إعلانات في الصحف وفي المواقع الالكترونية.. لافتات ملصقة على الجدران.. سمسرة في الأثناء.. كلها متعلقة بالشقق المفروشة.. شقق بات البعض منها محلات لممارسة «الدعارة الراقية»، وهي عبارة يعتمدها البعض نظرا إلى ارتباط نشاط الدعارة ببعض الأحياء الراقية، وجود هذه الشقق المفروشة المشبوهة دفع أعوان الأمن المعنيين إلى القيام ب500 جولة مراقبة لبعض الشقق طيلة 2012 انتهت بالاحتفاظ ب175 شابا وشابة من أجل إعداد محل للخناء وتعاطي البغاء السري والمشاركة فيه. إنّ هذه الشقق المفروشة التي تكرّس بدورها تجارة الجسد دفعت ب»الصباح الأسبوعي» إلى الاطلاع على عدد من المواقع الالكترونية المخصصة للإعلانات فوجدنا عشرات أرقام الهواتف الشخصية لأصحاب شقق مفروشة جلها موجود بالأحياء الراقية، كما تنقلنا إلى منطقة حي النصر حيث قابلنا صاحبي شقتين مفروشتين. ما لاحظناه بداية فور اتصالنا ببعض الأرقام هو وجود بساطة في التعامل مع أصحاب الشقق، إذ يكفيه سؤالك عن موعد كراء الشقة وعدد الأشخاص الذين سيحضرون معك. ظروف ملائمة لممارسة الدعارة أحد الذين اتصلنا بهم هو صاحب شقة مفروشة موجودة بمنطقة سكرة، حاول إقناعنا بكراء شقته الموجودة في مكان هادئ والتي تتوفر فيها كل وسائل الراحة مؤكدا عدم اهتمام الجيران لأمر هذه الشقة «فكل فرد مهتمّ في أمره»، على حدّ تعبيره. حديث هذا السيد أوحى إلينا برغبته في كراء شقته دون أدنى اهتمام للنشاط الذي سيقع ممارسته داخل الشقة، فلم يكلف نفسه حتى عناء سؤالنا عن سبب الكراء واكتفى بالقول: «إيجا أنت وصحابك ومرحبا بيكم في كل وقت»، إجابة أكدت لنا مدى توفير الظروف الملائمة لممارسة الدعارة. وبمجرّد تنقلنا إلى منطقة حي النصر بالعاصمة، وجدنا سهولة في الوصول إلى بعض الشقق المفروشة التي لا يبالي أصحابها بالهدف من الكراء، حتى وإن سألك عن عدد الأشخاص فذلك للتأكد من عدم المساس بأثاث البيت، «فكلما ارتفع العدد إلا وارتفع معه احتمال إتلاف بعض مستلزمات الشقة، لذلك أحبذ كراءها لشخصين أو أربعة على أقصى تقدير»، حسبما صرّح به صاحب الشقة. وانطلاقا من جولتنا وتظاهرا منا بالبحث عن شقة مفروشة نرغب في تأجيرها نهاية الأسبوع، جوبهنا أحيانا برفض تأجيرنا الشقة بتعلّة «تأجير الشقة للعائلات فقط»، لكن حارس أحد العمارات بمنطقة حي النصر نصحنا بالبحث عن شخص على صلة بصاحب الشقة لكي يتوسط لنا عنده، «فصاحب الشقة لا يهتم إن كان المؤجر عائلة أو شخصين.. فما يهمه هو المال ولكنه رفض تأجيركم الشقة لأنه لا يعرفكم ويخشى مجابهة المشاكل»، على حدّ قول الحارس. صحيح أن هناك فرقا مختصة معنية بمراقبة هذه الشقق، لكن لا يمكننا أن ننكر صعوبة حصر شقق «الدعارة الراقية»، وهو ما يدفعنا إلى الحديث في هذا الصدد عن دور المواطنين في التصدّي لهذه الظاهرة، إذ يكفي القيام بإشعار لدى الجهات المعنية لتبادر بمراقبة المكان أو الشقة المعنية ثم تتمّ مداهمتها بمقتضى إذن من النيابة العمومية. شبكات بغاء سريّ منظمة ولا يمكننا أن نخفي كذلك وجود شبكات دعارة منظمة، فبين الفترة والأخرى يصلنا خبر القبض عن شباب يمارسون البغاء في بعض الشقق المفروشة، ففي شهر ديسمبر الماضي تمّ إلقاء القبض على رجل و6 فتيات وجهت لهم تهمة تعاطي البغاء السري والتوسط في ذلك وتكوين وفاق للغرض، فالمظنون فيه بعد أن اتفق مع الفتيات على تأجير شقق مفروشة بنابل والعاصمة لممارسة الدعارة انطلق في اختيار زبائنه من ميسوري الحال وبعض السياح من بعض الملاهي الليلية والحانات والنزل ثم عرض عليهم ممارسة البغاء داخل شقق أعدّها للغرض بالاضافة الى توفير أنواع عديدة من الخمور، لكن رجال الأمن تفطنوا إليهم. هذه الشقق المفروشة تعتبر باهظة الكلفة لأنها تتسبب أحيانا في فقدان حياة أشخاص، فمن منا ينسى حادثة قتل الشابة التي عثر عليها نهاية السنة الماضية جثة هامدة وسط بركة من الدماء في إحدى الشقق المفروشة بالعاصمة وذلك إثر تلقيها طعنات حادة طالت أنحاء مختلفة من جسدها. كما تمّ خلال شهر نوفمبر الماضي تقريبا إيقاف 6 نساء ورجلين على خلفية التفطن لحارس عمارة (موجودة وسط العاصمة) ثبت تورطه في ترؤس شبكة دعارة «يوظّف» فيها متزوجات ومعينات منزلية. حتى لا نتهم جميع أصحاب الشقق المفروشة بتوفير الظروف الملائمة لممارسة البغاء السري، تجدر الإشارة إلى وجود بعض الشقق المفروشة التي لا تؤجر سوى لعائلات خاصة إلى مواطنينا بالخارج الذين يفضلون تأجير شقة مفروشة على السكن في نزل نظرا إلى ارتفاع التكلفة، كما يتجه بعض المواطنين نحو الشقق المفروشة لتنظيم حفلات عائلية ضيقة كحفلة الخطوبة مثلا، لكن في نفس الوقت يجب التأكيد على وجوب تشديد الرقابة على الشقق المفروشة التي باتت تجذب شبابنا وتكون له وكرا لممارسة الجنس، ليبقى دور المواطن أساسيا في مجابهة هذه الظاهرة خاصة في ظل صعوبة حصر عدد هذه الشقق المفروشة "المشبوهة".