إعلاء شأن الترجمة لإصلاح صورة الإسلام والمسلمين 10 آلاف ساعة من العمل الشاق والمضني والتركيز والبحث أي قرابة عشر سنوات بمعدل 15 ساعة في اليوم لم يكن يقطعها إلا للتدريس أو إمامة الناس في الجامع في بلاده السينغال كانت نتيجتها ترجمة كتاب "جوهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض أبي العباس التيجاني الذي ألّفه علي حرازم بن العربي برادة المغربي الفاسي إلى اللغة الفرنسية." هكذا تحدث البروفسور روحان امباي مقدما عمله الذي تحصل به على جائزة ابن خلدون-سنغور للترجمة في العلوم الإنسانية في دورتها الخامسة خلال حفل إسناده الجائزة وقد نظمته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمنظمة الدولية الفرنكوفونية عشية أول أمس الثلاثاء بالعاصمة وحضره عدد من المسؤولين في جمهورية السينغال ومن بينهم وزير الثقافة السيد عبدول عزيز امباي وبعض السفراء العرب ووزير الثقافة التونسي مهدي المبروك ومنصف بن سالم وزير التعليم العالي والبحث العلمي وكليمان دوهام المتصرف العام للمنظمة الدولية الفرنكوفونية والدكتور عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. النهوض بالترجمة للعبور إلى الثقافات الأخرى وقد وعد الدكتور عبد الله محارب في كلمة خص بها "الصباح" بمواصلة العمل الذي دأبت عليه الالكسو ومنظمة الفرنكوفونية من اجل تنمية التنوع الثقافي واللغوي من خلال النهوض بمجال الترجمة باعتبارها أداة للعبور إلى الثقافات والحضارات الأخرى و التلاقح معها، خاصة وان اللغة العربية التي كانت ومازالت لغة الإبداع الفكري والعلمي والأدبي لكثير من الأقوام والأجناس في ظل الحضارة العربية والإسلامية لغة قادرة على الإسهام بكفاءة في الحوار بين الثقافات ومهيأة لان تكون جسرا يربط بين الفكرين العربي والفرنكوفوني تماما مثلما كانت في الماضي أداة لنقل العلم والمعرفة من بلاد العرب إلى القارة الأوروبية. وأضاف:"لقد لاحظنا انه لدينا فقر في الترجمة من العربية إلى الفرنسية رغم أنها كانت أول عنصر من عناصر التقدم في الدول الإسلامية القديمة وقد لاحظنا كذلك ان التعويل على دور النشر لا يفيد كثيرا لان اغلبها تبحث عن الربح المادي السريع ورأينا ان العرب في حاجة إلى الترجمة وهذه لا تقدر عليها إلا المؤسسات الثقافية الكبرى لذا أوجه دعوة إلى الدول العربية الغنية لفتح المزيد من المجالات للاعتناء بالترجمة ونقل العلوم غير العربية إلى العربية للتخفيف من عمق هذه الهوة التي ما فتأت تتسع. تنويه بترجمة التونسي عبد الحميد العذاري المصرية الدكتورة تهاني عمر رئيسة لجنة تحكيم جائزة ابن خلدون سنغور المنتهية مدة رئاستها لفائدة المغربي الدكتور مصطفى القباج كانت سعيدة حسب ما صرحت به ل"الصباح" بالعمل مع أعضاء لجنة التحكيم- التي ترأستها ثلاث سنوات من بين ست قضتها كعضو- ومن بينهم الدكتور محمد المحجوب والإعلامي رجا فرحات وأصرت على الثناء على الفائز بالجائزة وعلى حرصه على إعطاء المزيد من الوضوح بوضع فهارس لما ورد في النص من الآيات والأحاديث والأبيات الشعرية ولابتعاده عن النقل الحرفي وعن كل ما لا يؤدي القيمة المعنوية للنص. وأضافت:"ان لجنة التحكيم نوهت كذلك بعملين اثنين احدهما للتونسي عبد الحميد العذاري الذي ترجم الحركة الأدبية والفكرية في تونس للشيخ محمد الفاضل بن عاشور والثاني لبسكال بورازي الفرنسي وهشام علوي المغربي." خلال الحفل الذي نشطه رجا فرحات قدم الدكتور محمد المحجوب عضو لجنة تحكيم الجائزة محاضرة تناول فيها موضوع الإبداع، النشر والترجمة في مجال العلوم الإنسانية في العالم العربي واقترح مزيد التعريف بالفكر العربي ليدخل في الجدول الفكري العالمي ومزيد تشجيع ترجمته وصرح للصباح بان اسناد هذه الجائزة للمحتفى به الدكتور روحان امباي هي تكريس لعمل علمي قيمته متاكدة ومجهوده لا جدال فيه وقال:" انه لمن أسباب السعادة ان جاء هذا البحث من بلاد سنغور رجل الدولة الحكيم والشاعر المبدع والناطق باسم ثقافات القارة الإفريقية ومن دواعي السرور أيضا أن يكون موضوع الجائزة عن التيجانية وهي الفرقة الصوفية التي يؤمن بها قرابة 300 مليون شخص يتعطشون الى مزيد الاطلاع على رموزها وخصوصياتها." إصلاح فكرة الآخر عن الإسلام وفي هذا الإطار تحدث وزير الثقافة السيد مهدي المبروك ل"الصباح" واعتبر ان هذا التكريم جاء في وقته فالفقيه روحان امباي هو احد رموز الطريقة التيجانية في بلاده السينغال وقد لعبت الصدفة التاريخية دورا جعل هذا العمل يكرم في الوقت الذي تهدم فيه المعالم المرتبطة بالطريقة التيجانية وبالإسلام الصوفي السني في تونس ومالي وبعض البلدان الثورات العربية.." أما عن الكتاب فقد لاحظ انه سيصلح فكرة الآخر الخاطئة عن الإسلام حيث ان غير المسلمين لا يرون فيه إلا إسلام العنف والجهاد الحربي وسيجد فيه الفرانكفونيين فكرة صحيحة عن إسلام المحبة والأخوة كذلك سيساهم في بناء جسر بين العرب والأفارقة وبين الإسلام والغرب وبين اللغة العربية والفرنكفونية وهذا الجسر سيبقى دوما متحركا طالما ازدهرت حركة الترجمة وقال:" في هذا الإطار يتنزل إمضاؤنا لاتفاقية الترخيص في ترجمة موسوعة عن الإسلام بين المركز الوطني للترجمة ومؤسسة "بريل" الهولندية." وفي نهاية الحفل أكد المحتفى به الدكتور روحان امباي على كم الصعوبات التي اعترضته خلال ترجمته لكتاب "جوهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض أبي العباس التيجاني" وخص"الصباح" بتصريح ذكر فيه انه جمع خمس نسخ لمختلف دور النشر التي نشرت الكتاب ليحصل على نص يكون المعتمد وانه قارن نصه المترجم بالنص الذي أمر الشيخ التيجاني محمد الكبير بن أحمد حفيد مؤسس الطريقة التيجانية بتحقيقه ثم حرر لنصه تقديما لخص فيه أصول التصوف وسيرة الشيخ احمد التيجاني كما ردّ على بعض الانتقادات التي تم توجيهها إلى التيجانية وقال:"قد يحتوي كتابي على هفوات ترجع أساسا إلى أسلوب المؤلف الذي يستعمل جملا طويلة جدا وعبارات ذات معان متعددة تصعب ترجمتها.