يبدو أن حملات التشويه و"ضرب" الخصوم السياسيين باتت تطرح عديد التساؤلات ذلك ان محاولات الشيطنة والتقزيم وإلصاق التهم بهذا الطرف أو ذاك لم تسلم منها الهياكل والوزارات بل انها شملت عشرات المؤسسات لتكيّف وفقا للمصالح الشخصية والحسابات السياسية والأجندات الحزبية تحت عناوين بارزة بالبنط العريض ظاهرها إزاحة الستار عن بعض الأسرار خدمة للشعب وباطنها تحقيق مآرب وأغراض بعيدا عن التفكير في تداعيات هذه الممارسات اللاأخلاقية. حملات التشويه على صفحات التواصل الاجتماعي "الفايس بوك" لم تتوقف يوما بل ان صفحات الشتم والسب والتقزيم والادعاء ما فتئ يتضخم عددها مع كل يوم جديد لتكون فضاء للتحريض والكذب والافتراء والادعاء ونشر التفرقة والبغضاء وما يمكن ان يسببه ذلك من توتر واحتقان في ساحة "تغلي" كالمرجل بطبعها. وفي ثنايا هذه الأجواء المشحونة أصبحت الغاية "ضرب" الخصوم السياسيين ليفعل هذا أوذاك ما يشاء وقت ما يشاء وكيفما يشاء لتبلغ الحرب التشويهية اشدها بشكل يصبح فيه نساء هذا الطرف السياسي "عاهرات" والمنتميات لذاك الطرف "حارزات" وهؤلاء "حثالة" وأولئك "زبالة"، وهذه الجهة تجار دين ومشعوذون وأولئك كفار وسراق ومتحيلون في مشهد يعكس تناقضات صارخة لن تفضي إلا الى مزيد تشتيت المجتمع التونسي وانقسامه. ومن المؤسف أن ينخرط بعض السياسيين وزعماء الأحزاب في المهاترات الكلامية والحملات التشويهية لتحقيق مكاسب سياسية وغايات انتخابية بشكل قد يكون صادما أحيانا لأن الأمر كثيرا ما تجاوز مجرد الانتقادات. وما يتناهى الى مسامعنا من خطابات أو ما يروجه البعض في بعض "البلاتوهات" يتجاوز الخطوط الحمراء ليتحول الى تجريح مبالغ فيه وهتك للأعراض وحتى الشرف بما يطرح نقاط استفهام. ومن الغريب والعجيب أن تتحول بعض مساجدنا الى فضاءات للتشويه والتقزيم والشحن و"التهييج" ليكون الخطاب الديني فيها بمثابة صبّ الزيت على النار وإشعال فتيل الصراعات والانقسامات في وقت كان عليها نشر خطاب معتدل ومتسامح يدعو الى رصّ الصفوف والوحدة الوطنية في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به البلاد. نعلم أننا مازلنا في بداياتنا على درب تأسيس الديمقراطية لكن المسار الانتقالي يحتم على جميع الأطراف نزع "الجبة" القديمة التي "تدثروا" بها طيلة الفترة الماضية والتحلي بروح المسؤولية وهي مسؤولية أخلاقية بالأساس في غياب قوانين تفرض على كل فرد مهما كان مستواه العلمي ومذهبه السياسي ومشربه الفكري تجنب التشويه والتقزيم ونشر الأكاذيب والافتراءات. وفي الوقت الذي بدأ فيه العدّ التنازلي للانتخابات آن الأوان لمراجعة الحسابات والتحلي بالوطنية في سبيل التهدئة وتنقية الأجواء لأن تواصل حملات التشويه غير المحسوبة قد يفضي بنا الى طريق مسدود يكون مجهول العواقب.