بقلم: آلاء الخادمي - فوجئت اليوم عند سماعي أن إحدى الفتيات التي أعرفهن بالمدرسة قد تحجّبت، أنا شخصيا لم أصدّق ذلك إلا عندما رأيتها. استغربت كثيرا وشردت في التفكير، كيف ذلك؟ وهي التي كانت تعتبرأن الحجاب ليس سوى غطاء يوضع على الرأس، كما أنه يقيّد من حرّية المرأة. لم أتمالك نفسي حينها، ذهبت لأسألها، أجابتني بأنها لا تزال مقتنعة بما قالته ، ولم تغيررأيها ولكن الأمرأن لها أسبابها الخاصة التي دفعتها إلى الالتجاء إلى ذلك الحل. تعجبت كثيرا.، ماذا يمكن أن يكون ذلك السبب الذي جعلها تقوم بهذا الفعل؟ فكرت حينها وأدركت أن الكثيرات مثلها قد يلتجئن إلى الحجاب ولكن ليس كعبادة وإنما لضرورة حياتية، فمنهن من تلتجىء إليه ليغطي عيبا كان في شعرها ومنهن من تضعه لمجرد أنه عادة بالنسبة إليها؛ كانت قد تعوّدت على القيام بها في كل الأوقات، ولكن الأعظم من كل هذا أن منهنّ من تقوم بوضعه لأنه يزيدهنّ جمالا وأناقة، فنجد هنا أن غاية الحجاب تتغيرتماما، فهو منذ أن كان واقيا للأنثى، يقيها شرّ الفتن، إلا أنه قد أصبح في هذا العصرعاملا أساسيا في جلب الفتن والمعاصي إليها، لم أستغرب طريقة تفكيرهنّ عندما تذكرت ذلك الرجل السياسي الذي اقترح أن يكون الحجاب قطعة من قطع الثياب ، يمكن لبسها أو التخلي عنها كسائرالألبسة.أنا لن أذكرإسمه لأنه من سترمؤمنا على الأرض ستره الله يوم القيامة. أنا فقط سأناقش الفكرة. فكيف يمكن لشيء مقدّس أن يتحوّل إلى قطعة قماش كما يدّعي هو؟كيف يمكن أن نستهين بديننا ونجعله كاللعبة بأيدينا ؟؟ إن هذا والله لمن عمل الشيطان بنا وإدخال الفتنة فينا. فمن مظاهر الفتنة نجد أن المحجّبات في هذه العصورقد ابتكرن لفات جديدة للحجاب منها ماهوالمعقول ومنها ماهوغيرالمعقول، كيف لا، ونحن نجد كل يوم تصاميم جديدة منها مالا عين رأت ولا خطرعلى قلب بشر. ومن هذه التصاميم، تلك اللفة التي كانت تظهرالرأس وكأنه رأسين، وهوما أطلقوا عليها إسم "بو نفخة" أوبعبارة أوضح كانت أشبه ب"دوبل هاد" فأنا لا أنسى ذلك المقال الذي قرأته على صفحات الفايسبوك والذي يقول إن أستاذا أجنبيّا قد قدم إلى دولة عربية من أجل تقديم محاضرة له فتفاجأ بشكل رؤوس الفتيات التي كانت عبارة عن "دوبل هاد" وجعل يحدّق بهن طول المحاضرة محاولا إيجاد تفسير منطقيّ لشكل رؤوسهنّ، فلم يجد سوى أن الفتيات مصابات بمرض خطيروهوما حوّل رؤوسهن إلى هذه البشاعة. وعند انتهاء المحاضرة شرحوا له الأمرفي النهاية ولكنه لم يستوعب، فانظروا إلى أين وصلنا، فبدل أن يكون الحجاب رمزقوتنا ووحدتنا صاررمزا لاستهزاء الدول الأجنبية بنا، ونحن لوأردنا أن نفهم معنى الحجاب بعمق، لوجدناه يحمي الأنثى من شرورهذه الدنيا ومفاتنها، فغايته ليست في زيادة جمالها وإنما في التقليص منها، وغالبا قد تحوّل الحجاب في زمننا هذا نتيجة للفهم الخاطئ للحجاب الشرعيّ. فأنا لا أدري لم ينظرالكثيرون إلى المحجّبة التي اتخذت حجابا شرعيا من أجل ارضاء ربّها على أنها متشدّدة أو كما صاراسمها إرهابية، فلو تأمّلنا قليلا في العالم المحيط بنا لوجدنا أن الكون كله يتحجّب، فالكعبة الشريفة محجّبة بردائها الأسود وهي أجمل ما في هذا الكون، والقلب والرّئتان محجوبون بالقفص الصدري وهم أهم ما في الجسم... والعين محجّبة بالجفنين وهما أرقّ ما في الوجه، إلى غيره من العناصر الأخرى الضرورية في حياتنا، ومن ضمنها المرأة، فالمرأة هي أساس هذا الكون، وهي التي خُلقت من بين أضلع الرجل، وهي تحتلّ نصف البشرية وتربّي النصف الآخرعلى أيديها وهي التي بدونها لا تتمّ الحياة، وهي التي كانت رحمة للبشرية، فهي وإن كانت طفلة أدخلت أباها الجنة، وهي وإن كانت زوجة أكملت نصف دين زوجها، وهي وإن كانت أمّا كانت الجنة تحت قدميها ، إلى جانب ذلك قد جعلها الله سبحانه وتعالى حوريّة في الجنة يكافأ بها المؤمن. ولا ننسى أن حبيبنا ورسولنا "محمد" صلى الله عليه وسلم قد أوصانا بها عندما قال :" أوصيكم بالنّساء خيرا". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهوعلمنا أن الدنيا متاع، وخيرمتاع الدنيا: الزوجة الصالحة، إذ لا يتم صلاحها إلا بحجابها الشرعيّ. والآن وبعد كل هذا، أفلا تظنّون أن الأنثى ثمينة، ولا بدّ من المحافظة عليها، ولن يكون ذلك إلا بالحجاب الذي أوصانا به الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.