- أعلنت حركة النهضة مؤخرا عن قبولها بتحييد وزارات السيادة دون استثناء، في سابقة تونسية لم يشهد التاريخ السياسي الإنساني مثيلا لها. وعندما نرى مسلسل تنازلات هذا الحزب منذ حصوله على التأشيرة؛ والقبول بهيئة تحقيق أهداف الثورة والقبول بنظام الاقتراع البائس والمشبوه وقبوله فخّ السنة لعمل التأسيسي... يمكن أن ندرج هذا القرار في خانة حلقة جديدة من مسلسل هذه التنازلات، التي إن صحت لن يستطيع هذا الحزب إيقافها قبل عودة الإسلاميين وكل أنصارهم وأنصارأنصارهم للمنافي والسجون وعودة نظام القهرللسلطة والسياط من جديد. أما إذا تأملنا عملية التسويق، الواسعة والممنهجة التي أطلقتها وجوه سياسية بعينها وطوال أشهرفي كل مؤسسات إعلامنا، لهذه البدعة التي لم ينزل بها عالم السياسة من سلطان، وبتفحّص الهوية السياسية لهذه الوجوه والتي تتأرجح بين القبول بالمشاركة في الحكم أوالتحالف مع نداء تونس، يمكن أن نذهب إلى فرضيّة ثانية مفادها أن القبول ب"تحييد" وزارات السيادة ليست سوى "طعم" سياسي جديد هدفه الأساسي عزل نداء تونس، في مقابل الانخراط في تمشّ لن يكون سوى ضحك على الذقون، لأنه لا معنى لهذا التحييد خاصة أن الحزب الحاكم برهن في أزمة مقتل بلعيد على أنه تجاوزمرحلة التربص السياسي في الحكم. وتوجد فرضية ثالثة متمّمة للثانية، تذهب إلى أن العملية سياسية استباقية، على نفس منهاج المعارضة، تهدف لقطع الطريق أمام أي محاولة للتشكيك في سيرالانتخابات المرتقبة ونتائجها، فرفض نتائج التحقيقات قبل إنجازها ورفض نتائج مشاورات تشكيل الحكومة قبل القيام بها والإعلان عن فشلها قبل توليها مهامها... تفرض الاحتياط وتوخي كل الحذر، خاصة بعد ارتفاع المنسوب الانتخابي للجبالي بعد مناورته الرشيقة وبعد ارتفاع المنسوب الانتخابي لكل الأحزاب المحافظة إثرسقوط المعارضة مرة أخرى فدعم التجاهربما ينافي الحياء... وسوف تتجلّى بشكل واضح طبيعة هذه العملية وحقيقتها مع الأسماء والأحزاب التي ستشارك في حكومة علي العريض، علما أن حركة "وفاء" لم تحسم أمرها بعد، وهي ترفض المشاركة في إعادة تشكيل القديم بأسلوب جديد، على حد تعبيرأحد قيادييها في الإعلام... ● باحث