أفادت تقارير صدرت أخيرا أن خسائر شركة فسفاط قفصة قد بلغت ألفي مليون دينار خلال السنة الماضية، وأن العمل داخل الحوض المنجمي قد تراجع إلى مستوى 25 بالمائة رغم الزيادة في عدد العمال. وأبرزت هذه التقارير أن تراجع إنتاج الفوسفاط كانت له تداعيات كبرى على كافة المؤسسات ذات الصلة بإنتاج وتصنيع هذه المادة، وخاصة بكل من شركة سياب بصفاقس والحامض الفسفوري بقابس، وذلك علاوة على الخسائر الفادحة التي تكبدها الاقتصاد التونسي جراء تراجع تصدير مادة الفوسفاط وانخرام الميزان التجاري التونسي، وفقدان حرفاء تونس التقليديين والتاريخيين الذين كانوا يتعاملون معها بخصوص شراء هذه المادة. كما بينت التقارير أن حركة نقل الفوسفاط التي كانت تتمّ عبر السكك الحديدية والشاحنات قد تعطلت نتيجة القطع المتواصل للطرقات والسكك الحديدية الرابطة بين صفاقسوقفصة، مما أدّى إلى تفاقم الصعوبات في مجال إنتاج الفوسفاط ونقله بسبب الاضرابات المتواصلة والاحتجاجات التي حصلت طوال الأشهر الأخيرة، وهو ما يتطلب معالجة جذرية بخصوص الحركات الاحتجاجية وتعطل الإنتاج الذي أربك الميزان التجاري التونسي وعطله وزاد في الصعوبات الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد. إن تمسك سكان وعملة الحوض المنجمي بجملة من المطالب وفي مقدمتها دفع مجال التنمية والتشغيل بالجهة، وتخصيص جزء من المداخيل المتأتية من المناجم لها، واعتبار جملة هذه المطالب مكاسب تم الاتفاق بشأنها والإمضاء عليها من وزير الشؤون الاجتماعية والاتحاد العام التونسي للشغل، ويجري الآن التراجع بشأنها، هنا يكمن الخلاف ويتعطل إنتاج الفوسفاط، وتتفاقم مشاكل الحوض المنجمي لتبلغ اليوم مداها الأخطر الذي بات يهدّد قطاعا بأكمله بغلق كافة المؤسسات الصناعية التابعة له نتيجة النقص الهام المسجل في إنتاج هذه المادة وتصنيعها وتصديرها. هذا الواقع الصعب الذي تردّى فيه الحوض المنجمي ما كان ليحصل لو تمّت معالجة جملة الصعوبات التي حصلت هناك، ولو أن الحوار كان جديا مع الأطراف الاجتماعية، ولو أن الحكومة أولت هذا الموضوع ما يستحق من الأهمية. وها هو رئيس الحكومة السيد علي العريض يعلن أول أمس بمناسبة عيد الشغالين على فتح حوار وطني واسع مع الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص الحوض المنجمي وذلك لتجاوز الصعوبات الحاصلة هناك ولتفادي مخاطر اقتصادية قد يصعب حلها إذا ما زادت تفاقما. فهل تصدق النوايا ويقع فتح هذا الملف لإنهاء حالة الاحتقان بالحوض المنجمي وتعود حركة إنتاج الفوسفاط إلى مستواها الذي كانت عليه في السابق؟ فلننتظر.