بقلم: زياد بن عمر- في قراءة أولية لمشروع مجلة الاستثماربعد أن كانت مجلة التشجيع على الاستثمار وهنا نرى البعد الشمولي لهذه التسمية ؛ وعند تصفحنا لفصول هذا المشروع لم نلاحظ البعد العمقي لهذا التنقيح الذي انتظرناه الكثير ويبدوأن هذا التنقيح لن يستجيب إلى تطلعات المستثمر خاصة منه الوطني الذي علق آمالا كبيرة على هذه المجلة المرجوة حتى تعيد الثقة وتيسرعملية الاستثمارفي ظل تحفيزات مالية وجبائية ذات خصوصية جهوية تشجع على الاستثمارفي المناطق الداخلية التي تنتظرإلى حد اليوم وبعد مرورما يزيد عن سنتين من الثورة التي علق عليها أهالينا بالمناطق الداخلية والمحرومة آمالا كبيرة لتحقيق الكرامة والعدالة من خلال التنمية التي وإلى حد الآن معطلة لعدة أسباب منها تأخرصدورهذه المجلة. هذه المجلة وجهت بالخصوص إلى المستثمرالأجنبي الذي وحسب الفصل 10 منها أصبح له حق تملك الأراضي الفلاحية بصفة غير مباشرة حيث جاء بالفصل مايلي: " يمكن للشركات التونسية ملكية الأراضي الفلاحية لغاية أنجازمشاريع فلاحية بقطع النظرعن طبيعة الشركاء فيها. غيرانه لا يمكنها ملكية هذه الأراضي إذا تجاوزت ملكية الأجانب في رأس مالها نسبة 30 %." كما تم تسهيل تحويل الأموال بالنسبة للأجانب دون حسيب أورقيب حيث نصّ الفصل 14 من هذا المشروع انه يمكن للمستثمرالأجنبي أوغير المقيم أن يحوّل إلى الخارج وبالعملة الصّعبة رأس ماله أو حصص أرباحه أو أرباحه الناتجة عن استغلال نشاطه أو المحصول الحقيقي للإحالة أو التصفية لرؤوس الأموال المستثمرة بواسطة توريد عملات وإن تجاوزهذا المحصول رأس المال المستثمرمنذ البداية. هذا الفصل الغامض الذي سيكون منفذا لتبييض الأموال في ظل قوانين جائرة سابقة أتاحت الإمكانية إلى الشركات الأجنبية الانتصاب بتونس وتخريب اقتصادها دون وجه حق؛ اذكرمنها الأمر 492 لسنة 1994 وهذه الشركات هي في شكل واجهة لتبييض الأموال والتهرّب الجبائي لم يقع التصدي لها إلى حدّ اليوم والأدهى أن هذه المجلة ستأتي لتدعيم ما سبق. والملاحظ أن هذه المجلة حافظت على نفس التشجيعات والحوافز الجبائية والمالية السابقة وبنفس الروح، دون تشخيص واقع الاستثمار وتقييم الحوافزالتي منحت للشركات وتحديد قيمتها والوقوف على مدى نجاعتها في تشجيع الاستثمارحيث جميعنا يعلم مدى التلاعب الحاصل جراء هذه التشجيعات والإعفاءات الممنوحة. وكان من الأجدرأن يسبق هذا التنقيح لهذه المجلة إصلاحات هيكلية وجوهرية في المنظومتين الجبائية والمالية التي تشوبهما عديد النقائص والهنات وهما المحرك الأصلي للاستثمار.