فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية لفريق فلامينغو في مواجهة الترجي    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة فلامينغو    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    انطلاق عملية التدقيق الخارجي لتجديد شهادة الجودة بوزارة التجهيز والإسكان    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    انطلاق الحملة الانتخابية بدائرة بنزرت الشمالية    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    أخبار الحكومة    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    طقس الليلة    منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود".. وتطالب السلطات التونسية والجزائرية بالتدخل    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    عاجل/ شخصية سياسية معروفة يكشف سبب رفضه المشاركة في "قافلة الصمود"    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    189 حريق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية….    النادي الصفاقسي - الإتفاق على مواصلة الهيئة التسييرية المنتهية مدة نيابتها العمل خلال الفترة القادمة وإطلاق حملة "صوت الجمهور" للمساهمة في الخروج من الوضع المادي الدقيق    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    فجر الثلاثاء : الترجي يواجه فلامينغو وتشيلسي يصطدم بلوس أنجلوس: إليك المواعيد !    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علينا انتظار سنة 2020 لبلوغ مستوى النقل الجماعي الذي كان عليه سنة 1980
مصافحة: مع الكاتب العام لجامعة النقل بالاتحاد العام التونسي للشغل
نشر في الصباح يوم 31 - 03 - 2008

في عهد الاقتصاد في الطاقة غيّرنا الاسطول باقتناء حافلات تلتهم 38 لترا عوضا عن 26 لترا في المائة كلم
تونس الاسبوعي: برزت مؤخرا حاجة ملحة لمزيد العناية بقطاع النقل بمختلف مكوناته.. وَوُضِعت جملة من الآليات والاجراءات والحوافز الضرورية الكفيلة بوضعه على السكة الصحيحة.. لمزيد تعصيره واستحثاث نسق تطوره حتى يتماشى اكثر مع المعايير الدولية المعمول بها في هذا القطاع الحيوي..
وتتجلّى هذه الرغبة من خلال عدة مبادرات اهمها تنظيم الندوة الوطنية حول النقل والتصدير في شهر جويلية الفارط.. بالاضافة للاستشارة الوطنية حول النقل متعدد الوسائط ولكي تنجح هذه الرغبة في التحديث والتطوير لابد ان تأخذ بعين الاعتبار جميع عناصر منظومة النقل.. وعلى رأسها اولا وقبل كل شيء اعداد وتأهيل العنصر البشري.. ورغبة منا في اتاحة الفرصة للمهنيين للحديث حول هذا الجانب.. نستضيف اليوم السيد مختار الحيلي الكاتب العام لجامعة النقل بالاتحاد العام التونسي للشغل وهو اطار نقابي غني عن التعريف.. ويُعتبر من اهل الذكر في القطاع ومُلم بأدق تفاصيله بطريقة علمية ودقيقة تعتمد الارقام والاحصائيات.
أتساءل ماذا كان سيحدث لو فرّطنا في الشركة التونسية للملاحة؟
اعطاب الحافلات الجديدة دون حساب وتجديد المحركات اصبح كل 300 ألف كلم عوضا عن 1.3 مليون كلم في الحافلات القديمة
هل يأتي يوم يعود فيه التناغم بين سلطة الاشراف والنقابات كالذي شهدناه نهاية التسعينات؟
* سي مختار.. ماذا يمكننا ان نعرف منكم عن موضوع النقل وذلك من وجهة نظركم بطبيعة الحال؟
اذا سمحت لي سأنطلق بالنقل الجماعي للمسافرين الذي تراجع كثيرا اثناء العشرية الاخيرة وذلك بأنماطه الثلاث.. وخاصة منها النقل البري الذي تضرر خلال العشرية المذكورة.. وهو ما يتجلّى في عدة مظاهر.. منها تقلص عدد الحافلات وتراجع نوعية الخدمات مقابل الزيادة الكبيرة في عدد المسافرين.. وقد جلب المعطى الاخير انماطا اخرى جديدة من النقل اما لم تقم بالدور المنوط بعهدتها او اضرت بالمجموعة الوطنية.. وعلى سبيل المثال فقد كان النقل الجماعي سابقا يمثل 60% من حركة النقل.. وصار اليوم في حدود 40% اي ان 20% ذهبت لأنماط النقل الاخرى.
* وكيف ساهمت الأنماط الاخرى بهذه الطريقة السلبية في منظومة النقل؟
في العشرية الاخيرة شجعنا الاقبال على اقتناء السيارة الخاصة واستعمالها.. واضحت شريحة هامة من مستعملي النقل الجماعي تستعمل سياراتها الخاصة.. ونحن لم نتهيأ بعد لاستيعاب هذا العدد الهائل من السيارات الذي اوجد اختناقا مروريا في كل الاوقات وخصوصا اوقات الذروة.. والوقت الذي كنا نستغرقه في الذهاب لعملنا تضاعف اربع مرات.. وبالاضافة للتأثيرات السلبية لهذه الوضعية على البيئة.. وفضلا على كونها تشكل هدرا للطاقات.. فقد ساهمت بشكل رئيسي في ارتفاع كلفة النقل.. هذا بالاضافة لأنماط النقل الاخرى المعروفة بالتاكسي واللواج.. وأتساءل هنا: هل تحترم هذه الانماط كراس الشروط الخاصة بها وكذلك شروط السلامة.. رغم ان عمرها محدد بقانون.. ونحن نشهد انه وفي كل مناسبة تنضاف لاجال تجديدها.. مهلة جديدة وهو ما يؤثر على نوعية العربات المستغلة في هذه الانماط وكذلك على درجة السلامة بها ومعدلات استهلاكها من الطاقة واتساءل اخيرا هل ان سيارات النقل الجماعي التي أحْدِثت للنقل الريفي خصيصا تلعب الان دورها ام انتقلت للعب دور النقل الحضري.. وهذا ما يفسر ربما كثرة حوادث الطرقات القاتلة والتي.. تحتل فيها تونس مرتبة متقدمة ومخيفة
* ولكن الجميع يعلم ان العشرية الاخيرة تزامنت مع ما يعرف باعادة هيكلة شركات النقل.. فهل معنى ذلك ان هذا التوجه اعطى مفعولا عكسيا؟
لقد اتجهت النية نحو تخلي الدولة تدريجيا عن دورها في النقل.. مقابل حلول انماط اخرى وذلك في اطار اعادة هيكلة شركات النقل منذ عشر سنوات تقريبا.. على اساس الابقاء على عدد معين من العمال بكل شركة مقابل تسريح عدد آخر منهم.. والمشكلة ان اعداد العمال الذين وقع تسريحهم تجاوزت الخمسة الاف عامل.. رغم اننا اقترحنا على الجهات المعنية النسج على منوال المقاييس المعتمدة في كل دول العالم.. وهي ان يكون عدد العمال موازيا لاسطول الحافلات بمعدل 4.5 عامل عن الحافلة الواحدة.. وهذا المعدل يأخذ في اعتباره السواق والقبّاض وفنيي الصيانة والمراقبين والاداريين الخ.. ولكن المعدلات الوطنية التي تم اعتمادها في مختلف شركات النقل تنذر بالخطر.. من ذلك ان معدل العمال بالشركة الجهوية للنقل بمدنين هو 1.6 للحافلة الواحدة.. وهو مقياس اقل بكثير من كل المقاييس المعتمدة في جميع انحاء العالم.. والغريب ان شركات وطنية عدة نسجت على منوال الجهوية بمدنين بمقاييس اعلى بقليل او حتى اقل منها..
* بعيدا عن المعطيات والاحصائيات ماذا يمكن ان يترتب عن ذلك؟
ترتب عن ذلك حذف خطة سائق وتعويضها بخطة سائق قابض.. وهو امر مخالف للقانون الاساسي ولشروط السلامة.. حتى ان السائق يبقى 6 او 7 اشهر بدون الحصول على راحة اسبوعية وفي هذا ارهاق كبير له.. وهناك منهم من لم يتمتع منذ 4 سنوات براحته السنوية.. اما على مستوى الورشات فالامر بالغ الخطورة حيث الصيانة تكاد تكون مفقودة.. فالشركة الجهوية بسيدي بوزيد على سبيل المثال تستغل 45 حافلة بمعدل عمر يتجاوز 7 سنوات.. ومقابل هذا الاسطول نجد فنيا واحدا في الورشة.. يقوم باشغال تفقد الفرملة وتغيير الزيوت وتفقد العجلات والصيانة الكهربائية.. وبامكانك ان تعمم هذا المثال على كل شركات النقل الجهوية والوطنية.. حيث ان جانب الصيانة وقع اهماله.. تقول ماذا يترتب عن ذلك؟ يترتب عنه ان معدل الاعطال يتكاثر ويتجاوز بكثير الارقام والمعدلات المسموح بها.. وعندما تحول هذه الاعطاب دون خروج الحافلات من المستودع لنقل المسافرين.. من المتضرر حينها؟ طبعا المواطن وهذا مربط الفرس فالافراط في ارهاق العاملين يجعل من الحافلة التي تجوب الطرقات قنبلة موقوتة على وشك ان تنفجر.
* وهل غابت مثل هذه المعطيات عن انظار سلطة الاشراف؟
قبل الحديث عن اهتمام سلطة الاشراف يجدر بنا الحديث عن الاهتمام الرئاسي بالقطاع حيث اعطى رئيس الدولة الاذن باقتناء دفعة اولى من الحافلات تقدر بألف حافلة وقد تم اقتناؤها.. ثم امر باقتناء دفعة ثانية بألف حافلة لتشبيب الاسطول لم يقع اقتناؤها بعد.. ونرجو ان يتم قريبا جدا الحط من المعدل العمري لأسطول الحافلات.. من 6 سنوات حاليا الى 4 سنوات في المستقبل.. وعلى الشركات ان تراجع مسألة تخليها عن النقل التجاري بعد ان اصبحت مختصة فقط في النقل المدرسي حتى ان بعض الشركات الجهوية تركز 80% من نشاطها على التعريفة المدرسية المنخفضة
* اذن القرار السياسي لتحديث وتدعيم النقل الجماعي للمسافرين تم اتخاذه.. ماذا تأملون في المستقبل؟
نعم القرار السياسي لتدعيم النقل الجماعي تم اتخاذه ولكن ما يحز في النفس ان جميع المجهودات المبذولة يلزمها الكثير من الوقت لنبلغ في غضون 2020 الوضع الذي كنا فيه عام ..1980 وهكذا أهدرنا وقتا طويلا كان من باب اولى واحرى ان يتم استغلاله لتحقيق مكاسب جديدة واضافية للقطاع..
ان العقوبة اليوم صارت بابا لنشد الراحة من قبل الاعوان العاملين بشركات النقل.. حتى انهم صاروا يستفزون رؤساءهم قصد معاقبتهم للخلود للراحة لبضعة ايام.. والاغرب من ذلك ان يتم تغييب المنظمة الاجتماعية في كل هذه الممارسات التي تؤكد تململا وردود فعل نحن في غنى عنها.. ولولا مجهودات الطرف النقابي الذي يضع مصلحة البلاد والمواطن فوق كل اعتبار.. لحصلت اشياء كثيرة تغيب عن ذهن الجالس على الكرسي بالقطاع.. لانه لا يستطيع الالمام بكل جوانب وتفاصيل النقل مثل العامل على الطريق.. وكمثال صارخ عن تغييبنا اتساءل هل ان اختيارنا اليوم للحافلات يتم بالطريقة المثلى؟
* وهل يتم بغير الطريقة المثلى؟
صدقني لا افهم ذلك.. لقد كنا نتزود بحافلات معدل استهلاكها من الطاقة يساوي 26 لترا في المائة كلم.. وفي زمن الاقتصاد في الطاقة وارتفاع اسعار البترول اصبحنا نتزود بحافلات معدل استهلاكها 38 لترا في المائة كلم.. ولك ان تتساءل لماذا نختار هذا الصنف في حين ان اولوية الدولة اليوم وشعارها هو الاقتصاد في الطاقة.. بعض الاقتناءات الاخرى من نوع جديد.. وهي لا تزال حديثة العهد.. حتى ان وثيقة الضمان فيها لا تزال سارية.. ومع ذلك فقد تعطلت منها 18 حافلة في ظرف 15 يوما.. وهي لا تزال تحت طائلة الضمان.. بالاضافة لعدم توفر قطع غيارها.. وعندما تذهب للمزود لا تجد قطع الغيار المطلوبة رغم انه ملتزم طبقا لكراس الشروط بتوفيرها ما ذنب المسافر هنا عندما يبقى مَرْمِيًا على الطرقات ألا يضر هذا بجودة الخدمات؟! مثال آخر المحرك بالحافلات القديمة لا يقع تجديده الا بعد مليون و200 الف كلم.. ونزلنا به اليوم مع الاقتناءات الجديدة الى 300 الف كلم او 250 الف كلم احيانا..
واذا قمت بضرب 300 الف كلم في اربعة اضعاف تجد عمر المحرك القديم للحافلات التي كنا نتزود بها.. هو العمر الافتراضي للحافلة ذاتها التي كنا نشتريها.. والسبب دائما في كل هذا هو تغييب المنظومة الاجتماعية.. سواء كانوا سواقا أو فنيين وعدم استشارتهم والاستفادة من خبرتهم وهو الشيء الذي كان موجودا في السابق.. اما عن شبكة الاستغلال فحدث ولا حرج..
* وما بها شبكة الاستغلال ايضا؟
على مستوى الشبكة تم الغاء خطة المراقب او التقليص فيها حسب كل شركة من شركات النقل الوطنية.. وافرز هذا التوجه تبخر مداخيل بملايين الدنانير لان اعدادا كبيرة من المسافرين صاروا يرفضون دفع مقابل ركوبهم ويستعملون احيانا العنف للدفاع عن هذا الحق الوهمي واصبح الاعوان يتعرضون للعنف باستمرار.. وهكذا تمتطي هذه الشريحة الحافلات مجانا نظرا لغياب المراقبين.. والنتيجة موارد يومية لشركات النقل بالمليارات تتلاشى..
* الآن اريد ان اسمع وجهة نظرك حول التذمرات العديدة والتشكيات الكثيرة بخصوص سلوك بعض العاملين بمختلف شركات النقل واعتقد ان لا دخل لسلطة الاشراف في هذه المسألة؟
نحن كطرف اجتماعي نمثل كل العاملين في قطاع النقل ونعتبرهم يقومون بدورهم على اكمل وجه.. كما نعتبرهم جنود الخفاء لانهم لا يتحصلون في الاخير الا على نقد المواطن والعائلة والمسؤول بدون محاولة معرفة وضعيتهم الشغلية.. وكيف يكون حالهم عندما لا يجدون متسعا من الوقت لعائلاتهم وابنائهم.. لاحظوا نتائج ابناء الاعوان الدراسية.. ونسبة الانحراف في اوساط عائلات العاملين بالنقل.. ولكم ان تتساءلوا من المتسبب الحقيقي في كل هذا؟! نسبة المسافرين في المتر المربع في جل بلدان العالم تحوم حول 4.5% بينما تجاوزت في تونس 10% ولكم ان تتخيلوا ما يمكن ان ينجر عن ذلك من اشكاليات.
* سي مختار.. يعيب عليكم الكثير من العاملين في القطاع انكم لا تفكرون الا في انفسكم.. وانكم لو لعبتم دوركم كما ينبغي في تبليغ شواغل المهنة.. ما كانت شركات النقل لترفض ذلك ما دام ذلك يصب في نهاية الامر في مصلحة الجميع من مهنيين وحرفاء ومؤسسات؟
هناك محاضر جلسات وقوانين اساسية وقانون عام يكفي ان نحترمها حتى يتحقق المطلوب.. الطرف الاجتماعي يطالب في عدة مناسبات باحترام ما وقع الاتفاق عليه ويقع تجاهل الطلب.. وهو ما يمس من مصداقية التفاوض.. والاخطر من هذا ان نجد اشياء تم الاتفاق عليها بين الطرفين وتصدر محرفة بعد ذلك.. وهو لعمري اكبر خطر يمس بمصداقية التفاوض والثقة المتبادلة.. حتى ان العامل يتفاجأ بما يصدر عن ممثليه من تصريحات قبل التفاوض.. وما يصدر عن عملية التفاوض اثر ذلك.. والتمادي في عدم احترام ما تم الاتفاق بشأنه يثمر في المستقبل قانونا بلا ضوابط.. وعندما تقِل الثقة والمصداقية بين كل الاطراف ينجر عن ذلك الفوضي ونحن في غنى عن الفوضى.. لذلك نريد من كل طرف ان يقوم بدوره.. لاننا لا نستطيع لعب دورنا الاّ عبر الالتزام بتعهداتنا وكل اخلال بها يُلْحِق مضرة كبيرة بالطرفين فهل يعقل ان العامل في يومنا هذا في قطاع النقل البري يعرف واجباته ولا يعرف حقوقه وحقوقه تتغير من شركة لاخرى.. علما وان القانون الاساسي هو نفسه بين جميع شركات النقل البري كما ان على باقي الاطراف الاجتماعية الا تنسى مزايا قطاع النقل العمومي
* نحن نعلم جيدا مزايا النقل العمومي ولكن ماهي المزايا التي تقصدها بقولك هذا؟
اريد التأكيد على أن الاقتصاد التونسي ومنذ بدايته انبنى على قطاع النقل العمومي.. ولولا النقل الجماعي ما نجحت مناطق صناعية كثيرة.. ففي بلدان أخرى يساهم أرباب العمل كي تأتيهم وسائل النقل وتجلب معها العملة.. بينما في تونس نجد ذلك بالمجان وفيه دفع كبير للاقتصاد الوطني.
* نأتي الان للنقل الجوي.. في الحديث الذي اجريناه مع المدير المركزي للمنتوج بالخطوط التونسية تحدّث عن تجسيم الاستراتيجية التجارية الجديدة التي بدأت تؤتي اكلها.. كيف تنظرون كطرف اجتماعي لهذه الاستراتيجية؟
في نطاق اعادة الهيكلة تم منذ سنوات التفريط في عدد كبير من الخبرات.. كما ان الخطوط التونسية تعتبر نسبة التأجير فيها متدنية مقارنة بنسب التأجير في العديد من الناقلات العربية زد على ذلك نسبة التأطير المتدنِية بدورها..
* لكن نسبة التأطير لن تتحسن الا بتسريح من هم غير حاملين للشهائد العليا وهذا اما لا توافق عليه النقابات
ضحك.. لذلك اقول يجب مراجعة كل الجوانب مراجعة جذرية كي تتماشى مع ما تم تسطيره.. ولتدارك اخطاء استراتيجية تمّ ارتكابها
* على غرار ماذا؟
اكبر غلطة في نظري تتمثل في غلق مدرسة الطيران المدني ببرج العامري وقد كانت فرصتنا كبيرة لتلبية الطلب العالمي المتزايد لمدة السنوات العشر القادمة على الخبرات.. وتصدير خبرات تجلب العملة الصعبة للبلاد وتزيد من اشعاع تونس.. لان الطيار التونسي معروف بكفاءته.. والنقل فرصة اضافية مواتية لتصدير الكفاءات لم نعطها ما تستحق من حجم وعناية وأهمية
* وبالنسبة للنقل البحري؟
نفس الشيء الذي قلناه بخصوص واقع الملاحة الجوية ينطبق على الملاحة البحرية.. فهي لا تستأثر بأكثر من 8% من الانشطة البحرية التجارية بالخصوص والبقية تركناها للاجانب.. وأتساءل هنا ماذا لو تم التفريط في الشركة التونسية للملاحة لمجهز أجنبي مثلما كان مبرمجا.. ماذا كنا سنفعل حينها أمام نقص بواخر السلع.. وارتفاع اسعار المواد الأساسية.. هل كان المجهز الأجنبي سيقبل القيام بالدور الذي تقوم به الشركة التونسية للملاحة اليوم بدافع وطني.. وبالذات في مسألة توريد الحبوب.. لهذا اقول لماذا لا يقع ادماج الحوافز والتشجيعات لتمكين المجهزين من حمل الراية الوطنية التونسية؟ من خلال عدة اغراءات وحوافز على غرار بعض البلدان التي تُشْبِهنا او اقل منا ومنها مالطا ذات الرقعة الجغرافية الصغيرة.. حيث شجعت على اقتحام هذا المجال.. واليوم تجني ثمار ذلك ولها أسطول يفوق ما لدينا بمائة مرة
* وختاما؟
لذلك نطالب اليوم بضرورة العناية بالجانب الاجتماعي وبنفس القدر من العناية بالبنية التحتية وبدون ذلك لن ينجح تطوير النقل ولن يجد هذا المسعى الحظوة المنشودة.. كما نطالب بتشريك الطرف الاجتماعي بالمستوى المطلوب.. فهو طرف ديدنه الغيرة على الراية الوطنية.. ويحز فيه كثيرا تغييب طاقات تستطيع اعطاء الاضافة.. ويتم اليوم تجاهلها ولا تستطيع لعب دورها القادر على تقديم هذه الاضافة لقطاع النقل.. القطاع الذي يعتبر بمثابة المرآة العاكسة لواقع كل بلاد ومدى تطورها.. في نظر الاجانب ومنذ الوهلة الاولى.. لذلك نريد لقطاعنا ان يعطي الاضافة في هذا الجانب.. ان رئيس الجمهورية ينادي في عديد المناسبات بتشريك كل الأطراف بصفة فعلية.. ونحن لا نطالب بأكثر من ذلك.. لاننا جزء من المجتمع.. وجزء حيوي وبناء ايضا يرمي الى اعلاء راية البلاد كي تبقى دائما عالية خفاقة فلماذا تظل القوانين والاتفاقات غير مطبقة في وزارة النقل وهل يأتي يوم يتجدد فيه ما شهدناه من تناغم مماثل لنهاية التسعينات ومطلع الالفية الجديدة؟

للتعليق على هذا الموضوع:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.