مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    المسرحيون يودعون انور الشعافي    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا بد من مرحلة انتقالية ثالثة قصيرة الأمد لإخراج البلاد من الأزمة
سامي بن سلامة ل"الصباح":
نشر في الصباح يوم 10 - 04 - 2013

نرفض أية رقابة دولية في الانتخابات فنحن لسنا بدولة محتلة - قانون هيئة الانتخابات وضع على القياس لإقصاء اعضاء الهيئة الحاليين وتعويضهم بمتعاونين.. سيتم اختيار القائمة النهائية الفائزة في هيئة الانتخابات خارج اللجنة الخاصة وبالاتفاق بين الكتل المهمة في المجلس التأسيسي - جزء من المعارضة لا برنامج له سوى البقاء في التأسيسي إلى حين الحصول على التقاعد بعد سنتين - استهدفت الهيئة الحالية للانتخابات وضيق عليها اداريا وخنقها ماليا لدفعنا الى اعلان اندثارها - من يمارس سياسة الاقصاء مآله الاقصاء -
حاوره: رفيق بن عبد الله - انتقد سامي بن سلامة عضو الهيئة المركزية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في حوار ل"الصباح" القانون المنظم للهيئة المستقلة للانتخابات لأنه يفقد الهيئة استقلاليتها تجاه السلطة وتجاه الأحزاب وتجاه الأطراف الخارجية حسب رايه. وقال إن القانون وضع على القياس لإقصاء اعضاء الهيئة الحاليين بوضع شروط في القانون تمنع اعضاء الهيئة المركزية من الترشح لعضوية الهيئة المقبلة.
واتهم بن سلامة منظمات دولية لم يسمّها بتكوين تونسيين لتقديمهم كأشخاص مستقلين لهيئة الانتخابات ومن ضمنهم اعضاء في ديوان احد الوزراء السابقين، محذرا من خطورة استقدام مراقبين دوليين للإشراف على الانتخابات المقبلة.
وكشف أن جميع اعضاء الهيئة المركزية والهيئات الفرعية قرروا عدم الترشح لعضوية هيئة الانتخابات الجديدة باستثناء 18 مترشحا، متهما جانبا من المعارضة التي لم تكن على مستوى المسؤولية وادخلت البلاد في توافقات مغشوشة، حسب تعبيره.
واعتبر أن الحل للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد لن يكون الا سياسيا، داعيا إلى مصارحة الشعب والاعتراف بفشل المرحلة الانتتقالية الثانية، والبحث عن بدائل توافقية متعلقة بشروط وآليات بدء مرحلة انتقالية ثالثة نهائية قصيرة الأمد تؤدي مباشرة إلى حكم دائم ومؤسسات مستقرة دون المزيد من الهزات..
علما أن بن سلامة رفض الإدلاء باي تصريحات صحفية منذ فترة طويلة، لكنه قرر أخيرا الخروج عن صمته فكانت تصريحاته الحصرية ل"الصباح" في هذا الحوار نارية.. وذات دلالات عميقة..
وسامي بن سلامة عدل اشهاد وعضو في المكتب التنفيذي للجمعية الوطنية لغرف عدول الاشهاد ونائب رئيس غرفة الجهوية لعدول الاشهاد بتونس..
في ما يلي نص الحديث:
+ انتقدتم بشدة القانون المحدث لهيئة الانتخابات ووصفتموه بالفاسد..لماذا؟
- انتقدناه لأن القانون الأساسي عدد 23 يفقد الهيئة استقلاليتها.. تجاه السلطة وتجاه الأحزاب وتجاه الأطراف الخارجية.
تجاه السلطة بوضع قواعد تحد من هامش التحرك لدى الهيئة وتجعلها خاضعة للسلطة السياسية وخاصة رئاسة الحكومة، تجاه الأحزاب عن طريق اعتماد منطق المحاصصة السياسية فيه اختيار الأعضاء وحتى موظفي الجهاز التنفيذي في المستقبل.
تجاه الأطراف الخارجية تحقيق رغبات الخبراء الأجانب في اقصاء الهيئة الحالية غير المتعاونين وتطبيق نظرياتهم في السيطرة على هيئة الانتخابات واتخاذ القرارات وتقديم اعضاء الهيئة للإعلام على انهم قاموا بالانتخابات
الإشكالية تكمن في ان عملية الإقصاء شملت جانبين في الهيئة المقبلة أولا الخبرات داخل الهيئة وثانيا الخبرات خارج الهيئة.
بالنسبة للخبرات من الهيئة، تم عمل المستحيل لوضع شروط في القانون تمنع اعضاء الهيئة المركزية من الترشح فتم التقليص من عدد الأعضاء من 16 الى 9 وتم اقصاء قطاعات بعينها مثل المجتمع المدني، وتم منع اعضاء الهيئات المهنية المنتخبة ويمثلون ثلث عدد اعضاء الهيئة المركزية من الترشح اصلا خلافا لأبسط مبادئ حقوق الانسان.
+ اعتبرتم أن القانون وضع على القياس.. كيف ذلك؟
- هذا القانون وضع على القياس لإقصاء الهيئة التي قامت بانتخابات 23 اكتوبر والمصيبة أن المعارضة في المجلس التأسيسي وخاصة احد السياسيين البارزين هم من ساهموا في تسهيل المخطط للاستيلاء على الهيئة.. نظرا لأن المعارضة التونسية غير واعية بالرهانات الحقيقية ودخلت منذ فترة في توافقات مغشوشة في جميع المواضيع الحساسة أدت بنا إلى الوضع المأساوي الحالي..
+ من تتهم تحديدا..؟
- من يعتقد خطأ ويصرح بذلك بأن التصويت في اللجنة الخاصة على اعضاء الهيئة بثلاثة ارباع الأصوات كاف لتحقيق استقلاليتها.. وهو أمر غير صحيح نظرا لإمكانية تسرب أشخاص لا يشك بتاتا في استقلاليتهم ولكنهم عقدوا صفقات مع أحزاب..
+ ولماذا تعتقد أن طريقة التصويت هذه لا تضمن استقلالية الهيئة مستقبلا؟
- لأنه يقال أن هناك 30 شخصا تم تكوينهم طيلة المدة الفارطة عن طريق الخبراء الأجانب في مختلف مناطق العالم لتقديمهم كأشخاص مستقلين لهيئة الانتخابات ومن ضمنهم اعضاء في ديوان احد الوزراء السابقين.. ولن يشك احد في انتمائهم او استقلاليتهم المفترضة، فلا يكفي عدم حمل بطاقة حزب معين لإثبات الاستقلالية..
+ من هم الخبراء الأجانب..؟
- منظمات دولية معروفة.. بالمشاكل التي عرفتها مع الهيئة الحالية..
+ وما مصلحتها في ذلك؟
- السيطرة على الادارة الانتخابية والنفاذ الى مصادر المعلومات باعتبار ان الجهات المانحة في عملية الانتقال الديمقراطي تعتبر ان لديها حق الرقابة على اموالها وهو ما يهدد سيادة الدولة التونسية التي حافظنا عليها من جانبنا في جميع الحالات وحتى خلف الأبواب المغلقة.. فالعصر الحالي يبدو انه عصر تبعية وتخل عن مقومات السيادة..
هناك مسألة مهمة في هذا الاطار هي تصريحين خطيرين لرئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي لم يلتفت لهما احد ومتعلقان بضرورة اجراء الانتخابات تحت رقابة دولية وهو امر نرفضه فلا يمكن التخلي عن استقلالية الهيئة وتعويضها باستعمار جديد. ولا يمكن لسياسي تونسي ان يهدد سيادة دولة لم تحصل عليها تضحيات وشهداء فهذا التصريحات لم يرد عليها أحد وكأن الأمر عادي وهو ما يثير قلقنا فنحن نرفض تماما اية رقابة دولية في الانتخابات فنحن لسنا بدولة محتلة، نحن لسنا لا العراق ولا افغانستان ولا تيمور الشرقية.. او هايتي..
+ ومن أشرف على الانتخابات في هذه الدول؟؟
- الأمم المتحدة.. والدول النافذة..
+ لكن لماذا هذا التحامل على المراقبين الدوليين.. أليسوا هم من سيضمنون نزاهة العملية الانتخابية؟
- نزاهة العملية الانتخابية يضمنها الشعب التونسي بمختلف قواه وتضمنها هيئة انتخابية مستقلة.. أما إنشاء هيئة غير مستقلة وتغطية ذلك بجلب مراقبين دوليين ليشيدوا بالصفوف الطويلة المنظمة امام مكاتب الاقتراع وباحترام توقيت فتح وغلق مكاتب الاقتراع وبنزاهة انتخابات لا يقدر ان يغوصوا في تفاصيلها.. فذلك أمر غير مجد لأن الفرق بين المراقبة والملاحظة أن المراقب له الحق في التدخل في العملية الانتخابية على الميدان بينما الملاحظ يدون ملاحظاته فقط وينشر تقريرا بعد ذلك لا غير..
وقد تعاملنا مع ملاحظين دوليين محترمين في الانتخابات الفارطة من اهمهم واصدقهم واكثرهم حرفية واحتراما للشعب التونسي مركز كارتر الوحيد الذي باشر الملاحظة على قواعد صحيحة منذ بداية عمل الهيئة الى نهاية الإعلان عن النتائج..
+ لكن الهيئة المقبلة من المفروض ان تكون هي صاحبة القرار في جلب مراقبين من عدمه؟
- لا يمكن لهيئة الانتخابات ان تعتدي على سيادة البلد وعلى استقلاله..وهو قرار سياسي يتخذ بناءا على ضغوط دولية واذا ما ربطناه بما يقال عن خضوع لتعليمات صندوق الدولي.. فإننا نخشى على مستقبل بلدنا وعلى حرية شعبنا.
+ لماذا لم تقرر حكومة الباجي استقدام مراقبين لانتخابات 23 اكتوبر؟
- هيئة تحقيق أهداف الثورة التي ترأسها عياض بن عاشور حين وضعت القانون الانتخابي اعتبرت أن المراقبة لا يمكن ان تكون الا من داخل الهيئة وان الملاحظة تشمل الملاحظين المحليين والدوليين.
+ لكن القانون الانتخابي الجديد لم يوضع بعد؟
رئيس الحكومة السابقة الذي طلب مراقبين دوليين في آخر تصريحاته وتهكم على من يربط الأمر بسيادة البلد.. هو أمين عام الحزب الحاكم صاحب أغلبية المقاعد في المجلس التأسيسي..
+ قررتم كأعضاء في الهيئة المركزية الحالية مقاطعة الترشح للهيئة المقبلة، لماذا؟
- هو قرار جماعي اتخذ لتحقيق المصلحة العليا للوطن، فقد كان امامنا خياران بعد اقرار القانون الجديد، واتضاح أن الهيئة تمثل مشكلة اساسية لعدة أطراف في السلطة والمعارضة، اما الترشح والدخول في لعبة تم حبكها بعناية شديدة، حيث خططوا لإسقاط النواة الصلبة في الهيئة في عملية التصويت وتبرير ذلك بقواعد الديمقراطية ويتفرق عندها دم الهيئة بين القبائل.
واما التعبير تاريخيا عن موقف سياسي متقدم يحمل جميع الأطراف مسؤولياتها ويضع الجميع امام امتحان التاريخ عن طريق إطلاق صيحة فزع وإعلام الشعب والنخبة بأن العملية لن تؤدي الا الى استيلاء بعض الأطراف المهيمنة على اللعبة وإفساد قواعد اللعبة التي قامت عليها المرحلة الانتقالية.
وقد قررنا منذ ختم رئيس الجمهورية لقانون الهيئة الجديد ان نتحمل مسؤولياتنا وان نقاطع انتخابات وضعت القائمة الفائزة فيها سلفا.
+ كيف ذلك..؟
- لن يتم اختيار القائمة النهائية الفائزة الا خارج اللجنة الخاصة وبالاتفاق بين الكتل المهمة في المجلس التأسيسي.
+ وهل التزم أعضاء الهيئة بقرار المقاطعة؟
- اغلب أعضاء الهيئة المركزية والغالبية الساحقة من رؤساء وكتاب عامين واعضاء الهيئات الفرعية بتونس والخارج وعددهم اكثر من 400 خبير انتخابي..لم يترشحوا.. اذ لم يترشح سوى 18 شخصا اغلبهم غير معروفين. مع الملاحظ أنه حتى على المستوى القطاعات المهنية المشكلة للهيئة الحالية فقد التزم عدول الإشهاد والمحامين وممثلي المجتمع المدني بالقرار رغم محاولات المحمومة من قبل البعض لدفعهم للترشح، فرغم دفاعهم عن الهيئة وتمسكهم بها فإنهم خيروا الوقوف وقفة عز ورفضوا الدخول في ما يعتبرونه مسرحية.
+ وما هو السبب الحقيقي لعدم ترشحكم لعضوية الهيئة المقبلة؟
- أولا لاحظنا انه تم ضرب جميع المؤسسات التي ساهمت في تحقيق ولو جزء من اهداف الثورة فضربت الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة، وهيئة اصلاح الإعلام، وضربت هيئة الانتخابات المؤسسة الوحيدة الناجحة التي بقيت ناشطة. فنحن في تونس تحكمنا عقليات مريضة تعتمد الصفحة البيضاء لا يهمها تحقيق اهداف الثورة بقدر ما يهمها ملء الفراغ الذي تركه النظام السابق.
لقد تم استهداف الهيئة على ثلاث مستويات على الأقل، اولا تم التضييق عليها اداريا وخنقها ماليا لدفعنا الى اعلان اندثارها فلم تمول ميزانيتها الى نهاية سنة 2012 بمليم واحد من ميزانية الدولة وتم افتكاك مقراتها، وموظفيها رغم حاجة الهيئة لهم عند اصدارها تقريرها النهائي وتقريرها المالي.
ثانيا، تم اعتماد سياسيات متخلفة وغير أخلاقية تجاه الهيئة من دخول في معركة حول وجودها من عدمه من قبل بعض المسؤولين الذين دخل بعضهم مزابل التاريخ.. ومن استعانة بخبراء أجانب خلسة لوضع مشاريع قوانين تقضي تماما على النموذج التونسي في الانتخابات وتقصي الكفاءات منها، ومن تشويه غير أخلاقي طال الهيئة ومسؤوليها وانجازها التاريخي بقرار حكومي على أعلى مستوى..
ثالثا، تم وضع اطار قانوني جديد متخلف عن الضمانات التي وفرها المرسوم عدد 27، لا يعترف بنجاح التجربة ويقضي على استقلالية الهيئة بحيث لا يمكنها من السيطرة على الانتخابات بفرض مجلس هيئة لا صلاحيات له، وجعل المدير التنفيذي متغولا وتقليم فروع الهيئة، وجعل الهيئة مجرد ادارة خاضعة للحكومة. وهو قانون وضع على القياس لإقصاء اعضاء الهيئة وتعويضهم بمتعاونين..
+ما رأيكم في رفع مجموعة ال25 قضايا في الخروقات التي شابت تكوين الهيئة الجديدة؟
- أعتبر أن المجتمع المدني تحمل مسؤولياته بعد إخفاق السياسيين في حماية البلد من دكتاتورية في طور البناء.. وطبعا يبدو أن الخروقات الإجرائية خطيرة وينتظر الجميع من المحكمة الإدارية تطبيق القانون دون الخضوع للضغوطات وسيذكر لها التاريخ أنها ساهمت في حماية مستقبل الوطن.
ونحن لا نثق لنا في القضاء كمنظومة خاضعة للسلطة ولكن لنا ثقة في القضاة النزهاء، وطبعا استعملت الحكومة السابقة القضاء كما تعلمون لضرب الهيئة وقد فضحنا تلك الممارسات ووضحنا ان هدفها كان مزدوجا، أولا القضاء على فكرة أن الانتخابات كانت نزيهة وشفافة بغاية تنفير الشعب من فكرة الانتخابات واطالة الفترة الانتقالية إلى ما لا نهاية له، وثانيا القضاء على فكرة المطالبة الشعبية بإشراف الهيئة الحالية على الانتخابات وتفادي الضغوط الناتجة عن ذلك عن طريق برمجة عملية تشويهها واتهامها بالفساد مع ما صاحب ذلك من حملة تشهير وكذب وتلفيق بإشراف مباشر من أطراف على أعلى مستوى في الحكومة السابقة.
وقد استعمل القضاء للأسف في مختلف هذه الأعمال.
+ وماذا عن السلم التقييمي الذي وضعته اللجنة الخاصة المكلفة بفرز الترشحات؟
- لقد زاد السلم التقييمي الطين بلة، وهو سلم بائس وضع على القياس لإقصاء أعضاء الهيئة تماما كما كان يفعل النظام السابق في تنقيحاته الدستورية.
السلم اعتمد معايير لا علاقة لها بعالم الانتخابات، ولا يصلح الا ربما لانتداب موظف في بلدية او في معتمدية. وهو على كل حال لا يصلح لاختيار مرشحين لمنصب سياسي من اخطر المناصب في الدولة التونسية الحالية. فاعتمادا على ذلك السلم فإن أي شخص لا يعرف معنى للانتخابات يمكنه التفوق على جميع اعضاء الهيئة المركزية بمن فيهم رئيسها وبفارق شاسع.
فلن يفوز أي شخص بالعضوية الا بوجود دعم حزبي مباشر وتوافقات تحت الطاولة وفق محاصصة حزبية بغيضة والا فإنه لن يمر ولو كان أنجب النجباء وهو ما رفضناه تماما حفاظا على استقلاليتنا وعلى استقلالية الهيئة.
إن الإقصاء لم يشمل اعضاء الهيئة فقط بل شمل أبرز الكفاءات الوطنية التي ساهمت في الانتخابات الفارطة ومن اهمها مدير المركز الوطني للإعلامية وبعض الولاة والمعتمدين الأكفاء، بل أن أحد أهم الكفاءات وهو السيد عادل قعلول كاتب الدولة السابق لدى وزير الصناعة والتكنولوجيا أحد أبرز المساهمين في الانتخابات السابقة، لم تشفع له خدماته الجليلة للوطن وتم اعتقاله بينما من يهدد الشعب في أمنه يسرح في البلاد كما عنّ له.
+ هل تتهم المعارضة بالتواطؤ؟
- إن المصيبة الكبرى هو أنه لولا تواطئ شق من المعارضة لما حصل ما حصل من أزمات في البلاد. وشخصيا لا ألوم كثيرا حركة النهضة التي وجدت المجال مفتوحا لتقدم إغراءاتها ولتفرض سيطرتها.. لكنني الوم من - لحسابات نفسية وشخصية ضيقة انتقاما من مواقف الهيئة- سمح بتدميرها كمكسب وطني ودافع عن ذلك لدى بقية اطراف المعارضة..
+ من تقصد؟
- عديد الأطراف؟ وربما خاصة من لم يغفر الى اليوم للهيئة تأجيلها لموعد الانتخابات ومنعها الاشهار السياسي.
نحن نلوم جزءا كبيرا من المعارضة التي لم تكن على مستوى المسؤولية وادخلت البلاد في توافقات مغشوشة اضرت بها لا لشيء الا لتفادي الدخول في معارك قد تؤدي بها في حالة التصعيد الا الاستقالة من التأسيسي، وفقدان الامتيازات ومغادرة بلاتوهات التلفزة نهائيا، فجزء منها لا برنامج له سوى البقاء في التأسيسي لحين الحصول على التقاعد بعد سنتين. فالدخول في معركة مع من يريد السيطرة على هيئة الانتخابات كان سيؤدي الى أزمة تضطر بعدها الى الاستقالة وفقدان الدجاجة التي تبيض ذهبا..
فهي مسؤولة قدر مسؤولية "الترويكا"، فهم جميعا يمارسون الحكم ويتقاسمونه بينهم ولا يمكنهم الادعاء خلاف ذلك، وسيتحملون المسؤولية التاريخية متضامنين عما ستؤول عليه الأوضاع في البلاد.
+ لو كنت مكانهم ماذا كنت ستفعل؟
- لو كنت في التأسيسي لاستقلت ولأعلنت الفشل ولأعلمت الشعب وطلبت منه التفكير في صيغة أخرى للانتقال الى الديمقراطية، فعندما اقارن بين مستوى النقاشات في هيئة تحقيق اهداف الثورة وما يحصل في التأسيسي احس بانه ما يزال امامنا وقت طويل لتحقيق اهداف الثورة، فالجميع يحس بخيبة أمل كبيرة تجاه المعارضة خاصة، ومن يريد بناء الديمقراطية لا يقصي من نجح في مهمته، ومن يمارس سياسية الاقصاء مآله الاقصاء وعلى الباغي تدور الدوائر.
+ وهل تحمّلون كل المعارضة مسؤولية هذه اللأزمة؟
- قطعا لا، فهناك عديد الأعضاء في المجلس التأسيسي يشرفون كل تونسي ومستواهم مرتفع، ومن الظلم لهم جلوسهم بجانب بعض الوجوه التي لا تستحق مكانها ولكن لم يستطيعوا فعل شيء لأنهم يمثلون أقلية صغيرة جدا.
+ ما صحة ما يقال عن اعتزام السيد كمال الجندوبي الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
- الوحيد الذي يمكنه الإجابة عن السؤال هو كمال الجندوبي، وعلى كل لا نعلم الى اليوم عن أي موعد محدد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وطبعا يحوز الجندوبي على ثقة جانب كبير من الناخبين التونسيين وعلى احترام الطبقة السياسية والمجتمع المدني، واعتقد انه من افضل ما لدينا من كفاءات خاصة انه اثبت كفاءته واقتداره.. وله الحق كمواطن تونسي في المساهمة في ادارة شؤون البلاد.
ولكنه ليس المرشح المحتمل الوحيد واعتقد ان قراره الترشح إن حصل سيزعج الكثيرين خاصة منعدمي الكفاءة.
+ هل أنت مع تمرير قانون تحصين الثورة؟
- الثورة عملية مستمرة رغم قوى الردة ولا يمكن لنا اليوم ان نقول أن التأسيسي بصدد تحقيق اهداف الثورة، بالشعب قام بالثورة وقادر على حماية نفسه وحمايتها عن طريق انتخابات ودون وصاية من أحد. يشتم من مشروع القانون المعروض اليوم عملية تحصين لبعض الأحزاب من خسارة الانتخابات، فلا يمكن ونحن بصدد بناء نظام ديمقراطي ان نقصي أحدا بناء على عقوبة جماعية. بالقضاء هو الوحيد المخول بالحرمان من الحقوق المدنية والسياسية على من ثبت جرمه.
وعلى كل حال لدينا تجربة مع الفصل15 وأؤكد للجميع أن أي قانون من هذا النوع لن يتم تطبيقه بالكامل لغياب قوائم واضحة لمن سيشملهم الاقصاء. كما أن تكليف هيئة الانتخابات بهذه المهمة خطأ كبير سيؤدي بها إلى تضييع وقتها الثمين في عملية قد لا تؤدي إلى نتائج وأي قرار قد يتخذ في هذا الإطار قد يسقطه القضاء.
+كيف ترى المشهد السياسي اليوم في البلاد؟
- متأزم، لأن عملية الانتقال الديمقراطي كانت تقوم على مرحلتين، أولى كانت ناجحة رغم المخاطر والصعوبات وحافظت على تماسك الدولة، وأرجعت ثقة الشعب في المؤسسات، وأدت إلى انتخابات نزيهة وشفافة فتحققت البعض من اهداف الثورة خاصة عن طريق هيئة الانتخابات. أما المرحلة الثانية وكان منتظرا مباشرتها بنفس الروح الثورية بنفس النوايا الحسنة لاستكمال البناء الديمقراطي. فقد تحمل مسؤولياتها المجلس التأسيسي وفشل في ذلك.
+ هل تعتبر فشل التأسيسي يعود إلى عجزه عن اتمام كتابة الدستور؟
- لا، أعتقد أن مهمة التأسيسي الأصلية تتجاوز ذلك بكثير بمهته عمل المستحيل لإنجاح المرحلة الانتقالية الثانية بأخف الأضرار وفي أقصر وقت ممكن عن طريق الحفاظ على الدولة ومؤسساتها وتطوير أدائها، فالخلل الأساسي الذي نعاني تبعاته اليوم يتمثل في انعدام التوازن بين المرحلتين في النتائج المحققة والمدة المستغرقة.
فلو تم العمل على تحقيق ذلك التوازن لتم تفادي الانسداد السياسي ولصبر المواطنون على الأزمة السياسية والاقتصادية ولمنح المجلس آليا آجالا أخرى لإتمام الدستور.
فالمواطن لا يشعر أن الدستور سيحسن من مستوى عيشه، فالمرحلة الثانية كانت فاشلة لأن النخبة الحاكمة فرطت في مكاسب المرحلة الأولى. ولم يكن أحد ليوجه لهم اللوم على الأزمة الاقتصادية لو أنجزوا المهمة بنجاح وحسن نية، ولكنهم ضيعوا على البلاد فرصة ذهبية لبناء دولة متقدمة. فقد انخرطوا في منطق تصفية حسابات ومحاولة سيطرة وخاضوا الحروب للسيطرة على الإعلام والقضاء وجميع مفاصل الدولة وما لم يستطيعوا بسط سيطرتهم عليه حاولوا تحطيمه بكل الطرق كما فعلوا مع هيئة الانتخابات..
+وكيف ترى الحل اذن؟
- الحل لن يكون الا سياسيا يجب مصارحة الشعب والاعتراف بفشل المرحلة الانتقالية الثانية، والبحث عن بدائل توافقية متعلقة بشروط وآليات بدء مرحلة انتقالية ثالثة نهائية قصيرة الأمد تؤدي بنا مباشرة إلى حكم دائم ومؤسسات مستقرة دون المزيد من الهزات، خاصة بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد.
ولن يكون التوافق ممكنا الا بعقد مؤتمر جامع للحوار الوطني، يخرج بحزمة متكاملة من الاصلاحات للتمكن من تجديد الشرعية..والتوافق على من سوف يدير المرحلة وبأية آليات وعلى تواريخ محددة للاستحقاقات الانتخابية بوضع رزنامة عقلانية ويجب استئناف عملية تسجيل الناخبين فورا، وتحييد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والنأي بها عن الصراعات الحزبية، وتكليفها بما لها من رصيد الثقة من الشعب بذلك. واصدار القوانين الضرورية للعملية الانتخابية مثل القانون الانتخابي وقانون الإعلام، وقانون الهيئة الوقتية للقضاء، والعمل على فصل الأحزاب الحاكمة عن الدولة، وتحييد جميع مؤسساتها ومحاربة المال السياسي..والا لن نخرج من الأزمة وسنواصل سياسات فاشلة قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه..
+ هل تطمح الى الترشح إلى للانتخابات المقبلة بعد رفضك الترشح لهيئة الانتخابات؟
- سأواصل النضال صلب المجتمع المدني، لأننا بعد الثورة اعتبرنا بأننا استرجعنا مواطنتنا، وعلينا فعل الكثير لتمكين شعبنا من التمتع بجميع حقوقه. سنراقب أداء الطبقة السياسية وأداء الهيئة المقبلة ولكن دون الدخول مباشرة في الصراع السياسي لأن الاستقلالية عملة نادرة في هذا الزمن واريد المحافظة عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.