عبّر المفكّر التونسي يوسف الصدّيق خلال أمسيّة نظّمتها الجمعيّة التونسية للمواطنة و الحرّية بصفاقس عشية السبت في إطارتقديم كتابه "هل قرأنا القرآن؟ أم على قلوب أقفالها" عن إجلاله الكبيرلعملية التعبّد، مفيدا قوله"لا يمكن أن تستقيم المجتمعات من دون عامل الطقوس والمناسك". يوسف الصدّيق الذي "لا يمثّل إماما ولا مفسّرا مكلّفا من قِبل مؤسّسة من المؤسّسات" مثلما ورد في مقدّمة الكتاب، يعلم جيّدا أنّه كمفكّرولج عالم التأسيس للفكرالحداثي بأنّ المواجهة ستكون جدّ شديدة من قِبل من يرفضون فتح باب الاجتهاد والبحث؛ كما يعلم جيّدا أنّ هذه الرّوح الفلسفيّة التي تدفعه إلى "مرافقة القول القرآني" ستجعله يقتفي أثرما تحاول إخفاءه المؤسّسة التفسيريّة وتجعله يطرح أسئلة عديدة بخصوص سبب جعل القرآن غيرقابل للقراءة إلاّ بوساطة رجال الدين ومن الذي بوّأهم سلطة التعهّد بقراءة ما؟ خطيئة قارئ القرآن الأولى المفكّريوسف الصدّيق وفي أحد فصول:"هل قرأنا القرآن؟" أكّد على أنّ كتابه لا يعدوأن يكون سوى "لقاء يجمع وجها لوجه قارئا بنصّ متفرّد" وأنّ المادة الخام في هذا الكتاب هي القرآن قولا وما طرحه؛ ولمّا يزل النصّ القرآني من مشاكل وصفها الصدّيق في فصل كتابه بالجسيمّة و"غالبا ما تكون مآزق منطقيّة لم يتخطّها الأقدمون إلاّ بالاعتماد على خيارات أملتها الحسابات والمناورات الإيديولوجية". ففي مقدّمة الكتاب أكّد يوسف الصديق على أنّ المقصود بالقراءة "عمليّة التفكيك والتركيب المتجدّد للوحدات المعنوية ثمّ وصلها مع غيرها من المعاني..." إضافة إلى ما تستوجبه القراءة من قدرات لاستحضار المعنى. الله عين العالم الفيلسوف والمفكّريوسف الصدّيق وصف في مداخلته لدى تطرّقه إلى "سورة النور" بأنّها "من أرقى النصوص في الكون منذ بدأ التاريخ إلى اليوم" وذلك لاتساع دائرة الخطاب في السّورة انطلاقا من شخصين "يُتّهم أحدهما خطأ أو ظلما، بالزنا" وامتدادها إلى ما هومسكوت عنه في الحياة العامّة ولتتّسع زاوية هذا الخطاب لتشمل "جميع الأزواج ذوي الروابط الشرعية التي ترعاها القوانين العامة" والوقوف عند سلوكين أحدهما "متعفّف" اختارطريق الزهد والآخر"مترف" "يستغلّ أمة بذريعة مراعاته لما رسمته حدود الشرعية له" وهووصف ورد في كتاب المؤلّف. يوسف الصدّيق وبصفته من بين السّاعين إلى فتح باب الاجتهاد ربّما يرى ضرورة القطع مع "التعاطي التبسيطي" مع لفظ" الإسلام" والرقيّ بالمعنى إلى مفهوم قيم الحرّية الإنسانيّة كمعنى حقيقيّ لمشروع الإسلام.