تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    قتلى ومصابون في هجوم إيراني جديد على إسرائيل    "بأساليب جديدة".. إيران تضرب ميناء حيفا وقاعدة بتل أبيب    إيران تعلن إعدام "جاسوس الموساد" الإسرائيلي إسماعيل فكري شنقا    الاحتلال يستهدف مقرا للحرس الثوري في طهران    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي على حساب الجيش الملكي    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    قتلى بهجوم "مدمر" على تل أبيب وحيفا وبزشكيان يؤكد الصمود    هجوم صاروخي إيراني غير مسبوق على إسرائيل ودمار واسع في كل مكان    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    القيروان .. إستعدادا لاجتياز مناظرتي السيزيام والنوفيام .. جلسة توعوية للإحاطة بالتلاميذ وأوليائهم    الكرة الطائرة : المنتخب في إيطاليا وبن عثمان يحتجب    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    مديرو المهرجانات الصيفية يواجهون صعوبات .. بين مطرقة ارتفاع كلفة الفنانين وسندان أذواق المتفرجين    اليوم انطلاق مناظرة «السيزيام»    كأس العالم للأندية :باريس سان جيرمان يضرب أتليتيكو مدريد برباعية    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    إجراءات لدعم التشغيل    مدنين: حملة نظافة بجربة اجيم لجمع النفايات البلاستيكية    تونس: حوالي 25 ألف جمعية 20 بالمائة منها تنشط في المجال الثقافي والفني    إطلاق خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي يوم 24 جوان 2025 في تونس بمشاركة 30 دار نشر    وزارة المالية تعين لمياء بن اسماعيل في خطة امين مال عام للجمهورية التونسية    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قافلة الصمود تدعو الراغبين في العودة إلى تونس لتسجيل أسمائهم في موقع التخييم بمصراتة    وزارة الأسرة تذكّر بأنّ خدمة تلقي الاشعارات والتوجيه حول كبار السن متاحة على الرقم الأخضر 1833    هكذا سيكون طقس الليلة    حملات الشرطة البلدية تسفر عن مئات المخالفات في مجالي الأمن والصحة    كأس العالم للأندية 2025: بنفيكا يواجه بوكا جونيورز وتشيلسي يفتتح مشواره أمام لوس أنجلس غدا    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    لجنة انتداب تابعة لوزارة التربية العمانية تزول تونس الاسبوع المقبل (وكالة التعاون الفني)    وزارة الصحة: اختيار مراكز التربصات للمقيمين في الطب ستجرى خلال الفترة من 16 الى 19 جوان الجاري    فيلم "عصفور جنة" يشارك ضمن تظاهرة "شاشات إيطالية" من 17 إلى 22 جوان بالمرسى    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    لماذا تستهلك بعض السيارات الزيت أكثر من غيرها؟    مطار النفيضة يستقبل أول رحلة مباشرة من مولدافيا    دورة برلين المفتوحة للتنس: انس جابر في الجدول النهائي بفضل بطاقة الخاسر المحظوظ    إتحاد الفلاحة بباجة يدعو إلى مراجعة سلم تعيير الحبوب بسبب تدني الجودة جراء الأمطار الأخيرة [فيديو]    وزارة الصحة تُعلن رزنامة اختبار اختيار المراكز للمقيمين في الطب    روسيا تدخل على خط الأزمة: بوتين لترامب' 'لن نسمح بتصعيد خطير في الشرق الأوسط''    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    الترجي الرياضي يعزز ثقة باسم السبكي بقيادة الفريق لموسم جديد    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    الأهلي يُعلن غياب إمام عاشور رسميًا بعد إصابته أمام إنتر ميامي    مقترح برلماني: 300 دينار منحة بطالة و450 دينار للعاجزين عن العمل    العثور على شقيق الفنانة لطيفة العرفاوي متوف داخل منزله    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    موعدنا هذا الأربعاء 11 جوان مع "قمر الفراولة"…    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوانين الجائرة والقمعية ما تزال قائمة الذات وتُمثل خطرا كبيرا على حرية التعبير في تونس
آمنة قلالي مديرة مكتب «هيومن رايتس واتش» بتونس ل«الصباح»:
نشر في الصباح يوم 24 - 04 - 2013

حاورتها: إيمان عبد اللطيف - التقت "الصباح" بالدكتورة آمنة قلالي مديرة مكتب "هيومن رايتس واتش" بتونس الذي ترأسته منذ شهر سبتمبر2011 حيث قررت هذه المنظمة الدولية فتح متكب لها بتونس بعد الثورة.
تلقت القلالي تكوينا قانونيا مكنها من العمل لعدة سنوات صلب منظمات دولية أولها كانت المنظمة الدولية للصليب الأحمر ثم المنظمة الدولية لقانون التنمية بروما ثم التحقت بعاصمة القانون الدولي بلاهاي لتشتغل بمكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية كمحللة قانونية وسياسية. خبرة في مجال حقوق الإنسان حددت بما يقارب ال14 سنة مكنتها من الإشتغال على هذا الواقع ورصد الإنتهاكات من أجل تغييرها، فتحدثت ل"الصباح" عن واقع حقوق الإنسان في تونس كما قيمت من وجهة نظرها مسار الإنتقال الديمقراطي من خلال التطرق إلى واقع الحريات ومستقبل القضاء موضحة بعض المؤاخذات بخصوص الآليات الضامنة للمحاكمات العادلة إلى جانب تعطل مسار العدالة الإنتقالية لوجود عناصر "تشويش" تسببت في العديد من التراكمات وجب إعادة النظر فيها لتصحيحها..
في ما يلي نص الحوار:
+ كيف تقيمين الواقع الحالي لحقوق الإنسان في تونس؟
- منظمة "هيومن رايتس واتش" كان لها صدى كبير تابعت ورصدت واقع انتهاكات حقوق الإنسان بتونس، كما ساهمت في فك الحصار عن المناضلين والمعارضين القابعين في السجون منذ التسعينات وكانت لها تقارير دقيقة لها تأثير كبير على حكومة بن علي.
وبالتالي فإن الهدف الأساسي من هذا الرصد هو تغيير واقع الأشخاص الذين يعيشون في ظل هذه الإنتهاكات بهدف الضغط على الحكومات وعلى الفاعلين السياسيين بالداخل والخارج.
+ عفوا ماذا تقصدين بالضغط؟ وماهي آلياته؟ ألا يعتبر ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية للدولة التونسية؟
- ليس المقصود بالضغط التدخل في وضعيات حقوق الإنسان في حد ذاتها أو فرض توجه معين أو هو مسألة منزلة بصورة فوقية على الحكومة التونسية أو على الأشخاص، فما يجدر التذكير به أولا أن الحكومة التونسية مصادقة على جل الإتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تجبرها على احترام وتطبيق التزاماتها تجاه هذه الواجبات وبالتالي فان دور هذه المنظمة الدولية هو مراقبة مدى تطبيق تونس لهذه الإلتزامات، فلا يُقصد بها الضغط السياسي وإنما الغاية منه هو تحسين وضع معين انتهكت فيه حقوق الإنسان.
+ وفقا لهذا التقديم، كيف هي حالة حقوق الإنسان بعد الثورة؟
- يمكن وصف وضعية حقوق الإنسان في تونس بالوضعية الهشة بصورة عامة باعتبارها تشكو من انعدام الاستقرار على المستوى القانوني وعلى المستوى المؤسساتي، فنعيش اليوم فراغا على مستوى هذين الجانبين وبالتالي فهي وضعية فيها تضارب فمن ناحية يمكن القول أن حقوق الإنسان تطورت بعد الثورة فهناك مجال أوسع للحريات العامة وحرية التعبير والإختلاف، وهناك حركية كبيرة للمجتمع المدني، ومن جهة أخرى هذه المكاسب لازالت غير مرسخة في القوانين وفي الآليات الضامنة والحامية لهذه الحقوق ومثال ذلك ما يخص حرية التعبير التي تعد الركيزة الأساسية لكل دولة تريد أن تبرهن عن ديمقراطية نظامها..
فلا تزال القوانين الجائرة والقمعية قائمة الذات والتي من خلالها تمت محاكمة الإعلاميين والمبدعين والمدونين وغيرهم وهي من رواسب النظام السابق، كما أنها تُمثل خطرا كبيرا على حرية التعبير خاصة أنّ استقلالية القضاء لم ترسخ بعد ، أضف إلى ذلك عدم تفعيل قوانين أخرى مثل المرسومين115 و116 إلى جانب الفراغ المؤسساتي بما أن الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري لم تر النور بعد.
توجد مسائل أخرى إلى جانب حرية التعبير وهي حرية التظاهر التي تعتبر مكسبا من مكاسب الثورة حيث لا تزال نفس القوانين القمعية التي اعتمدها بن علي قائمة على غرار قانون عدد4 إلى جانب قانون الطوارئ وإن لم يكن مفعلا بصورة كبيرة، إلى جانب التضارب الكبير حول تنقيح القوانين وإصلاح المؤسسات التي تعد من خطوات الإنتقال الديمقراطي مثل إصلاح المؤسسة الأمنية والمؤسسة القضائية التي تعيش وضعية يمكن وصفها بالخطيرة.
+ كل هذا التأخير في إصلاح المؤسسات قد ينعكس على وضعية حقوق الإنسان؟
- بطبيعة الحال وبصفة مباشرة، فنفس التمشي الذي كان في عهد بن علي رأيناه وعشناه بعد الثورة لاستعمال العنف المفرط والغير مبرر في أحداث سليانة الذي أدى إلى ضحايا. وهي مسائل غير مقبولة بعد الثورة لعدم التقيد بالقوانين الداخلية والمبادئ الأساسية في استعمال العنف من قبل قوات الأمن. ولكن هنا لا يوجه اللوم إلى رجال الأمن في حد ذاتهم ولكن المسؤولية تتحملها المؤسسة ككل وليس الأفراد لعدم لقيام بالإصلاحات الهيكلية الضرورية.
أضيف إلى ذلك عدم توفر مبدأ الشفافية من قبل وزارة الداخلية في التعامل مع لجان تقصي الحقائق لكشف الحقيقة ومحاسبة المذنبين والمتورطين في انتهاك حقوق الإنسان وهذا يخلق جوا من الضبابية والتوتر وعدم الإطمئنان.
+ لكن هناك مساع للقيام بإصلاحات، من ذلك إنطلاق الإستشارة الوطنية حول المنظومة القضائية؟ ومناقشة مشروع هيئة القضاء العدلي؟ حسب رايك، هل يعد ذلك تشتيتا أم هي عوامل قد تخدم هذه الفترة الإنتقالية؟
- لقد تفاجأت بهذه الخطوة عندما واكبت ندوة اطلاق الإستشارة الوطنية حول المنظومة القضائية لأنه دائما كان هناك تنظيم للندوات وملتقيات حول اصلاح هذه المنظومة ولكن لم تكن هناك متابعة للتوصيات وبالتالي فإن مثل هذه الإستشارة تعد مبادرة قيمة باعتبارها مبادرة تشاركية من أهل القطاع والمهنيين وأيضا مكونات المجتمع المدني والجمهور على نطاق واسع.
وبالتالي حسب رأيي فإن لم يفرز تمشي سنتين من البحث والمحاولة نتائج فعلية وواضحة، فإن مناقشة قانون إحداث هيئة القضاء العدلي وإطلاق هذه الإستشارة تعد استفاقة وخطوة إيجابية، ويبقى نجاحها رهين تواجد الإرادة السياسية من عدمها وهذا أمر أساسي للقيام بإصلاحات وخاصة فيما يتعلق بدور المجلس الوطني التأسيسي.
فاستقلالية القضاء ركيزة أساسية لإحترام حقوق الإنسان لكل المواطنين، وهو ما جعلنا نندّد بالإحتجاز التعسفي لسامي الفهري وإعفاء القضاة دون تقديم الأسباب..
+ كيف تقيمين مسار العدالة الإنتقالية في تونس؟
- هناك عمل تشاركي من قبل كافة القوى الفاعلة بعد الثورة وخاصة منها مكونات المجتمع المدني من خلال سلسلة الحوارات التي أفرزت مشروع قانون أساسي هو الآن بين أيدي نواب التأسيسي، تبقى الإشكالية القائمة غياب استراتيجية واضحة من الأول، فهناك تشتيت في القوانين على غرار المرسومين عدد1 و97 إلى جانب الآليات التي تم سنها مما أفرز تذبذبا كبيرا في أخذ القرارات والمحاكمات بما في ذلك المحاكمات العسكرية التي لنا حولها العديد من المؤاخذات والتي هي جزء من العدالة الإنتقالية.
فبعد سنتين من الثورة لا وجود لرؤية واضحة لهذا المسار بالرغم من أن إعداد مشروع قانون أساسي يعد من الخطوات الأساسية والإيجابية التي توضح الطريق خاصة إذا ما تم إحداث هيئة الحقيقة والكرامة إلا أنه توجد في ذات الوقت العديد من العناصر الأخرى التي تمثل عناصر تشويش على المسار وعلى هذه الهيئة، لوجود تراكمات لجملة الآليات والقوانين المذكورة أضف إليها الهيئات واللجان التي تم بعثها بعد الثورة إلى جانب قانون تحصين الثورة الذي هو في صلب العدالة الإنتقالية غير أنه حظي بالأولوية المطلقة بالرغم من أنه قانونا يمس من الحريات وهو قانون غير ديمقراطي لإعتماده لآلية الإقصاء على خلفية الإنتماء الحزبي وفي هذا الإطار أصدرت المنظمة بيانا يندد بهذا الإجراء.
من جهة أخرى هناك إشكال جوهري متعلق بالمحاكمات العسكرية ومآلها فهل سنواصل في نفس التمشي، وهل توفرت بهذه المحاكمات الشروط الأساسية للمحاكمة العادلة من أجل كشف الحقيقة فهناك العديد من المؤاخذات من الضحايا ومن الحقوقيين حول مدى استقلالية هذه المؤسسة، فهناك العديد من الأشياء الغريبة التي حدثت في هذه المحاكمات العسكرية مما يبعث على التساؤل ماذا سيترتب عن هذه المحاكمات؟
+ عفوا، أي أشياء غريبة حدثت في هذه المحاكمات لو توضحين ذلك؟
- حسب مشروع القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية سيقع إحداث محاكم مختصة ولكن لم يقع ذكر كيف سيتم إنشاؤها وما هي هيكلتها ولم يذكر القوانين التي سيقع إعتمادها في هذه المحاكم هل هو القانون الجنائي العادي، وبالتالي ماهو مصير هذه القضايا التي هي في طور الإستئناف؟ وبالتالي هناك العديد من التساؤلات حول هذه المسألة أضف إلى ذلك أنه إلى حد اليوم لا توجد قائمة موحدة لشهداء الثورة وجرحاها إلى جانب قضية التعويضات ومسألة جبر الضرر.
لذا فإن القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية يجب أن يقوم بتصحيح المسار والتقليص من جملة التراكمات وما خلفته من إشكاليات.
+ لكن هناك من يعتبر العدالة الانتقالية أكذوبة سياسية؟
- لا أريد أن أخوض في هذه المسألة سياسيا وإنما حقوقيا وبالتالي تأثير تأخر المسار على احترام مبادئ حقوق الإنسان، وبالتالي ما يجب قوله هو على العدالة الإنتقالية أن ترسي آليات تمكننا من المرور من مرحلة استبداد ووقوع انتهاكات جسيمة إلى مرحلة القضاء عى هذه التجاوزات من خلال كشف الحقيقة والمحاسبة والمساءلة وإصلاح المؤسسات والمصالحة وفي تقييمنا لهذا المسار منذ سقوط النظام السابق يجب الإقرار بأنه يشكو من العديد من النقائص من أهمها وجود عدم استراتيجية واضحة لمعالجة العديد من التراكمات السلبية.
+ ماهي الشروط التي تعتبرينها ضرورية لإنجاح هذا المسار؟
- توفر الإرادة السياسية هو من ركائز أي إصلاح للمؤسسات أو القوانين لتحقيق الإنتقال الديمقراطي، وإن انعدمت هذه الركيزة فإنه مهما تم اتخاذه من خطوات أو تنظيم لندوات أو ملتقيات ومهما قمنا باستشارات فإنها لن تؤتي أكلها ولن تنفذ على أرض الواقع ما لم تتوفر هذه الإرادة السياسية.
إلى حد الآن هناك بطء ولا أدري إن كان تباطؤا أم لا ولكن من المهم هناك خطوة أولى نحو البدء في هذا المسار وهي إنهاء صياغة مشروع القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية.
+ هناك مسألة أثارت الرأي العام في الأيام الأخيرة ألا وهي قضية اغتصاب الطفلة بإحدى الروضات، ما رأيك في التناول الإعلامي لهذه القضية من وجهة نظر حقوقية؟
- المؤكد أنها قضية مؤلمة جدا، ولكن في مسألة التناول الإعلامي هناك انفلات كبير يجعلنا نتساءل عن حق الطفل في احترام خصوصياته ولكن في ذات الوقت نعود في هذه المسألة إلى أهمية إرساء وبعث الهيئات المشرفة سواء كان على القضاء أو الإعلام التي من شأنها أن تراقب وترصد وتعدل وتضع الضوابط حسب المعايير الدولية، فلا يمكن انتقاد أو توجيه اللوم والمحاسبة في غياب هذه الهيئات التي من دورها القيام بجميع هذه المسائل ومتابعتها.
+ كيف تقيمين دور المنظمات والجمعيات المدنية هل هي في مسارها الصحيح؟
تطور المجتمع المدني من مكاسب الثورة وهو في طور البناء والتأسيس، وبالتالي ما نلاحظه بالرغم من الجهود المبذولة هو غياب التنسيق الذي لم يقع بعد تعميقه في ثقافة هذه المكونات ولم يدخل بالصفة المرجوة في آليات ومناهج عملها وهذا قد يخلف تشتتا في الجهود والأهداف والنتائج.
هناك مسألة أخرى لا تتعلق بالمجتمع المدني فحسب وهي اختلاف الرؤى وتباين الآراء مما قد يخلف فراغا وأيضا تجاذبات قد تستغلها السلطة التنفيذية على غرار ما هو حاصل اليوم بين جمعية القضاة والنقابة، فوجود أرضية مشتركة قد يقع تحديدها عبر حوار وطني من شأنه أن يخدم مختلف مكونات المجتمع المدني في بسط الأولويات والتشارك في تحقيقها ومعالجتها غير أن الإشكال القائم هو النزعة نحو تغيير مفهوم المجتمع المدني والأدوارالموكولة إليه فهناك العديد من الجمعيات "المسيّسة" وهو ما قد لا يخدم مسار الإنتقال الديمقراطي.
+ ماذا أعد مكتب هيومن رايتس واتش بتونس في هذه الفترة ؟
- نحن بصدد إعداد تقريرين، الأول حول المحاكمات العسكرية والثاني حول مراكز الاحتفاظ..سيصدران خلال شهر تقريبا.
فبالنسبة للمحاكمات العسكرية قمنا بمراقبة عدد من الجلسات كما تحصلنا على جل الوثائق الموجودة في المحكمة العسكرية من خلال المحامين إلى جانب القرارات، كما تحدثنا إلى جميع الأطراف بما فيهم القضاء العسكري وقوات الأمن الداخلي وحاولنا ان يكون لدينا تقريرموضوعي يشمل كل العناصر.
فسجلنا إيجابيات كما سجلنا مؤاخذات كبيرة ولكن التوجه الأساسي بالنسبة لنا هو العمل على إلغاء الإختصاص العضوي بين المحاكم العسكرية وقوات الأمن الداخلي الذي يعطي صبغة استثنائية لهذه المحاكمات ويكرّس عدم الحياد والإستقلالية.
وبخصوص التقرير قمنا بزيارات من 8 إلى20 فيفري لمراكز الإحتفاظ التابعة لوزارة الداخلية، وتحدثنا إلى70 محتفظا به إلى جانب عدد من المسؤولين.
+ هل واجهتم مصاعب عند القيام بالزيارات؟
- أبدا لم نتعرض لأي إشكال حتى أن المحادثات مع المحتفظ بهم تم على انفراد ودون حضور أي مسؤول أو رقيب من السلطات لضمان سرية المعطيات.. فكان فالتعاون كان إيجابيا جدا خلال هذه الزيارات.
وهذان التقريران سيوجّهان إلى جميع الأطراف مثل الإعلام والسلطة والمنظمات الدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.