تونس الاسبوعي: أسبوعان تقريبا قبل حلول آخر أجل لاختيار المنظومة العلاجية المناسبة.. السؤال المركزي الذي تسمعه حيثما وليت وجهك.. هو كيف السبيل للتعامل مع المنظومة الجديدة وماهي المنظومة العلاجية الأنسب؟.. وهو ما يقيم الدّليل مرة اخرى على ما يوليه التونسي لموضوع الصحة بشكل خاص.. امام الغموض الذي يكتنف العديد من الجوانب المحيطة بالمنظومة الجديدة للتأمين على المرض.. ومنها ما يهم الأدوية الجنيسة وسقف استرجاع المصاريف ونسبة الاطباء المتعاقدين وجانب التثقيف الصحي بالاضافة الى نسب استرجاع المصاريف.. وفيما يلي تساؤلات جمعناها من مهنيين ومواطنين عارفين. الادوية الجنيسة جانب هام من المسؤولية في تسويق الادوية الجنيسة يعود للاطباء.. والمشكلة ان جلّ الاطباء يتذمرون من انعدام التواصل مع مصانع الادوية.. واذا صادف ان زارهم ممثل لتلك المصانع فانه لا يجلب معه نماذج للادوية المصنعة بها قصد تجربتها.. في حين انه وعندما يزورهم ممثلو مصانع الادوية الاصلية غالبا ما يطعنون في نجاعة الدواء الجنيس.. ويذهبون الى حد انه لا وجود لاحصائيات ثابتة وموثقة وذات مرجع واضح بهذا الخصوص.. أي مدى ثبوت نجاعة هذه الادوية.. كالقول مثلا بأن الدواء كذا تمت تجربته على سبيل المثال بمستشفى شارل نيكول على 1000 شخص وثبتت نجاعته من خلال نسب دقيقة وبالارقام.. ويذهب احد المختصين بان النجاعة هي القاسم المشترك والوحيد الذي ينبغي ان يكون بين جميع الادوية اصلية كانت أم جنيسة؟.. ولا يستطيع معرفة وتقييم ذلك الا الطبيب المباشر لحالة المريض.. بعيدا عن متاهات التركيبة الكيميائية.. اما الامر الثاني الذي لا يقل اهمية.. في اطار نفس التوجه الرامي الى مزيد الاعتماد على الادوية الجنيسة فهو السعر.. او تحديدا فارق السعر بين الصنفين.. ومن المفيد القول هنا بان اسعار الادوية الجنيسة لبعض الامراض لا تقل ولا تختلف كثيرا عن اسعار الادوية الاصلية.. مثل الادوية المعتمدة في طب الاسنان.. والتي لا يتجاوز فارق السعر فيها بين الاصلية والجنيسة نسبة %15 في معظم الاحيان.. وبالتالي ماهي الفائدة التي ستحصل «للكنام» ومن ورائها المضمون الاجتماعي من وراء هذا التوجه؟ خصوصا عندما نعلم بان تلك الفائدة ثابتة وملموسة في بلدان اخرى مثل فرنسا عندما تتراوح نسبة الفارق في السعر بين الدواء الاصلي ومثيله الجنيس بين %30 و%50. من يتحمل مسؤولية الخطإ ؟ احد المتابعين للجدل الدائر حاليا حول «الكنام» تساءل: من يتحمل مسؤولية استبدال دواء اصلي موثق ومدون على الوصفة الطبية.. بدواء جنيس اعطى مضاعفات عكسية وسلبية على صحة المريض؟ ومن يتحمل المسؤولية حينها؟ هل هو الطبيب الذي امر باعطاء دواء معيّن وقام الصيدلي باستبداله ام الصيدلي الذي باع الدواء واين المريض من كل هذا؟ وهل ان الدواء الجنيس متوفر كمّا ونوعا بكافة الهياكل الصحية العمومية والخاصة؟ جوانب نفسية بالدرجة الاولى شق هام ممن حاولنا الاستئناس بآرائهم.. اكد على اهمية الجانب النفسي في العلاقة مع الطبيب والدواء.. حيث يكفي ان تُغيّر لون علبة الدواء لمريضك حتى يتأفف قائلا: «حتى باكو الدواء استرخصتوه فيّ يا رسول الله» فضلا على ان تغيير واستبدال الادوية الموصى بها بادوية اخرى هو ضرب لحرية الطبيب في اعطاء الدواء الذي يراه مناسبا للحالة التي قام بتشخيصها. بالاضافة الى ان الانسان لا يقبل عادة بسهولة أي تغيير يطرأ على أي جانب من حياته اليومية.. حتى ولو كان في المسائل المضرة منها مثل التدخين.. فهو لن يقبل باستبدال ماركة معيّنة باخرى مختلفة عنها من حيث النكهة والمذاق.. لاجل ذلك يذهب المختصون الى ان العامل المحرك في تسويق الادوية الجنيسة هو الطبيب.. ولذلك لابد ان تكون لديه معطيات ثابتة من خلال احصائيات دقيقة.. يستطيع متابعتها ولو عن بعد ومن خلال التكنولوجيات الحديثة حتى يطمئن ويتأكد من نجاعة الدواء اولا.. كي يقدر بدوره على طمأنة المريض. مزيد التعريف بالمنظومة الجديدة رغم الحرص على التعريف اعلاميا بمزايا المنظومة الجديدة على المرضى وبمكوناتها فان غموضا كبيرا لا يزال يكتنف عدة جوانب منها.. وهو ما حدا بالبعض الى الدعوة الى تخصيص «سويعة كنام» يوميا بالاعلام المرئي والمسموع.. تتم فيها الاجابة عن مختلف الاستفسارات.. لان موضوع الصحة اهم من الرياضة ومن حياة النوادي التي نخصص لها مساحات زمنية يومية لا تحصى لانه بامكان النوادي العودة للاضواء والالقاب بعد حصول الازمات ولكن الصحة عندما تذهب لا ترد.. فضلا عن اهميتها ودورها في بناء الاقتصاد والمجتمع.. لذلك لابد من حملات على نطاق واسع. اختيار المنظومة العلاجية الأنسب ظهور المنظومة الجديدة للتأمين على المرضى سبقته استشارات واجتماعات طويلة.. عقدتها عدة لجان وعديد المسؤولين سواء برئاستها او المشاركة كأعضاء فيها.. وذلك لمدة 10 سنوات او ما يزيد.. ورغم ذلك فان ما نلاحظه اليوم من خلال المد والجزر مع الاطباء ومسديي الخدمات العلاجية يوحي بانه تم توفير كل الحظوظ للقطاع الصحي العمومي مع ترك دار لقمان على حالها في القطاع الخاص وبالتالي فان التمشي السائد حاليا يخالف روح المنظومة ذاتها وهو الانفتاح على القطاع الطبي الخاص.. والا بماذا نفسر محدودية نسبة الاطباء المتعاقدين مع «الكنام».. او تراجع عدد كبير من المتعاقدين معها عن ذلك.. على غرار ما حصل في صفاقس مع اطباء التوليد. سقف استرجاع المصاريف من المعلوم ان سلط الاشراف تمسك بكل الاحصائيات الصحية بالبلاد.. من تجارب شركات التأمين على المرض الى تجارب التعاونيات الى تجربة صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية في استرجاع مصاريف العلاج.. اضافة للمستشفيات ومصحات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.. ولدى وزارة الصحة كل انواع الاحصائيات حول الامراض الموجودة ونصيب الاناث والذكور منها.. ونصيب كل جهة من الامراض وانواعها الاكثر شيوعا بتلك الربوع.. وبالتالي فكل الاحصائيات متوفرة.. وعندما نأخذ على سبيل المثال ان بعض المؤسسات تخصص سقفا للعلاج من خلال التعاونيات وشركات التأمين على المرض يتراوح بين الفين و 4500 دينار يصبح التساؤل جائزا وجديا: هل ان ما تم تطارحه مؤخرا أي المبلغ المالي المحدد كسقف لاسترجاع المصاريف يعد معقولا؟! وهل بامكانه ان يلبي انتظارات الجميع خصوصا عندما نستحضر الاهداف العامة التي جاءت من اجلها المنظومة الجديدة للتأمين على المرض. طبيب العائلة اشترطت «الكنام» ان يتم التعامل فقط مع الطبيب المتعاقد معها.. ونفس الشيء بالنسبة لطبيب العائلة الذي لا يمكن تغييره الا بعد مرور عام.. ونتساءل هنا ماذا سيفعل الموظف الذي اضطر لتغيير محل سكناه من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب بسبب نقلة مهنية.. أم الابن الدارس بقفصة او قابس واسرته تقيم بالعاصمة.. ومن المرونة ومثلما هو معمول به في فرنسا ان يتم الاقتصار على ضرورة التعامل مع طبيب متعاقد مع «الكنام» دون الزامية ذكره وتحديده بالاسم.. وبالتالي جعل هامش زيارة الطبيب اكثر اتساعا ويراعي الضرورات الزمانية والمكانية التي يمكن ان يتعرض لها المضمون الاجتماعي ويريحه من حدوث اشكالات عديدة. تعريفات تُحدث اشكالات من المعروف ان المنظومة الجديدة للتأمين على المرض سترسي تعريفات محددة للخدمات الطبية تمّ التنصيص عليها صلب نصوص قانونية.. ومنها ما يتعلق على سبيل المثال بخدمات طب الاسنان.. وعلى سبيل الذكر فقط فان خدمة مداواة اللُبيّة حاليا في بعض المناطق تتم بمقابل يساوي 35 دينارا.. ولان التعريفة المعتمدة من قبل «الكنام» تحددها بمقابل قدره 70 دينارا.. فالمضمون هنا سيصبح مضطرا لدفع 70 دينارا عوض 35 دينارا سابقا.. وانتظار استرجاع ال 35 دينارا المتبقية من «الكنام» لاحقا.. وبالتالي ماذا تغير؟! نفس التعريفة التي كان يدفعها سابقا يتمتع بها لاحقا.. مع وجود فارق يتمثل في دفع الضعف وانتظار استرجاعه من «الكنام».. بينما الطبيب المباشر الذي يتعامل مع مرضاه بتعريفة اقل من التعريفة التي جاءت بها الكنام (اي 70 دينارا) مثلما كان الامر في السابق (35د) يصبح عرضة للتتبع من قبل الكنام وعمادة اطباء الاسنان في ان واحد. تجاذبات وبيانات لاحظنا في الآونة الاخيرة عدة تجاذبات من خلال بيانات صادرة عن بعض جامعات الاتحاد العام التونسي للشغل.. تدعو الى عدم الاختيار بين المنظومات الثلاث رغم ان الاتحاد يعتبر طرفا فاعلا في الاعداد للمنظومة الجديدة بالاضافة الى مقالات الكترونية تسخر من هذه المنظومة (بين ايدينا نسخ منها) ونحن اذ نؤكد على اهمية المنظومة الجديدة للتأمين على المرض فاننا لا نجد سببا مقنعا لاغفال جانب الحوار مع مختلف الاطراف لارساء اسس ثابتة لهذه المنظومة والذهاب بها بعيدا. خير الدين العماري