سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ضمان توازن حقيقي بين رأسي السلطة التنفيذية.. أم بوابة لتعطيل سير مؤسسات الدولة؟ بعد اتفاق الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني على النظام السياسي المختلط..
اعلنت مية الجريبي الامينة العامة للحزب الجمهوري خلال الانتهاء من جلسة الحوار التي عقدت اول امس بمشاركة سبعة احزاب حصول اتفاق بخصوص النظام السياسي على توازن حقيقي بين رأسي السلطة التنفيذية رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ضمن نظام سياسي مختل.. وقالت إن الأطراف السياسية المشاركة في الحوار اتفقت على نظام سياسي يضمن توزانا حقيقيا ولعل هذا التوافق قد باركه عدد هام من رجالات السياسة لكن وجهة نظر اساتذة القانون الدستوري قد تختلف بعض الشيء لان قراءاتهم تكون بعيدة المدى لاحتساب المخلفات الايجابية والسلبية منها لمثل هذه التوافقات. لكن السؤال القائم هو: هل من شأن هذا التوازن في المهام بين رأسي السلطة أن يحدث ازمة تعطيل سير دواليب الدولة؟ رأى قيس سعيد استاذ القانون الدستوري ان اختيار النظام السياسي المعلن عنه هو تقريبا نفس الاختيار الذي تم في البداية مع بعض التعديلات في توزيع الاختصاصات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وقال: "لكن هذا الاختيار قد يؤدي لا الى التوازن المنشود لكن الى تعطيل سير مؤسسات الدولة خاصة حين تقترب المواعيد الانتخابية فكل طرف سيسعى من الموقع الذي يحتله الى الاستعداد للانتخابات". وفسر سعيد قائلا "ان التعايش بين الطرفين خاصة اذا كانا ينتميان الى أحزاب مختلفة لن يكون دائما سهلا وما يحصل اليوم هو توزيع للاختصاصات على المقاس فكأن الذي له الأغلبية اليوم ستكون له نفس هذه الأغلبية مستقبلا والذي هو في قصر قرطاج سيكون في الانتخابات القادمة في نفس القصر". الآثار السلبية ودعا سعيد الى "الانتباه الى الاثار السلبية التي يمكن ان تترتب على مثل هذه الاختيارات لانه غير كاف ان يترأس هذا او ذاك مجلس الوزراء حتى يقال انه تم التوصل الى اتفاق ولا يكفي ان يسند هذا الاختصاص الى جهة دون اخرى حتى يقال انه تم التوصل الى التوازن المنشود لان التوازن الحقيقي يكون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ولا يمكن ان يتحقق بمجرد التنصيص على بعض الآليات بل لن يتحقق الا في ظلّ تعددية حقيقية". ويرجح استاذ القانون الدستوري ان يتحول هذا التوازن الى خطر ليعطل سير دواليب الدولة مثلا في فصل السياسة الخارجية عن السياسة العامة مما قد يحدث تضاربا وصراعا وان كانت الأشهر الأولى "أشهر عسل" فستتحول بعد ذلك إلى فراق بسبب الاستعداد إلى الاستحقاق الانتخابي. ولاحظ ان "ما يحصل اليوم بالرغم من الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية إلا أن التعايش كان صعبا خاصة في اخذ عدد من القرارات الهامة". الحلّ.. ورأى سعيد ان "الحلّ يكمن في تولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها وزير أول على أن تكون مسؤولة أمام الهيئة التشريعية، كما يمكن لهذه الهيئة ان توجه لائحة لوم ضدّ الحكومة وتجبرها على تقديم استقالتها، في المقابل يمكن لرئيس الجمهورية ان يقوم بحلّ الهيئة التشريعية والدعوة الى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها وفي حال وجه البرلمان لائحة لوم ثانية ضدّ الحكومة لأي سبب من الأسباب، على رئيس الجمهورية في هذه الحالة ان يقدم استقالته". واعتبر سعيد ان لائحة اللوم هي بمثابة الإنذار الموجه اليه اما اللائحة الثانية فهي السلاح الأقصى الذي يطال رئيس الجمهورية بنفسه اذ يتعلق الأمر بمشروعيتين إحداهما يتمتع بها رئيس الجمهورية والثانية تتمتع بها الهيئة التشريعية ولا بدّ في النهاية من تغليب واحدة على الأخرى وبالنسبة لهذا التصور ستكون كلمة النهاية للهيئة التشريعية في صورة توجيهها للائحة لوم ثانية. تقنيات قانونية تحسم النزاع وفي اجابته على سؤال "الصباح" حول امكانية ان يؤدي توزيع الصلاحيات بين رأسي السلطة التنفيذية بالتوازي الى تداخل في المهام إلى خلق أزمة؟ قال استاذ القانون الدستوري غازي الغرايري انه توجد تقنيات قانونية ودستورية لفصل النزاع الايجابي في الاختصاص بين رأسي السلطة التنفيذية. ولاحظ الغرايري وجود تقدّم، مقارنة بالصياغة السابقة لمسودة الدستور الثالثة حيث اسندت لرئيس الجمهورية صلاحيات اكثر واوفر لكن بالنسبة إليه يبقى السؤال هو: "هل ان حزمة الاختصاصات المسندة لرئيس الجمهورية كافية لاحداث التوازن بين رأسي السلطة التنفيذية في دولة ديمقراطية؟"