احتفلت تونس امس مثل سائر دول العالم بيوم المرأة... 8 مارس هذا العام لم يكن ولن يكون كسابقيه حيث حل وسط تجاذبات سياسية واجتماعية وفكرية حول موقع المرأة التونسية وما يجب ان تكون عليه.. حل وسط جدل انقشع بعضه ومازال بعضه حول مكانة المرأة في الدستور واحتمالات التخلي عن جزء من المكتسبات التي تحققت منذ اكثر من نصف قرن من الزمن عبر مجلة الاحوال الشخصية الرائدة والتي كانت أول قانون يصدر في تونس بعد الاستقلال (13 اوت 1956) قبل حتى صدور الدستور(غرة جوان 1959) وتضمنت القوانين المنظمة للأسرة والتي احتوت تغيرات جوهرية على غرار منع تعدد الزوجات وسحب القوامة من الرجل وجعل الطلاق بحكم قضائي واستمدت تلك المجلة المعمول بأحكامها لحد اليوم روحها من أفكار زعماء إصلاحيين وعلى رأسهم الطاهر الحداد لتجد تلك الأفكار في الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة قوة ودعما ودفعا لتطبيقها على ارض الواقع. اليوم نرى ان الجدل قد عاد صلب المجتمع التونسي فيما يتعلق بواقع المرأة التونسية وعلاقتها بالرجل خاصة بعد ما حاول البعض تمرير فكرة أن "المرأة مكملّة" للرجل في الدستور الذي طال انتظاره وبالتالي التخلي عن صفة "المساواة" بين الجنسين والتي عاش ضمنها الشعب التونسي طيلة 56 سنة... كذلك باتت المرأة مهددة في حريتها الشخصية وفي لباسها ودراستها وفنها وحتى في حقها في طفولتها بعد الدعوات الشاذة لتزويج القاصرات.. المرأة التونسية التي طالما اختلفت عن غيرها من النساء، تجد نفسها مهددة في كيانها المكتسب وتجد نفسها اليوم في مواجهة من يرغبون في فرض واقع جديد عليها.. وتجد نفسها اليوم منقسمة بين"سافرة" و"محجبة" و"متنقبة".. وان كنا نؤيد هذه الحرية في اللباس فإننا نرفض الغلو والتطرف في المظهر. نرفض الغريب عنا وعن عاداتنا وحتى عن ديننا.. فالسافرة والمتحجبة تشكلان اليوم الاغلبية بين نساء بلادنا.. لكن"البرقع" الاسود والنقاب الذي بات البعض يستغله في اخفاء الهوية وارتكاب الجرائم ليس من ديننا ولا من تقاليد لباسنا.. وان قبلنا بهذا الغلو في اللباس يمكن ان نقبل كذلك بمحاولات منظمة "فيمن" العالمية للنساء المحتجات بالصدور العارية التواجد في بلادنا ومحاولتها التغلغل بين نسائنا وفتياتنا لجرهّم نحو نفس اسلوب الاحتجاج الفاضح في اطار ما اسمته امينتها العامة آنا هوتسول ب"طرق التعامل مع الأوضاع لحماية المرأة التونسية من أي قمع قد يحد من حريتها" محاولة تمرير فكرة انشاء فرع لها في تونس.. عاريات الصدور"هن ناشطات أوكرانيات كنّ تظاهرن قبل أيام ضدّ التحرُّش في الجامعات الأوكرانية والسياحة الجنسية وضدّ الحكومة الأوكرانية التي لا تضم أي وجوه نسائية... وتظاهرن ضد رئيس الوزراء الإيطالي السابق، سيلفيو برلسكوني، وهن عاريات الصدر للتعبير عن احتجاج نظم تحت شعار"كفى من برلسكوني... لا نرغب في تواجدهن في تونس ولا نرغب في تمرير طريقة احتجاجهن الى نسائنا لان المرأة التونسية لها ضوابط ولها اخلاق وبعيدة كل البعد عن التطرف والغلو.. فالمرأة التونسية لا نرغب في أن تكون "لفافة" سوداء لا نعرف ماذا تخفي وراءها.. ولا عارية الصدر متبرجة تبتعد عن أخلاقنا وعاداتنا وتعاليم ديننا.. نرغب فقط في"التونسية" ابنة الطاهر الحداد وبورقيبة.. التونسية المسلمة المحافظة على هويتها وعلى كينونتها التونسية.. نريد فقط أن نرى في شوارعنا وفي اداراتنا ومؤسساتنا المرأة "التونسية"لا المرأة "الدانماركية" او"الافغانية".