شعرت بنوع من هضم الحق و«الرّحلة الهنتاتية» نص لا يبارى عبد القادراللطيفي الحائزعلى الجائزة الخاصة بلجنة التحكيم باللغة العربية للدورة 17 للجوائزالأدبيّة ل"تأمينات كومار"عن روايته"الر حلة الهنتاتية "الصادرة عن"الأطلسية للنشر" روائي وقصّاص ومسرحي وعضو باتحاد الكتاب التونسيين وبمركز الرواية العربية بقابس ... كتب القصّة القصيرة و روايتي"اوبرج السعادة " و" الإمبراطورية " و له في المسرح نصّ" إبراهيم بن الأغلب: الأميرالرهيب" التي أخرجها للمسرح الوطني منيرالعرقي وتعرض هذه الأيام في قاعة "الفنّ الرابع" بالعاصمة . التقته "الصباح " لتسأله رأيه في مسالة حجب الكومارالذهبي والتصريح بان الأخطاء الفاحشة كانت من الأسباب المباشرة التي جعلت هذه الدّورة من أضعف الدورات لجوائز"الكومار" وعن مدى رضاه عن تحويل نصّه المسرحي "إبراهيم بن الأغلب" إلى مسرحيّة "الرهيب "فكان الحوارالتالي: كيف تقيّم نتائج مسابقة"الكومار" وهل تعتبرأنه تمّ هضم حقك وحق ّ الكاتبة حفيظة قارا بيبان ؟ -من حيث الجائزة هذا أمرنباركه جميعا ونحن في حاجة في تونس إلى مؤسسات تشجع الكاتب والمثقف عامة؛ وهذا معمول به في كل بلاد الدنيا ، وبإمكانه أن يضيف إلى المشهد الثقافي والأدبي دفعة لا باس بها. فالكاتب مثل غيره يحتاج إلى مثل هذا التشجيع المعنوي والمادي. أما إذا تعلق الأمربحيثيات بعض الجوائزالأدبية عندنا في تونس فان العامل البشري حاضر بقوة ولا يمكننا كبشرأن ننزّه انسفنا عن بعض الأخطاء البشريّة ولذلك أقول إنه وفي هذا الإطارما حدث في جائزة "الكومار" لا يخرج عن هذا القانون؛ وشخصيا شعرت بنوع من هضم الحقّ.. ربّما تكون هذه نرجسيّة منّي ولكني كنت اعتقد ان النصّ الذي تقدّمت به وهو" الرحلة الهنتاتية "نصّ لا يبارى من حيث قيمته السرديّة أواللغوية؛ ولذلك فوجئت بالنتيجة خاصّة أنني على اطلاع على بعض النصوص الأخرى ومن ضمنها نصّ صديقتنا حفيظة قارابيبان؛وهذا لا يعني أي استنقاص لروايتها أبدا بل على العكس أنا قرأت نصّها منذ صدوره وشدّتني الرواية إلى آخرحرف ولكنّي كنت اعتقد ان ما قدّمته قد يكون أفضل في حين ارتأت اللجنة رأيا آخر؛ بل إن ما غاضني وغاض الأخت حفيظة قارابيبان في نفس الوقت هوحجب ''الكومارالذهبي'' ولهذا قلت عند إلقاء كلمتي المرتجلة : " ان لجنة القراءة لم تكن لها الجرأة الكافية لكي تصنّف الأعمال الروائيّة حقّ تصنيفها ومع هذا أنا سعيد بهذه الجائزة ولكن الأستاذة جليلة طريطر بررت حجب الكومار في هذه الدورة بكثرة الأخطاء الفاحشة ؟ -لا أدري إن كان الأمرمتعلقا بروايتي ولكنّني لا أظنّه كذلك لأن الرحلة الهنتاتية "عمل في جزء منه لغوي بامتياز إلى درجة أن القراء يستغربون إصراري على أني قمت بشكله وإعرابه منذ أول صفحة إلى آخرها عدا العتبات ولكنني أعتقد اأن هذه المسالة طرحت في ما يتعلق بعدد من الروايات خاصة تلك التي تناولت موضوع السجن ولم تهتمّ بالجوانب الفنية اواللغوية كما ورد في تقريراللجنة ذاتها . ومع هذا فاني أرى ان ذكربعض أسماء الكتاب او الروايات اوحتى الإشارة إلى بعض دورالنشرالتي وقعت منها هذه الأخطاء أمرغير مقبول إذ هو نوع من التشهيربالكاتب والناشرمعا؛مع العلم ان الإشارة إلى الأخطاء اللغوية وضرورة تجنّبها أمرمحمود بل مطلوب لأن دورهذه اللجنة اوالجائزة ليس فقط إسناد الجوائزبل هو دورتربويّ ثقافيّ فيه ائتمان على مستقبل أجيالنا الصّاعدة ومن الواجب حمايتهم من النادب الرديء لماذا اخترت الكتابة عن إبراهيم بن الأغلب؟ ولماذا اليوم بالذات؟ -مسرحية ابن الأغلب هي أول عمل نشرلي وليس أول ما كتبت في جنس المسرح وقد كتبتها من زاوية الأدب أكثرمنها من زاوية المسرح ؛ فعلاقتي بالفن الرابع إنما هي فرع من علاقتي بالأدب عامّة والسرديّات بشكل خاص؛ وأنا من المعجبين بتوفيق الحكيم منذ الطفولة وكنت دائما أتمنّى لو يقيض لي الوقت لكي اكتب شيئا شبيها بما كان يفعل وبما أني قارئ للتاريخ فانّي وأنا أقرأ كتاب " البيان المغرب " للمؤرخ ابن عذاري وهو يؤرخ لبلاد الأندلس والمغرب إلى حدود أواخر الدولة المرابطية... اكتشفت انه وهو يتحدّث عن الدولة الأغلبيّة أتحفتني شخصيّة فريدة هي شخصيّة إبراهيم الثاني الذي كان نهاية في الدمويّة والاستبداد رغم انجازاته العظمى في افريقية...؛ وفي الوقت الذي كان فيه فاتحا عظيما ونصيرا للثقافة في القيروان كان أيضا رجلا قاسيا جدا لم يرحم القريب والبعيد من أنصاره وخصومه على حدّ سواء وفي نوع من الاستشعارالغريزي أحسست ان هذه الشخصيّة قد تكون مناسبة لما نعيشه اليوم مع اختلاف الجزئيات بطبيعة الحال. والغريب أيضا أنني وأنا أقرأ سيرة هذا الرجل لم أكن أفكرفي جنس الرّواية بل كنت أفكرفي المشاهد واللوحات المسرحيّة التي كانت تمرّ بها حياة هذا الرجل ولذلك ولدت المسرحية منذ ساعة قراءتها هل أنت راض عن طريقة أخراج مسرحية إبراهيم بن الأغلب؟ -أنا راض عموما على ما قدّمه أخي وصديقي منيرالعرقي؛ فالرؤية الإخراجية كانت من الوضوح والشفافيّة والحرفيّة بحيث إنها قد بلغت للجمهور بشكل جليّ وساطع ما كنت أريد أن أبلغه للقارئ عن طريق النصّ المكتوب . ولأن تجسيد النصّ المسرحيّ على الرّكح يمرّ بمرحلة دقيقة من الأقلمة والتطويع الركحي؛ فانا أتفهّم بعض التغييرات البسيطة الطارئة على النصّ وهو ما اتفقنا عليه وبالنسبة إلى أداء الممثلين؟ -الممثلون اعتبرهم فرسان الرّكح في المسرح الوطني... واعتقد أنهم أدّوا أدوارهم بجودة عالية وعلى رأسهم الممثل القديرالبشيرالغرياني الذي قام بدور لبطولة وتلبّس شخصيّة إبراهيم الثاني إلى درجة التماهي. وماذا عن خاتمة المسرحيّة المختلفة عن النصّ ؟ -أنا راض إلى حد كبيرعن هذه الخاتمة الركحيّة رغم أنّي كتبت خاتمة مختلفة في النصّ الورقيّ ولكن لعلّ لضرورات التطويع الركحيّ العذرفي هذا الاختلاف بين الخاتمتين... والصديق منير العرقي مستعدّ دائما إلى التعديل والتجويد في سبيل تقديم عمل فني جيّد ( خاتمة منيرتفتح باب الموت ولا تغلق الموضوع ) هل تعتقد أنه على الكاتب والروائي أخذ مسافة ما في الحديث عن ثورة تونس ليكون عمله ناجحا آو مقبولا؟ -كتبت هذا النصّ المسرحي قبيل اندلاع الثورة التونسية بقليل وأنا اعتبره وليد الغليان الشعبي الذي كان بمثابة النارتحت الرّماد قبل ان تنفجرالثورة وإذا لم تكن لي الجرأة ان أواجه الفساد والظلم والاستبداد كما واجهه آخرون ودفعوا أثمانا باهظة من أرزقاهم وحياتهم فعلى الأقل كان لي بعض الشرف أنني استشعرت اللحظة التاريخية وكتبت عنها في نوع من الشعورالغريزي ولا أدعي البطولة في ذلك مطلقا؛ بل كنت من الأغلبيّة الصّامتة واليوم، وبعد انتفاضة الشعب التونسي التي هي بصدد التحول إلى ثورة حقيقية، لأن في طريقها إلى كنس كل البناء القديم ثقافيا وسياسيا فإن من واجب المثقف روائيا كان أومسرحيا أو فنانا تشكيليا أن يحافظ على المسافة الفاصلة بينه وبين السياسي كي يتمكّن دائما من التحرّك في هامش من الحرّية النقدية بحيث لا يجد أيّ حرج في أن ينقد الوضع على طريقته وكيفما يراه بلا قيود أوحدود