عدة تناقضات تعيشها الساحة الطلابية على خلفية إعداد المؤتمر 26 للاتحاد العام لطلبة تونس. واذ كان من المنتظر ان يعقد الاتحاد مؤتمرا طال انتظاره قصد اعادة المنظمة الطلابية الوحيدة الى اشعاعها السابق بعد ان منع بقوة البوليس في شهر ماي 2008 وتمّت محاصرة مناضليه فان هذا الحلم سرعان ما عاد ليتلاشى بسبب ما تعيشه المنظمة الطلابية من خصومات سياسية اثرت بشكل واضح على السير العادي لإعداد المؤتمر. وبالرغم من النتائج التي تحققت لفائدة اتحاد الطلبة وفوزه على بقية مكونات المشهد الطلابي واستبشار القوى الديمقراطية بما تحقق واعتبارها نقطة انطلاق لإنجاز المؤتمر الا ان بوادر الخلاف سرعان ما لاحت في الافق لتتحول الى واقع عيني ليعود التراشق بالتهم والتصريحات المتبادلة التي لم يتجاوز مضمونها نفس مضمون صراعات الثمانينات بين "العائلة الوطنية" وحزب العمال الشيوعي التونسي. وقد عادت ذات اشكال الصّراع الخفي بين مختلف مكوّنات الساحة الطلابية لتطفو من جديد فقد نقلت الينا بعض الاطراف القريبة من ملف اتحاد الطلبة تخوفاتها من "ان يؤثر الملف عن العلاقة بين مكونات الجبهة وهو ما بات يهدّد بقرب انفجار إشكال العمل المشترك". فقد تحدثت ذات المصادر عن الاجتماعات المتتالية لمختلف مكونات الجبهة والتي تباينت مواقفها بين داعم لمؤتمر تحت راية المكتب التنفيذي وامينه العام عزالدين زعتور وهو موقف تبناه حزب العمال الذي تراجع عنه في خطوة اولى بسبب الموقف المتصلب " لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد" لكن سرعان ما عاد "العمال" ليتشبث بموقفه الاول ويؤكد عن دعمه لإنجاز المؤتمر عبر الهياكل الشرعية للمنظمة اي عبر مكتبه التنفيذي. ولعل ما اثر في موقف شباب حزب العمال ما راج مؤخرا في الكواليس النقابية والسياسية من حديث عن وجود "مؤامرة" تحرك خيوطها اطراف نقابية طلابية وحزبية في علاقتها باحد مكونات اطراف الحكم قصد عرقلة إعداد المؤتمر القادم للاتحاد حتى يتمكن " الاتحاد العام التونسي للطلبة " من عقد مؤتمره الخامس المقرر لهذا الشهر. وقد سجلت المنظمة الطلابية بروز العديد من التيارات السياسية داخلها وقد بلغت نحو 22 طرفا سواء كانوا طلبة مستقلين او طلبة محسوبين على مختلف مدارس اليسار. وقد تابعت "الصباح" خلال الأسبوع الماضي ما صدر من بيانات بين المكتب التنفيذي للمنظمة و بين ما يسمى "اللجنة الوطنية". حيث اقر كلاهما بمضيه في إعداد مؤتمر الاتحاد العام لطلبة تونس كل على حدة مما ينذر بامكانية قيام منظمة براسين. و في واقع الأمر ليست هذه المرة الأولى التي يعرف فيها الاتحاد حالة من الانقسام والتشرذم فقد عاش سابقا نفس الوضعية والعديد من الصراعات بين المكاتب التنفيذية المتتالية على رأس المنظمة كالصراع الذي تراسه عاصف اليحياوي و"القيادة الشرعية" التي تزعمها عبد الناصر العويني بعد المؤتمر21 او صراع المكتب التنفيذي الذي ترأسه عزالدين زعتور "وتصحيح المسار" بقيادة جمال التليلي بعد المؤتمرين 22 و 23. ويبقى حال اتحاد الطلبة على ما هو عليه منذ انجاز المؤتمر18 خارقا للعادة ليكون الصراع الحالي اكثر حدة وذلك بالنظر الى تناسل الاطراف داخل المنظمة حيث شهد التنافس اوجه نهاية الاسبوع الماضي بمحاولة للاستحواذ على مقر المنظمة الذي شهد خلعا من قبل الاطراف المحسوبة على اللجنة الوطنية والمتمثلة اساسا في "شباب الوطد" والشق الاول من "النقابيين الرادكاليين" و"شباب البعث" و"شباب الطليعة". في المقابل تمكنت الاطراف الملتفة حول المكتب التنفيذي من "اتحاد الشباب الشيوعي التونسي " والشق الثاني من "النقابيين الرادكاليين" وشباب "الوطد الموحّد" و"شباب الجبهة " و "شباب الحزب الاشتراكي " و "شباب الجبهة الوطنية التونسية " و"شباب الجمهوري" من استعادة المقر. فهل ان ما تشهده الساحة الطلابية هو انعكاس لحالة التشرذم والتشتت التي تعرفها الساحة السياسية بجل مكوناتها وخاصة التقدمية منها ؟ ام ان العكس يحيل على مدلول بات رائجا لدي العديد وهو ان عديد الاحزاب هي بالاساس احزاب طلابية اي انها لم تتجاوز في فعلها السياسي دائرة التفكير الطلابي؟