.. وفي الرباط بالذات حيث حضرت حفلا ثقافيا جميلا سددت فيه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لكمة قوية لكل من يتهمون في الغرب الأمة العربية بالتزمّت.. والتعصب.. والإرهاب.. وأكدت هذه المنظمة من خلال هذا الحفل وما جرى فيه وما احتوى عليه من فعاليات أن العرب يصرون على الحوار.. ويحرصون على فتح المزيد من نوافذ التفتح والاستفادة من ثقافات الآخر.. لقد أسندت منظمة «الألكسو» التي يقودها الأستاذ عبد العزيز ابن عاشور وبكل اقتدار ومهارة وإيمان جائزة ابن خلدون سنغور للباحث المغربي الدكتور عبد السلام شدادي الذي ترجم من العربية الى الفرنسية «سيرة ابن خلدون الذاتية».. وقد سمعنا سواء في حفل اسناد الجائزة أو في الندوة حول الترجمة التي انتظمت بالمناسبة كلمة الحوار تتردد مئات المرات ودون توقف حتى أننا يمكن أن نقول أن منظمة «الألكسو» أقامت في الرباط مهرجانا للحوار ولذلك لم يكن عنوان الندوة: «الترجمة أداة للحوار بين الثقافات» بالصدفة.. وقد أطنب الأستاذ محمد العزيز ابن عاشور في كل كلماته وتدخلاته في الحديث عن الحوار بل اعتبر أن جائزة ابن خلدون سنغور للترجمة التي تمنحها منظمة «الألكسو» سنويا بالاشتراك مع المنظمة الدولية للفرانكفونية.. ماهي في الواقع الا عنوان كبير وعظيم على مدى تعلّق العرب بالحوار.. فالترجمة في النهاية هي وجه بارز وهام من وجوه الحوار بين الشعور والأمم.. وما قاله الأستاذ محمد العزيز بن عاشور قاله أيضا الرئيس السينغالي السابق عبدو ضيوف المدير العام لمنظمة الفرانكفونية والسيد بنسالم حميش وزير الثقافة فاتفقوا جميعا على أمر هام وهو أن الترجمة ماهي في التحليل الأخير إلا قاطرة تجرّ خلفها قاطرات تخدم التعاون بين الشعوب وتؤسس لثقافة احترام الآخر.. أما الجائزة.. جائزة ابن خلدون سنغور فإنها لم تخطئ العنوان.. لقد ذهبت الى من يستحقها ولجنة التحكيم التي أسندتها للأستاذ المغربي عبد السلام شدادي كانت منصفة ومنحتها لمن يستحقها.. فالرجل فارس في ميدانه ثم أن ترجمته لسيرة ابن خلدون من العربية الى الفرنسية كانت محلّ إجماع حول دقتها وروعتها وأمانتها.. تحية تقدير لمنظمة «الألكسو» التي تواصل معاركها الثقافية لمصلحة كل الأمّة بكل اقتدار وصدق ووعي.. إن الحكمة القديمة تقول: لو كان الفقر رجلا لقتلته.. ولكن من حق بعض الرجال في هذا الزمن العربي الصعب أن يقولوا: لو كان التعصب والتطرف والتزمت رجلا لقتلناه.. والأستاذ محمد العزيز بن عاشور هو احد أولئك الرجال..