الشاعرة سامية عمار بوعتّور تصوغ قلائد الديوان شعرا صدر خلال الأيام القليلة الماضية الديوان الشعري الثالث للشاعرة التونسية سامية عمار بوعتور عن مطبعة التسفير الفني بصفاقس يحمل عنوان:"قناديل الفرح والجمر"، ويأتي هذا الإصدار بعد"هديل الصمت"2003 و"منمنمات المانية" 2006 نجد سامية عمار بوعتور تمهر ديوانها الجديد بقراءة نقدية تحمل امضاء الدكتورة فاطمة الأخضر لمجموعتها الشعرية " قناديل الفرح والجمر"،... لكنها ستثير حتما قارءها وستضعه أمام متاهة الوجع ورماد الصمت وشجن القوافي.. من جهة وإيقاع الفرح وترنيمة الى مدينة "هايدلبارغ" والى الشاعرين العربيين الراحلين الكبيرين الشابي ومحمود درويش حيث عزفت لهم على ربابة شاعريتها أغنية جديدة... ويبدو أن " قناديل الفرح والجمر" هي مجموع الشخصيات والأماكن التي صاغت لها قلائد هذا الديوان شعرا وقد توجتها على عرش تواريخها ونهاراتها والعطور وجعلتها آية لملاذها ذاعنة لتاجها كما تقول في قصيدة "ترنيمة الى مدينة هايدلبارغ": أيقظت في كوامن الوجدان حمراء يا ياقوتة البلدان خضراء يكسوك الزمرد حلة يا روضة من جنة الرضوان.. ونحن نجول القصيدة تختلط فيها الحنكة التصويرية مع القيمة البلاغية المتجددة لدى الشاعرة التي تعود لتقول في نفس القصيدة: "درب الفلاسفة" المضمخ بالرؤى قطع الجبال بطفرة النشوان.. في هالة قدسية منها ارتوت رومنسية الألمان... وبعد أن قطعت الشاعرة أشواطا بعيدة في ترسيخ قصائدها كمعترك أولي في تجديد محتواها أكان تصويريا أم بلاغيا من خلال إصدارها عددا من الدواوين حملت رؤية حداثوية جديدة الهدف منها ليس تجريبيا فقط أو مسايرة لوسائل كتابة حديثة مستوردة، إنما الغاية منها منح النص الشعري لديها فرصة التجديد من خلال تزويده بطبيعة حيوية جديدة... إن من يقرأ هذه الأبيات سيتعرف حتما على كتابة جديدة داخل لغتها وقد تكون غير مفهومة بداية لكن معانيها تأخذ بالتكشف بيتا فبيت ما دامت القصيدة لم تنته بعد، وهي لعبة حاذقة حقا أتعرف عليها لأول مرة تأخذنا الشاعرة فيها إلى محاولة تجريف كل ما هو معتاد لتهيل عليه كل جديد في إطار الموصوف وهو الحبيب الرمز... هنا مستخدمة الأسماء التي ستحتاجها في بعث الحدث المراد معالجته، والزمان يضع الأسماء فيه كيف شاء قد يكون ماضيا أو حاضرا أو مستقبلا، والمكان كصورة نهائية لها كما في بقية أبيات القصيدة.. تجربة سامية عمار بوعتور هذه تذكرني بكلام الباحث اللبناني بيار أبي صعب حينما تناول ديوان أدونيس" تاريخ يتمزق في جسد إمرأة " يقول: أن أدونيس في ديوانه هذا يسترسل في" نحته الواعي" للعبارات والصيغ والإيقاعات والصور كي تتسع للرؤيا ويستعيد تلك الأرض الخراب التي تحتضن حضارة على شفير الزوال، ليصوغ قصيدة درامية طويلة ربما على طريقة إليوت ويستسلم إلى هجرة لا قرار لها، وهكذا تمضي سامية عمار في قصائد ديوانها " قناديل الفرح والجمر " مستخدمة تيمات غير راكدة كما في" نشيد الى"غزة"الجريحة"... وردة للثورة " و"خالد في سطوري" و"شجن القصيدة " و"على قلق" و" ايقاع الفرح".. هذا التعلل أعقبته بعزاء الفراق كما في خاتمة ديوانها " ترنيمة الى والدي" التي يمكن أن نتوقف حيالها لمقارنة ما بدأناه من قراءة اولى قصائدها... قناديل الفرح والجمر تجربة شعرية جديدة تتسم بالسلاسة والعفوية الصادقة ذات مضامين معبّرة تنطلق من الواقع لتبث فينا الحياة من جديد.. واعادة الروح الى رموزنا ورجالاتنا الفكرية التونسية والعربية التي كان لها التاثير على مدى وعينا وإدراكنا لأهمية وخطورة ما يحيط بنا.. وما يخطط للايقاع بحضارتنا وطمس معالم هويتنا وتقبيح مكامن الجمال فينا....