع خطأ في أولويات الاستثمار فقنطرة رادس التي هي انجاز تقني نفتخر به.. لكن من حيث التفكير السليم كان الأسلم إعطاء الأولوية للمناطق النائية..
* لكن ما العمل اليوم؟
- أعتقد أن مواجهة الوضع الخطير والاستجابة لطلبات الشغل المستعجلة يتطلب عملا دؤوبا وسريعا وتوافقيا، اختارت تونس أن تتأقلم مع الوضع العالمي الذي يعتمد اقتصاد السوق وهو وضع محتّم على الجميع قبلته حتى الأحزاب الاشتراكية، على أن نتجنب اقتصاد السوق المجحف والمتوحّش وانزلاقات هذا السوق والتي تسببت في أزمة 2008 وأن نتجنب المضارّ والأخطاء في قضية التنمية العادلة ونسق التنمية الفلاحية والصناعية حتى لا نجد أنفسنا في هذا المشكل..
* حسب بعض الخبراء فإن الدولة اليوم باتت تلجأ إلى الديون لتصريف نفقاتها اليومية؟
- لا يمكن أن نستعمل الديون للمصاريف الاستهلاكية وهذا من أخطر الأمور فالخطآن حاليا هما تضخّم الوظيفة العمومية وتضخّم الزيادات.. فارتفاع أسعار المحروقات هو تضخّم مستورد لكن هناك تضخّما داخليا.. ما نتحكّم فيه هو الكتلة النقدية أو السيولة النقدية التي يسهر عليها البنك المركزي فهذا في يدنا فبعد الثورة وتحت الضغط الشعبي تساهلنا في هذا الجانب وهو ما يحاول المحافظ الحالي الحدّ منه.. وتدهور الكتلة النقدية دفعنا إلى التداين..
* هناك من يرى أيضا أن الطبقة الوسطى التي ميّزت تونس لعقود في طريقها للاندثار.. ما رأيكم؟
- اذا استمر الوضع على ما هو عليه يمكن أن نجد أنفسنا في وضع اليونان وهذا وارد.. فالطبقة الوسطى هي الضحية في الأزمة الاوروبية والعالمية واليونانية وبالتالي اذا لم ننطلق في برنامج توافقي سياسي واجتماعي واقتصادي فان الطبقة الوسطى والمحرومين سيكونون هم الضحايا..
* في محاضرة كنت ألقيتها سابقا في مؤسسة التميمي تكلمت باسم جيل من النخبة السياسية وقلت "الواجب يملي علينا اليوم ان نعتذر لشعبنا لعدم قدرتنا على التصدّي لحكم برزت الآن جسامة تجاوزاته.." لكن انت كرشيد صفر الوزير الذي غادر الوزارة الأولى قبل أيام من انقلاب بن علي لاسباب بقيت غامضة.. لو أردت الاعتذار.. عمّ كنت ستعتذر تحديدا؟
- السبب معروف لأن بورقيبة تناهت الى مسامعه أن وزيره الأوّل شجّع عضوين بمجلس النواب على عدم الذهاب في اقرار حكم الاعدام بالنسبة للمجموعة الاسلامية الذين حوكموا في 9 سبتمبر 1989.. المحاكمة حصلت بضعة أيام قبل خروجي من الوزارة في 2 أكتوبر.. في حقيقة الأمر أذكّر إخواننا أن دستوريين هما النائبان العبعاب والمستوري -موجدان الآن حيين يرزقان- كان لهما من الحنكة والدراية أن لا يذهبا الى ما لا تحمد عقباه وبفضل تفهّمهما ومساندتنا لهما، رفضا حكم الاعدام، لذلك أطلب من الجميع التآخي والمصالحة لأن صفاء القلوب هو طريق النجاة..
* الديمقراطية التي حلمتم بها زمن بورقيبة واعتبرتم أن رغم مخاطرها تبقى أفضل النظم السياسية التي خلقتها البشرية، فهل ترون اليوم اننا نسلك الدرب الصحيح للديمقراطية؟
- قال لي بورقيبة ذات يوم بعد إلحاحي عليه لإقرار بعض الإصلاحات السياسية "أترك لكم الديمقراطية لتحققوها من بعدي" وذلك بحضور بن علي.. لكن لم نحقق ذلك وأوضاعنا بقيت على حالها طيلة حكم بن علي وبالتالي اذا أضعنا هذه الفرصة ستكون العواقب وخيمة.
* عايشت النهضة المضطهدة، واليوم أنت حاضر على زمن النهضة الحاكمة بين تلك النهضة وهذه النهضة ماذا تغيّر.. وبماذا تنصحها؟
- كان لي لقاء مع الأستاذ راشد الغنوشي يوم 23 أكتوبر 2012 تحت قبة المجلس الوطني التأسيسي، وقد قدم الشيخ راشد واقترب ليجلس بجانبي مكان الأستاذ بولعراس الذي لم يحضر لأسباب صحية.. واغتنمت تلك الفرصة لأخالجه بما كان في ضميري وقلت له "فرحتنا كانت كبيرة عندما استمعنا اليك عائدا بعد أن تعرّفت على مزايا النظام البريطاني الديمقراطي.. واقتناعك بهذا التلاحم بين الهوية العربية الاسلامية والمبادىء الديمقراطية الأصيلة انشرحنا اليه.. وقلنا هذا سبيل النجاة لكن ما راعانا هو ذاك الفيديو الشهير الذي جمعكم ببعض القيادات السلفية والذي شكّل بالنسبة لنا صدمة".. وناشدته بحكم مسؤوليته التاريخية لدعم هذا الإسلام النيّر في بلادنا.. وفي الحقيقة لم يأت منه الجواب الواضح..
* ما رأيك في مبادرة الجبالي المثيرة للجدل اليوم؟
- رغم أنها متأخرة إلاّ أنها شجاعة ولو كان هناك تشاور مع حزبه وبقية الأحزاب الحاكمة أكيد ستكون مفيدة بالنسبة للجميع.. ولكن نعتقد انها طيبة خاصّة وان الرجل وضع مستقبله في الميزان وقال بصراحة أنه غير مترشّح للانتخابات القادمة وهو ما ينمّ على انه رجل نزيه جعل مصلحة تونس فوق أيّة اعتبارات شخصية.
* وموقف حركة النهضة كيف تراه؟
- موقف حركة النهضة قد يفهمه البعض إذ أن أمينه العام لم يتحاور معهم ويشاورهم حول مبادرته، وموقفهم الحالي هو نتيجة هذه "الصدمة" التي قد نتفهّمها، ونتمنى أن يقع التوافق اذا كان الحل الوسط حكومة كفاءات ولكن مطعّمة ببعض السياسيين من أحزاب الأغلبية فهذا حلّ توافقي.. ووزارات السيادة تكون محايدة لاعطاء مصداقية للانتخابات ومن مصلحة النهضة أن لا يشكك احد في الانتخابات القادمة.
* الظاهرة السلفية وخاصّة التيار السلفي الجهادي في تونس المتأثر بالأفكار الوهابية، انت من موقعك كرجل دولة وسياسي سابق ومن عائلة ناضلت لبناء هذه الدولة كيف تنظر اليها؟
- أنا أخذت ديني الحنيف عن جدّي، وأذكر أن والدي قد حملني في سنواتي الأولى الى سيدي محرز ليعلمني قواعد الصلاة وتعاليم الاسلام السمحة.. وبعدها استكملت تربيتي على يد جدّي وتعلمت عن الشيخ محمد عبد السلام الفقه الاسلامي والاسلام النير الذي نشعر بأن منظومة حقوق الانسان مستخرجة منه وليس العكس، هذا دين الاسلام الذي لا إكراه فيه حيث يقول الله مخاطبا محمّدا في سورة يونس "ولو شاء ربّك لآمن من في الارض كلهم جمعيا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين، وما كان لنفس ان تؤمن إلاّ باذن الله".
فإسلامنا إسلام نير وإسلام فيه تسامح.. والتكفير الذي نعيشه اليوم ديننا بريء منه.
والسلفية ظاهرة موجودة لديها قراءة خاطئة للاسلام وهنا يجب أن يطبّق القانون.. والمسؤولية الكبيرة تقع على فقهائنا الذين يجب أن يقوموا بنداء الواجب لإقناعهم بالموعظة الحسنة..
ودور حركة النهضة كبير في ترشيد وتحييد وحماية البلاد من التيار التكفيري وهم الأولى من غيرهم للمبادرة بالحوار مع هؤلاء..
* كيف تحكم على أداء المجلس التأسيسي؟
- المجلس التأسيسي مدعوّ بعد تعمّقه في التحليل أن يصوغ ويصادق على دستورا، يقرّ بكل وضوح ودون لبس اننا متشبثون بالمنظومة الكونية للحقوق وبالنظام الديمقراطي الحقيقي.
* هل أن التجمّع هو بصدد العودة من خلال نداء تونس والباجي قائد السبسي؟
- هذا كلام أحزاب في حملة انتخابية.. فالمصالحة الحقيقية وبناء الجمهورية الثانية لا يمكن أن تبنى على الاقصاء، فمن أذنب المحاكم والقضاء كفيل به..
* مصطفى بن جعفر.. كيف تقيم أداءه؟
- عرفته طبيبا ونقابيا، عرفته بقناعات انسان حداثي ومسلم في نفس الوقت.. ونحن يجب أن نشجّع كل المسؤولين وفي النهاية فالتاريخ هو من سيحكم على كل شخصية.
* المناضل المرزوقي.. والرئيس المرزوقي أيّهما تحبّذ؟
- عرفته طبيبا وكنت من المتحمسين الى تحمّسه للصحة الوقائية واقتنعت بوضع هذا الاختصاص في التبريز الطبي، ورأيناه مناضلا حقوقيا ونتمنّى أن يبقى دائما والى النهاية متشبّثا بما ناضل من أجله.. وقد حاول في مرات تجاوز حتى صلاحياته، ويحسب له انه نادى الى وحدة وطنية.
* حمادي الجبالي كيف تقيم أداءه؟
- دوره أصعب الأدوار.. مبادرته شجاعة وتبيّن انه استوعب خطورة الوضع.
* حسين العباسي؟
- مواقفه رصينة وخاصّة ذلك الموقف الذي ألغى بمقتضاه الإضراب العام..
* الباجي قائد السبسي..
- أولا زميل عرفته وعملت معه ولمست منه النزاهة والصدق واتخذ مواقف شجاعة -أشجع مني- سواء مع الرئيس بورقيبة او حتى مع بن علي.. عمل على انجاح الفترة الانتقالية الأولى وكان ضامنا مع البلدان الغربية والولايات المتحدة الأمريكية لتوجّه حركة النهضة نحو المسار الديمقراطي الحقيقي..
واليوم له نفس الحيرة حول تعميق الوفاق الذي يدعو له..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.