تساءلت أول أمس وداد بوشماوي رئيسة الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة خلال مشاركتها في برنامج تلفزي عن مصير العديد من الملفات المعروضة اليوم على مكاتب العديد من الوزارات التقنية ذات العلاقة المباشرة برجال الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب. وكانت قد أكدت في وقت سابق أن عديد الشركات الأجنبية ترغب في مغادرة تونس.وقالت أنها" تقف عاجزة عن اقناعهم وطمأنتهم". ودعت بإلحاح إلى ضرورة الأخذ بعين الإعتبار الحاجة الملحة للبت في عديد الملفات والقضايا العالقة حتى لا تتعطل أكثر عجلة الاقتصاد والاستثمار في تونس والوضع لم يعد يحتمل المزيد من التأخير في تشكيل الحكومة والتوجه للعمل ووضع خطط انقاذ وتحديد أولويات مستعجلة يتعين النظر فيها في أقرب الآجال. ومن شأن تواصل مسلسل تشكيل الحكومة المقبلة وعدم الإسراع في الإعلان عن ذلك في أقرب وقت ممكن، أن يعطل الكثير من الاستثمارات المتبقية في تونس والتي لم تختر وجهة أخرى على غرار عديد المشاريع. يذكر في هذا الإطار مثال معبر لأحد المشاريع الاستثمارية الأجنبية المعطلة في تونس منذ ما قبل الثورة بسبب جشع وابتزاز الطرابلسية سابقا لكنه إلى اليوم معطل أيضا في أروقة الإدارات والوزارات في انتظار اتخاذ جملة من التدابير لتذليل بعض الصعوبات القانونية والإجرائية التي تواجه انجاز المشروع. مشروع ضخم يتمثل المشروع المشار إليه في انجاز محطة شمسية ضخمة في رجيم معتوق من ولاية قبلي لتوليد الطاقة الكهربائية وتصديرها إلى أوروبا. وتشير مصادر شركة "تونور" -وهي الشركة المتفرعة عن الشركة الأم البريطانية نور للطاقة- التي ستشرف على الانجاز بمشاركة مستثمرين تونسيين أن المشروع يعد الأضخم من نوعه في تونس من حيث قيمة الاستثمار ما يقارب 10 مليار أورو.وكذلك من حيث انعكاساته التشغيلية والإجتماعية والتنموية على منطقة الجنوب إذ تبلغ قدرة انتاج المحطة الشمسية المزمع احداثها 2000 ميغاواط مع خط كهربائي بري وبحري بطول 1000 كلم لربط موقع الإنتاج بالشبكة الإيطالية للكهرباء. ومن المنتظر أن يساهم هذا المشروع في خلق 20 ألف موطن شغل طيلة فترة الإنجاز و1500 موطن شغل خلال فترة استغلال المحطات الشمسية والتي تصل نسبة استغلالها إلى حوالي 25 سنة. وطيلة فترة الانجاز التي تمتد على حوالي 6 سنوات سيساهم المشروع أيضا في تنشيط جملة من القطاعات الصناعية الأخرى في تونس على غرار صناعة الكوابل والمواد المستعملة الأخرى على غرار المرايا العاكسة لأشعة الشمس وغيرها من التجهيزات. وفي زيارة سابقة لمجموعة من الإعلاميين أمنتها الشركة المشرفة على المشروع إلى رجيم معتوق أكد سكان المنطقة أنهم سمعوا بالمشروع وهم يعولون عليه كثيرا في توفير فرص تشغيل أخرى لشباب المنطقة إلى جانب العمل الفلاحي في الواحات الجيوحرارية التي تعد الآن مصدر الرزق الوحيد. عجز السلطات المحلية وتعد مراجعة القوانين العقبة حاليا أمام الشروع في انجاز المشروع لأن القوانين الحالية تمنح الشركة التونسية للكهرباء صفة المحتكر الوحيد لانتاج وتوزيع وتصدير الطاقة الكهربائية. ويتطلب منح الترخيص لشركة "تونور" مراجعة الإطار القانوني.وكان من المنتظر أن يتكون فريق عمل بين الشركة والأطراف المعنية للتباحث في موضوع الإطار القانوني وأيضا للنظر في صيغ الاتفاق وشروطه. ويبدو أن المستجدات الأخيرة المتصلة بالتحوير الحكومي واستقالة حمادي الجبالي من شأنها تأجيل الحسم في هذا الملف على أهميته مقابل أيضا عجز السلطات المحلية على مستوى الجهة في اتخاذ قرارات في انتظار الحسم على المستوى المركزي. وتجدر الإشارة إلى أن عديد المشاريع معطلة على المستوى الجهوي بسبب التعقيدات الإدارية وبسبب انتظار قرارات سياسية واجراءات استثنائية على مستوى عال صلب الوزارات المعنية أو ضمن اجتماعات مجلس الوزراء. وهناك الكثير من المستثمرين ممن تخلو عن فكرة انجاز مشاريعهم أو حولوا وجهتها بسبب عجز السلطات المحلية والجهوية على الاستجابة لحاجياتهم. وإن ظلت الجهة المشرفة على مشروع محطة الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في رجيم معتوق متشبثة إلى الآن بانجاز المشروع في تونس فالسبب الرئيسي يعود لعامل التكلفة بحكم قرب تونس من إيطاليا.. لكن قد لا ينتظرون طويلا شأنهم شأن عديد المشاريع الأخرى .