ماذا عن الجديد حول أسقف العلاج بالنسبة للمنظومة العلاجية الخاصة ... وهل العائلة مجبرة على اختيار منظومة واحدة؟ تونس الصباح: تمثل منظومة التأمين على المرض خلال هذه الفترة الشغل الشاغل للسواد الأعظم من الناس على اعتبار أنها تمس النسبة الكبرى منهم باعتبار مستوى الإنخراط العالي في الضمان الإجتماعي بتونس، وكذلك بلوغ المنظومة أشواطا متقدمة في عملية إرسائها. واهتمام المواطنين بالمنظومة أملته أيضا عوامل في شروط ارساء مراحلها، وربطها بآجال محدودة، والتقدم فيها بشكل سريع ربما لم يستوف بعض الجوانب الأساسية في النظام الجديد للتأمين على المرض. فما هي أبرز التساؤلات التي يطرحها المواطن الآن بخصوص المنظومة ويبحث لها عن أجوبة؟ ولماذا بقيت هذه الأسئلة معلقة؟ وهل تتصل هذه الأسئلة بالبعد التنظيمي للمنظومة وصعوبة التعامل معها، أم تذهب الى جوانب تشريعية أيضا واجتماعية؟ سقف العلاج بالنسبة للمنظومة العلاجية في القطاع الخاص في علاقة بالمرحلة الحالية الخاصة باختيار المنظومات العلاجية من طرف كل المضمونين الإجتماعيين يطرح المواطنون السؤال حول سقف العلاج الذي يمثل لدى الجميع الركيزة الأساسية التي يقوم عليها اختيارهم لهذه المنظومة أو تلك. وباعتبار تأخر صدور نص قانوني لهذا السقف فقد احتار المواطن في اختياراته للمنظومات، ولم يتوفق بعد في الاهتداء إلى أنسبها بالنسبة له. ولعلنا في هذا الجانب نؤكد قيمة هذا السؤال وعلى ضرورة الإسراع بتحديد سقف العلاج لتبديد هذه الحيرة التي تنتاب المضمون على اعتبار أن اختيار المنظومة لا يمكنه أن يسبق تحديد سقف العلاج. ولكل هذا فإنه لا بد من مراعاة هذا الجانب لتبديد الخوف والتردد في إختيار المنظومات بناء على شفافيتها في جوانبها المادية والعلاجية، وبالتالي التقدم في إنجاز هذه المرحلة الهامة جدا في إرساء المنظومة العلاجية. حيرة بخصوص ما يروج من حديث حول الأدوية الجنيسة الدواء الجنيس والحديث عنه بات أيضا الشغل الشاغل لعديد المواطنين هذه الأيام، والحديث عنه قد أخذ مشارب متعددة. فالبعض يتساءل عن أهميته العلاجية، خاصة لبعض الامراض المزمنة التي تعود أصحابها على اقتناء أدوية معينة. أما الجانب الثاني في التساؤل هو ما يشار إليه من اعتماده كدواء أساسي ومن حيث أثمانه أيضا في استرجاع مستحقات المضمون من طرف ال "كنام"، وأن الفرق سيكون شاسعا بين أسعار الأدوية الاخرى والدواء الجنيس. وفوق كل هذا يطرح السؤال حول الإمكانيات المتوفرة من الأدوية الجنيسة في البلاد ، وهل ستعوض نسبة هامة من الأدوية في الصيدليات، وكيف سيتم التوفيق بين ما يشير به الطبيب المباشر من أدوية على الوصفة، وما يمكن اقتناؤه من أدوية مغايرة للوصفة؟ وهل للصيدلي الحق في تسليم بدائل أخرى من الأدوية؟ العائلة واختيار المنظومة العلاجية الواحدة المسألة الاخرى التي تمثل أيضا سؤالا، وحديث القاصي والداني في المقاهي واللقاءات، وحتى داخل الجلسات العائلية هو ما تعلق باجبار العائلة على اختيار منظومة علاجية واحدة. فهذا الجانب يمس الآلاف من الافراد، ويبعث الحيرة والإستغراب، ولا يعكس في جوهره تقدم المجتمع التونسي وتطوراته. فهل من المعقول أن يطبق اختيار المنظومات العلاجية بهذا الأسلوب؟ وهل يمكن التراجع عن مكتسبات كبرى حيث من خلال اختيار المنظومة ستجبر المرأة المضمونة اجتماعيا والتي تخضع لاقتطاع شهري من جرايتها لتكون تابعة لزوجها أو العكس كذلك؟ ثم وفي جانب أخر أين حرية الاختيار في المنظومات لدى كل مضمون اجتماعي بقطع النظر عن جنسه؟ وما ضر لو اختارا الزوجان نمطين مختلفين للمنظومات؟ إن هذا الجانب يمثل أيضا تساؤلات واسعة وحيرة داخل العائلة الواحدة وهو في نظرنا يتطلب مزيد المرونة في تطبيقه وسعة النظر أيضا خاصة اذا كان الزوج والزوجة من المضمونين الاجتماعيين. تساؤلات بخصوص تقدم المفاوضات مع أطباء الاختصاص وترتقي تساؤلات المواطنين حول منظومة التأمين على المرض الى جوانب قد يعتقد الواحد منا أنها تعنيهم مباشرة. حيث يتابع المواطنون الجديد في المفاوضات مع أطباء الاختصاص. ولعل هذه التساؤلات تنم على جوانب أخرى تتعلق بأسعار العيادة لدى هؤلاء، وبارتباط بعض المضمونين في علاجهم به، كما أن عملية تعاقد هؤلاء الأطباء قد تسهل على عديد الناس اختيار المنظومات العلاجية. وفوق كل هذا يبدو أن متابعة المفاوضات لهذا الصنف من الأطباء وتعاقدهم مع المنظومة، سيكون بابا أيضا لتسهيل مهامهم في استرجاع مستحقاتهم من "كنام" التي مازالت معطلة لحد الآن حتى لدى القطاع الصحي الخاص الذي لا يمكنه التعامل مع منظومة التأمين على المرض مادام أطباء الاختصاص خارجين عن المنظومة. وبشكل عام يمكن القول أن مصلحة المواطن وتوضيح الرؤية لديه مازالت في هذا الجانب غامضة. ماذا لو أن الطبيب الذي تعودت العائلة على التعامل معه لم يتعاقد مع المنظومة؟ هذا السؤال هو في الحقيقة مشروع جدا. فنسبة هامة من العائلات التونسية تعودت على طبيب للعائلة تؤمنه على حاجياتها في المجال الصحي وتلتجئ له دوما عند الحاجة. وربما تربى افراد العائلة جميعهم على يديه واستأنسوا به. لكن وفي ضوء المنظومة العلاجية الحالية سوف تختلط الأوراق، خاصة إذا لم يتعاقد هذا الطبيب مع المنظومة. فكيف سيكون وضع العائلة وأفرادها بعد أن تعودوا السنين الطوال على طبيب معين يعرف التطور الصحي لكل أفرادها ويراقبه عن كثب باعتبار متابعته الطويلة له؟ إننا نعتقد أن هذا التساؤل مشروع ومحير أيضا فماذا سيجري لو فقدت العائلة هذا السند الصحي الذي كان يتبع أفرادها ويعرف كل التطورات الخاصة بصحتهم ؟ وهل يقبل هذا الطبيب بالتفريط في ملفاتهم الصحية لطبيب آخر؟ أسئلة وافتراضات ذات بعد اجتماعي إن منظومة التأمين على المرض لا يمكن النظر اليها في أبعادها الصحية فقط، بل أن انعكاساتها على المجتمع ستمس الجوانب الاجتماعية أيضا. ومن هذا المنطلق لابد أن ينتبه المشرع لهذا الجانب بالذات. وفي هذا المجال يطرح سؤال الآن يتمثل في ماذا سيكون مصير القرين في علاقة بالمنظومة العلاجية في صورة حصول الطلاق من قرينه؟ هل سيتحصل على منظومة علاجية خاصة به؟ ماذا سيكون مصيره ان لم يكن مضمونا اجتماعيا؟ هل سيحافظ على نفس المنظومة التي اختارها قرينه قبل الطلاق؟ هل تبقى هذه المنظومة ملائمة له بعد حصول نقلة اجتماعية في حياته؟ كل هذه الأسئلة تبدو مشروعة وتتطلب أجوبة واضحة تنير سبيل المواطن في اختيار المنظومات العلاجية أولا ثم في مستقبله الصحي وضمان استمراريته.