في إطار برمجته الشهرية استضاف نادي مصطفى الفارسي للإبداع الشاعر التونسي عز الدين الشابي الذي قدم شهادة تاريخية عن علاقة الزعيم الحبيب بورقيبة بالمثقفين والشعراء خاصة وسعة صدره واطلاعه وقبوله النقد وحتى الهجاء شرط ان يكون بليغا وان يحسن صاحبه تقديمه والدفاع عنه. هذا اللقاء انتظم في السليمانية يوم السبت 6 افريل فتنافذت خلاله الفنون واستمتع الحاضرون بالمسرح والشعر بلغتيه الفصحى والعامية التونسية وبالموسيقى والغناء. لم تكن الجلسة عادية وان كان الحاضرون من الشعراء حصلوا منها على نصيب الأسد وقرأوا قصائدهم بتلقائية وبكثير من الإحساس والحماس وشاكسوا الكمنجة فنطقت تحت أنامل كل من الفنان زكرياء القبي والطبيب النفسي الدكتور سليم العنابي الذي ابهر الحضور لا بالمحاضرة التي قدمها مسرحيا وعنوانها"الألوان الإبداعية والأرضية النفسية للشارع عز الدين الشابي" فقط وإنما أيضا بالعزف والغناء باللغات العربية والتركية والفرنسية. مشاكسات بين الشعر والموسيقى عزف ادخل الكثير من البهجة على الحضور وشجع الكل على الإدلاء بدلوهم في الفنون التي يتقنونها. فقرأت عروسية الرقيقي"من وحي الطريق" و"مع سبق الإصرار" و"وهيبة قوية "الكمجة" وحاورت فيها العازف زكرياء القبي وقرأ لطفي السنوسي "ليلى" و"رسالة إلى شهيد " وعبد السلام الأخضر والدكتور مختار بن إسماعيل من قصائد السفر"بدائع صينية "و"سكر بفنجاني" وسندس بكار"المشمش أنجم معلقة" التي راوحت فيها بين الفصحى والعامية و"نداء الأحبة" و"الظلال تلعب الغميضة" وهدى الدغاري" كنت أراقبك" و"في مقهى لا فونتان" و"ارتعاش" والهادي بن عبد الملك" كل حرف" وهي قصيدة وطنية نالت الكثير من الإعجاب والتصفيق وسالم اللبان"موطن الربيع". ليس التَديَن أزياء تميزنا انَ التَديَن قلب عجَ إيمانا والمسلم الحقَ لا يبدي تبرَجه بعض التَبرَج في التَمييز أحيانا من يعرف الله لا يغرى بمظهره ولن تزيدنَه الأزياء عرفانا شتَان بين الَذي تحميه سترته وبين من يحتمي بالخلق شتَانا هذه الكلمات من أشعار عز الدين الشابي وقد كان الحديث عنه ومعه ذو شجون بدأه الشاعر سويلمي بوجمعة فقال ان المربي والشاعر عز الدين الشابي صاحب تجربة في مجال الشعر والسرد بالعربية الفصحى والموزون العمودي والحر وله نصوص باللهجة التونسية الدارجة كما كتب السيناريو. بدأ معلما ثم أستاذ تعليم ثانوي وحصل على الدكتوراه من مونبيليي بفرنسا وينتمي إلى العائلة الموسعة للشاعر التونسي ابو القاسم الشابي وان كان استقر في مدينة بنزرت. الأصل أن أكون شاعرا قال عز الدين الشابي:" ابحثوا لي عن وطن// قبل ان تفتكه مني الطوائف والمحن// ابحثوا لي عن وطن قبل ان يطردني منه التكالب//والتجاذب والطحالب والفتن" وفسر علاقته بالشعر: "نحن كشعراء نولد مرات عديدة.. وتركيبتي لم تكن تركيبة شاعر فانا لا احلم كثيرا ولا أغامر ولا أجازف قدماي دائما على الأرض لذلك اعتقدت طويلا أنني متهم بالشعر وعندما قرأت في ذاتي وتركيبتي وتاريخ أهلي وجدت ان الأصل أن أكون شاعرا" ثم تحدث عن أهم مراحل مسيرته الشعرية فقال انها بدأت في فرنسا حيث كان يدرس ومدح الرئيس الفرنسي السابق شارل دي غول وهجا الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة فمنحه الأول رتبة "سانسوليي دافريك" وعاش في الستينات في فرنسا معززا مكرما وعندما عاد إلى التدريس في تونس رغب بورقيبة في التعرف عليه ليرى هذا الذي هجاه بكل تلك الحدة والبلاغة وعندما لامس سعة ثقافته وقدرته على الحوار قربه منه وتغيرت العلاقة وأصبح الشابي والكلام له:" الشاعر الوحيد الذي كنت امدح بورقيبة ثم يطلب مني بإلحاح ان اقرأ عليه بعض ما نقدته فيه دون ان يغضب وشهادة للتاريخ كان بورقيبة يتمنى لو تم انتخابه ولو مرة بنسبة51 بالمائة ولكنه لم يحظ بهذا الشرف وقد حرم منه كما صرح لي هو بنفسه"ثم عرض على الحضور وقد كان ينصت في انتباه وصمت كتابه"الليل والعرب" وقال:"كتابي هذا ناقشته 9 ساعات في وزارة الداخلية بعد ان قررت اللجنة حرقه ولكنني احتميت بعلاقتي ببورقيبة وهددت من حققوا معي آنذاك وخرجت منتصرا وأنقذت كتابي." وفي نهاية حديثه - وقد تفاجأ بذاك الكم الكبير من الشعراء والشاعرات - الذين جاؤوا من اغلب جهات تونس ونوعية الشعر الذي قرأوه احتفاء به - أوصى بإعلاء كلمة الشعر لتكون أكثر فاعلية لإرجاع الثورة إلى مسارها الحقيقي وان يناضل الشعراء كما يناضل المسرحيون.