قد يجد الحق مجاله أو العدل ضالته فيما يمكن أن ينشب من خلاف أو يحدث من صدام بين الإخوة الفرقاء في الوطن الواحد وهي الإقرار بالتوافق والتأسيس للحوار لتجنب الفرقة وتفادي التطاحن فمن العبث أن يشغل منطق القوة وحملات التجييش واستعراض العضلات بعد ذلك مكانا من هذا المجتمع المتجانس عموما وأن يقحم التنافر محل الوئام ويحل التصادم عوض الوفاق بين أطيافه أو مكوناته السياسية فإن فعل كان أليق الأسماء به الاستبداد الذي طالما عانت من ويلاته البلاد واكتوت من ناره العباد ولطالما فاض الكأس وطاف الكيل فكان للشعب عندها كلما أراد الحياة أن وقف حينئذ تجاهها وقفة الرجل الواحد لصدّها في محاولة للقضاء عليها وقد تتكرر المحاولة ربما إلى أن يستجيب القدر. المتهمون من الرؤساء والزعماء أن المجتمع برمته ينكر على القوة كحالة اجتماعية أو كظاهرة ناشئة حقها المزعوم ولقد ضاق صدره بجرائمها وآثامها فثارت ثائرته تجاهها ثم انتفض ضدها بكل قواه لاستعادة سيادته فكانت ثورة 14 جانفي 2011التى مكّنته إلى حد ما من وضع يديه على قائمة المتهمين من الرؤساء والزعماء الذين طالما تبجحوا بالديمقراطية العوراء وانتهجوا السياسات الرعناء وقد اتى بالتاريخ شاهدا على دعواه فقضى له عليها وجاء الحق وبانت الحقيقة وانجلى المستور وسقطت الأقنعة. عندما يتضح المشهد أكثر فأكثر ويظهر ثوب الرياء عما تحته وتسقط أخيرا الأقنعة وتتضح لنا النوايا المبيتة وتظهر عندئذ الحقائق بيضاء ناصعة لا غبارعليها من خلال زيف إدعاء البعض نشر الديمقراطية المزعومة أو الدفاع عن حقوق الإنسان أوإرسال وعود كاذبة من خلال الفضائيات وعندما تكشف الأيام دواعي الحراك وغايات التحركات المتمثلة أساسا في التحريض المستمر بكل الوسائل المتاحة لتقويض دعائم المجتمع وزعزعة استقرار بلاد من خلال إرهاب العباد لإشعال نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد ثم في نهاية المطاف الزج بأبناء الشعب الواحد في أتون الصراع الدموي خدمة لمصالح أو أطراف أو أجندات داخلية وخارجية على حد السواء ,حينئذ يكاد يتساوى الأبطال والمجرمون في أعين الشعب إذ بالإمكان جدا أن يتهم الرؤساء والزعماء في ديمقراطيتهم العوراء وفي أرائهم المتأرجحة ومواقفهم المذبذبة وحتى المتناقضة أحيانا على خلاف مما يتبجّحون به من تمسكهم بالديمقراطية بالرجوع إلى ثوابتها ونتائجها وعمقها التاريخي ومن منطلق قدرتها على الفاعلية والتنامي والاستمرار. كفوا عن السياسات الرعناء نعم , يكاد أن يتساوى الأبطال والمجرمون في أعين الشعب إذ بالإمكان جدا أن يتهم الرؤساء والزعماء في ديمقراطيتهم العوراء ولربما ليتعضوا من كلمة قوية أطلقها الشيخ محمد الراوي تجاههم «كفوا عن السياسات الرعناء « كلمة حق يراد بها كذلك حق بليغة المعنى شديدة الوقع خرجت من القلب لتسكن العقول ودائما في هذا المعنى ماجاء في الأثر من « أن أهل الله يعرفون الحق ويرحمون الخلق وأهل البدع يكذبون بالحق ويكفرون الخلق ,فلا علم لهم ولا رحمة لقد أدرك الإنسان أن إبادة الشعوب أكبر وأعظم جريمة من قتل الأفراد وبالتالي لا يمكن الاستهانة بإرادة الشعوب أو الوقوف ضدها إذ أن إرادة الشعوب لا تقهر ورجالها لاتنكر كما أن مقدساتها لا تدنس وأعلامها لاتنكّس ,كذلك أن يعتبر الخروج على الإجماع مجدا أو يعتبر اعتلاء سدة الحكم ولو لفترة وجيزة مكسبا وبالجملة عرف أن الجريمة جريمة حيث وجدت وأين حلت وفي أي مظهر ظهرت وتحت أي مقولة سوقت وان القاتل لا يغني عنه أمره شيئا سواء البس تاج الملك أو قلنسوة الإعدام أو تستر بغطاء الديمقراطية أو كذلك خدمة لحقوق الإنسان في حين أنها استجابة لمصالح وخدمة لأجندات فلنصرح بالحقيقة المقررة الواضحة وهي الإيمان وربما الإقرار لدى جل الأطياف السياسية وعند المنابر الإعلامية بضرورة التوافق الوطني لتجنب الفرقة وتفادي التطاحن ولنحقر في المقابل الاستبداد بالآراء والتشدد في المواقف اشد الاحتقار لأن الإستبداد أوالتشدد لا أثر له في الوجود وإن كانت بعض عواقبه وخيمة إلا أن مآله مزبلة التاريخ ثم العدم . إلي روح ذلك الدفين المقدس فلنذكر رجال السلام والوئام بدل ملوك الحروب والفتن ولنوجه وجهتنا إلى تلك الروح العالية إلى تلك النفس العظيمة إلي ذلك الدفين المقدس إلى روح من صدع بكلمة الحق وبين الحقيقة وأظهر الحق وقد ضحى بالغالي والنفيس وواجه التجبّر والتحجّر ولنركع أمام قبره عسى أن يمدّنا بروح منه ويهدينا إلى حظيرة السلام فإن بعد مرور كل هذا الوقت وبعد أن قيل ماقيل وأقترف ماأقترف وأنتهك ما أنتهك لم يزل في الأحياء والأموات الخالدين من رجالات البلاد ومن نسائها على حد السواء إلى زعمائنا من المفكرين والمناضلين. لنحي المآثر والمناقب ولنقف في طريق الدماء المتدفقة ولنترحم على الأرواح الزكية من مناضلي السلام والوئام لنقول للمتشددين والمتحجرين وللمعتدين والسفاكين «رجاء كفى ,رجاء كفوا عنا دعواتكم لنا بالخير والهداية ,رجاء أرفعوا عنا أيديكم فلسنا بحاجة لعطائكم المدرار بل أدعونا لسبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلونا بالتى هي أحسن , رجاء , إنكم لن تهدوا من أحببتم ولكن الله يهدي من يشاء «. ثم لنتوجه إلى زعمائنا من المفكرين والمناضلين للحاضر منهم وللغائب ممن يعدون من دعاة الحق والعدل ورسل الحكمة والجمال إلى البشر أن يتداركوا الفتنة قبل وقوعها ويجنبونا أهوالها ويقونا شدائدها إذ لا يعقل أن يكون الشر طريق الخير وان يكون الموت وظيفة الحياة. لإيماننا أن الحياة هبة من المولى عز وجل وملك للإنسان خليفته في الأرض، عظيم عليه أن تسلب منه لإعتقادنا أننا نحكم على الظاهر والله سبحانه وتعالى يتولى السرائر ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور أي القلوب . لإقرارنا إثر الرسول صلى الله عليه وسلم أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وشديد وقع ذلك على وجدانه أن يعتدى عليه. ولقناعتنا ان التمتع بالحرية والتنعم بالكرامة وممارسة الديمقراطية حق من حقوق الأنفار والأفكار ويبقى أن الخير واليمن والبركة كما أن الحياة والموت ثم البعث لا ولن يكون بيد رؤساء أو زعماء آخر الزمان من ذوي السياسات الرعناء من بين عملاء القوى العظمى أومن يدور في فلكها من الممالك والإمارات بل بيد الرب الغفور والرحيم الوهاب والمنان.