تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علينا انتظار سنة 2020 لبلوغ مستوى النقل الجماعي الذي كان عليه سنة 1980
مصافحة: مع الكاتب العام لجامعة النقل بالاتحاد العام التونسي للشغل
نشر في الصباح يوم 31 - 03 - 2008

في عهد الاقتصاد في الطاقة غيّرنا الاسطول باقتناء حافلات تلتهم 38 لترا عوضا عن 26 لترا في المائة كلم
تونس الاسبوعي: برزت مؤخرا حاجة ملحة لمزيد العناية بقطاع النقل بمختلف مكوناته.. وَوُضِعت جملة من الآليات والاجراءات والحوافز الضرورية الكفيلة بوضعه على السكة الصحيحة.. لمزيد تعصيره واستحثاث نسق تطوره حتى يتماشى اكثر مع المعايير الدولية المعمول بها في هذا القطاع الحيوي..
وتتجلّى هذه الرغبة من خلال عدة مبادرات اهمها تنظيم الندوة الوطنية حول النقل والتصدير في شهر جويلية الفارط.. بالاضافة للاستشارة الوطنية حول النقل متعدد الوسائط ولكي تنجح هذه الرغبة في التحديث والتطوير لابد ان تأخذ بعين الاعتبار جميع عناصر منظومة النقل.. وعلى رأسها اولا وقبل كل شيء اعداد وتأهيل العنصر البشري.. ورغبة منا في اتاحة الفرصة للمهنيين للحديث حول هذا الجانب.. نستضيف اليوم السيد مختار الحيلي الكاتب العام لجامعة النقل بالاتحاد العام التونسي للشغل وهو اطار نقابي غني عن التعريف.. ويُعتبر من اهل الذكر في القطاع ومُلم بأدق تفاصيله بطريقة علمية ودقيقة تعتمد الارقام والاحصائيات.
أتساءل ماذا كان سيحدث لو فرّطنا في الشركة التونسية للملاحة؟
اعطاب الحافلات الجديدة دون حساب وتجديد المحركات اصبح كل 300 ألف كلم عوضا عن 1.3 مليون كلم في الحافلات القديمة
هل يأتي يوم يعود فيه التناغم بين سلطة الاشراف والنقابات كالذي شهدناه نهاية التسعينات؟
* سي مختار.. ماذا يمكننا ان نعرف منكم عن موضوع النقل وذلك من وجهة نظركم بطبيعة الحال؟
اذا سمحت لي سأنطلق بالنقل الجماعي للمسافرين الذي تراجع كثيرا اثناء العشرية الاخيرة وذلك بأنماطه الثلاث.. وخاصة منها النقل البري الذي تضرر خلال العشرية المذكورة.. وهو ما يتجلّى في عدة مظاهر.. منها تقلص عدد الحافلات وتراجع نوعية الخدمات مقابل الزيادة الكبيرة في عدد المسافرين.. وقد جلب المعطى الاخير انماطا اخرى جديدة من النقل اما لم تقم بالدور المنوط بعهدتها او اضرت بالمجموعة الوطنية.. وعلى سبيل المثال فقد كان النقل الجماعي سابقا يمثل 60% من حركة النقل.. وصار اليوم في حدود 40% اي ان 20% ذهبت لأنماط النقل الاخرى.
* وكيف ساهمت الأنماط الاخرى بهذه الطريقة السلبية في منظومة النقل؟
في العشرية الاخيرة شجعنا الاقبال على اقتناء السيارة الخاصة واستعمالها.. واضحت شريحة هامة من مستعملي النقل الجماعي تستعمل سياراتها الخاصة.. ونحن لم نتهيأ بعد لاستيعاب هذا العدد الهائل من السيارات الذي اوجد اختناقا مروريا في كل الاوقات وخصوصا اوقات الذروة.. والوقت الذي كنا نستغرقه في الذهاب لعملنا تضاعف اربع مرات.. وبالاضافة للتأثيرات السلبية لهذه الوضعية على البيئة.. وفضلا على كونها تشكل هدرا للطاقات.. فقد ساهمت بشكل رئيسي في ارتفاع كلفة النقل.. هذا بالاضافة لأنماط النقل الاخرى المعروفة بالتاكسي واللواج.. وأتساءل هنا: هل تحترم هذه الانماط كراس الشروط الخاصة بها وكذلك شروط السلامة.. رغم ان عمرها محدد بقانون.. ونحن نشهد انه وفي كل مناسبة تنضاف لاجال تجديدها.. مهلة جديدة وهو ما يؤثر على نوعية العربات المستغلة في هذه الانماط وكذلك على درجة السلامة بها ومعدلات استهلاكها من الطاقة واتساءل اخيرا هل ان سيارات النقل الجماعي التي أحْدِثت للنقل الريفي خصيصا تلعب الان دورها ام انتقلت للعب دور النقل الحضري.. وهذا ما يفسر ربما كثرة حوادث الطرقات القاتلة والتي.. تحتل فيها تونس مرتبة متقدمة ومخيفة
* ولكن الجميع يعلم ان العشرية الاخيرة تزامنت مع ما يعرف باعادة هيكلة شركات النقل.. فهل معنى ذلك ان هذا التوجه اعطى مفعولا عكسيا؟
لقد اتجهت النية نحو تخلي الدولة تدريجيا عن دورها في النقل.. مقابل حلول انماط اخرى وذلك في اطار اعادة هيكلة شركات النقل منذ عشر سنوات تقريبا.. على اساس الابقاء على عدد معين من العمال بكل شركة مقابل تسريح عدد آخر منهم.. والمشكلة ان اعداد العمال الذين وقع تسريحهم تجاوزت الخمسة الاف عامل.. رغم اننا اقترحنا على الجهات المعنية النسج على منوال المقاييس المعتمدة في كل دول العالم.. وهي ان يكون عدد العمال موازيا لاسطول الحافلات بمعدل 4.5 عامل عن الحافلة الواحدة.. وهذا المعدل يأخذ في اعتباره السواق والقبّاض وفنيي الصيانة والمراقبين والاداريين الخ.. ولكن المعدلات الوطنية التي تم اعتمادها في مختلف شركات النقل تنذر بالخطر.. من ذلك ان معدل العمال بالشركة الجهوية للنقل بمدنين هو 1.6 للحافلة الواحدة.. وهو مقياس اقل بكثير من كل المقاييس المعتمدة في جميع انحاء العالم.. والغريب ان شركات وطنية عدة نسجت على منوال الجهوية بمدنين بمقاييس اعلى بقليل او حتى اقل منها..
* بعيدا عن المعطيات والاحصائيات ماذا يمكن ان يترتب عن ذلك؟
ترتب عن ذلك حذف خطة سائق وتعويضها بخطة سائق قابض.. وهو امر مخالف للقانون الاساسي ولشروط السلامة.. حتى ان السائق يبقى 6 او 7 اشهر بدون الحصول على راحة اسبوعية وفي هذا ارهاق كبير له.. وهناك منهم من لم يتمتع منذ 4 سنوات براحته السنوية.. اما على مستوى الورشات فالامر بالغ الخطورة حيث الصيانة تكاد تكون مفقودة.. فالشركة الجهوية بسيدي بوزيد على سبيل المثال تستغل 45 حافلة بمعدل عمر يتجاوز 7 سنوات.. ومقابل هذا الاسطول نجد فنيا واحدا في الورشة.. يقوم باشغال تفقد الفرملة وتغيير الزيوت وتفقد العجلات والصيانة الكهربائية.. وبامكانك ان تعمم هذا المثال على كل شركات النقل الجهوية والوطنية.. حيث ان جانب الصيانة وقع اهماله.. تقول ماذا يترتب عن ذلك؟ يترتب عنه ان معدل الاعطال يتكاثر ويتجاوز بكثير الارقام والمعدلات المسموح بها.. وعندما تحول هذه الاعطاب دون خروج الحافلات من المستودع لنقل المسافرين.. من المتضرر حينها؟ طبعا المواطن وهذا مربط الفرس فالافراط في ارهاق العاملين يجعل من الحافلة التي تجوب الطرقات قنبلة موقوتة على وشك ان تنفجر.
* وهل غابت مثل هذه المعطيات عن انظار سلطة الاشراف؟
قبل الحديث عن اهتمام سلطة الاشراف يجدر بنا الحديث عن الاهتمام الرئاسي بالقطاع حيث اعطى رئيس الدولة الاذن باقتناء دفعة اولى من الحافلات تقدر بألف حافلة وقد تم اقتناؤها.. ثم امر باقتناء دفعة ثانية بألف حافلة لتشبيب الاسطول لم يقع اقتناؤها بعد.. ونرجو ان يتم قريبا جدا الحط من المعدل العمري لأسطول الحافلات.. من 6 سنوات حاليا الى 4 سنوات في المستقبل.. وعلى الشركات ان تراجع مسألة تخليها عن النقل التجاري بعد ان اصبحت مختصة فقط في النقل المدرسي حتى ان بعض الشركات الجهوية تركز 80% من نشاطها على التعريفة المدرسية المنخفضة
* اذن القرار السياسي لتحديث وتدعيم النقل الجماعي للمسافرين تم اتخاذه.. ماذا تأملون في المستقبل؟
نعم القرار السياسي لتدعيم النقل الجماعي تم اتخاذه ولكن ما يحز في النفس ان جميع المجهودات المبذولة يلزمها الكثير من الوقت لنبلغ في غضون 2020 الوضع الذي كنا فيه عام ..1980 وهكذا أهدرنا وقتا طويلا كان من باب اولى واحرى ان يتم استغلاله لتحقيق مكاسب جديدة واضافية للقطاع..
ان العقوبة اليوم صارت بابا لنشد الراحة من قبل الاعوان العاملين بشركات النقل.. حتى انهم صاروا يستفزون رؤساءهم قصد معاقبتهم للخلود للراحة لبضعة ايام.. والاغرب من ذلك ان يتم تغييب المنظمة الاجتماعية في كل هذه الممارسات التي تؤكد تململا وردود فعل نحن في غنى عنها.. ولولا مجهودات الطرف النقابي الذي يضع مصلحة البلاد والمواطن فوق كل اعتبار.. لحصلت اشياء كثيرة تغيب عن ذهن الجالس على الكرسي بالقطاع.. لانه لا يستطيع الالمام بكل جوانب وتفاصيل النقل مثل العامل على الطريق.. وكمثال صارخ عن تغييبنا اتساءل هل ان اختيارنا اليوم للحافلات يتم بالطريقة المثلى؟
* وهل يتم بغير الطريقة المثلى؟
صدقني لا افهم ذلك.. لقد كنا نتزود بحافلات معدل استهلاكها من الطاقة يساوي 26 لترا في المائة كلم.. وفي زمن الاقتصاد في الطاقة وارتفاع اسعار البترول اصبحنا نتزود بحافلات معدل استهلاكها 38 لترا في المائة كلم.. ولك ان تتساءل لماذا نختار هذا الصنف في حين ان اولوية الدولة اليوم وشعارها هو الاقتصاد في الطاقة.. بعض الاقتناءات الاخرى من نوع جديد.. وهي لا تزال حديثة العهد.. حتى ان وثيقة الضمان فيها لا تزال سارية.. ومع ذلك فقد تعطلت منها 18 حافلة في ظرف 15 يوما.. وهي لا تزال تحت طائلة الضمان.. بالاضافة لعدم توفر قطع غيارها.. وعندما تذهب للمزود لا تجد قطع الغيار المطلوبة رغم انه ملتزم طبقا لكراس الشروط بتوفيرها ما ذنب المسافر هنا عندما يبقى مَرْمِيًا على الطرقات ألا يضر هذا بجودة الخدمات؟! مثال آخر المحرك بالحافلات القديمة لا يقع تجديده الا بعد مليون و200 الف كلم.. ونزلنا به اليوم مع الاقتناءات الجديدة الى 300 الف كلم او 250 الف كلم احيانا..
واذا قمت بضرب 300 الف كلم في اربعة اضعاف تجد عمر المحرك القديم للحافلات التي كنا نتزود بها.. هو العمر الافتراضي للحافلة ذاتها التي كنا نشتريها.. والسبب دائما في كل هذا هو تغييب المنظومة الاجتماعية.. سواء كانوا سواقا أو فنيين وعدم استشارتهم والاستفادة من خبرتهم وهو الشيء الذي كان موجودا في السابق.. اما عن شبكة الاستغلال فحدث ولا حرج..
* وما بها شبكة الاستغلال ايضا؟
على مستوى الشبكة تم الغاء خطة المراقب او التقليص فيها حسب كل شركة من شركات النقل الوطنية.. وافرز هذا التوجه تبخر مداخيل بملايين الدنانير لان اعدادا كبيرة من المسافرين صاروا يرفضون دفع مقابل ركوبهم ويستعملون احيانا العنف للدفاع عن هذا الحق الوهمي واصبح الاعوان يتعرضون للعنف باستمرار.. وهكذا تمتطي هذه الشريحة الحافلات مجانا نظرا لغياب المراقبين.. والنتيجة موارد يومية لشركات النقل بالمليارات تتلاشى..
* الآن اريد ان اسمع وجهة نظرك حول التذمرات العديدة والتشكيات الكثيرة بخصوص سلوك بعض العاملين بمختلف شركات النقل واعتقد ان لا دخل لسلطة الاشراف في هذه المسألة؟
نحن كطرف اجتماعي نمثل كل العاملين في قطاع النقل ونعتبرهم يقومون بدورهم على اكمل وجه.. كما نعتبرهم جنود الخفاء لانهم لا يتحصلون في الاخير الا على نقد المواطن والعائلة والمسؤول بدون محاولة معرفة وضعيتهم الشغلية.. وكيف يكون حالهم عندما لا يجدون متسعا من الوقت لعائلاتهم وابنائهم.. لاحظوا نتائج ابناء الاعوان الدراسية.. ونسبة الانحراف في اوساط عائلات العاملين بالنقل.. ولكم ان تتساءلوا من المتسبب الحقيقي في كل هذا؟! نسبة المسافرين في المتر المربع في جل بلدان العالم تحوم حول 4.5% بينما تجاوزت في تونس 10% ولكم ان تتخيلوا ما يمكن ان ينجر عن ذلك من اشكاليات.
* سي مختار.. يعيب عليكم الكثير من العاملين في القطاع انكم لا تفكرون الا في انفسكم.. وانكم لو لعبتم دوركم كما ينبغي في تبليغ شواغل المهنة.. ما كانت شركات النقل لترفض ذلك ما دام ذلك يصب في نهاية الامر في مصلحة الجميع من مهنيين وحرفاء ومؤسسات؟
هناك محاضر جلسات وقوانين اساسية وقانون عام يكفي ان نحترمها حتى يتحقق المطلوب.. الطرف الاجتماعي يطالب في عدة مناسبات باحترام ما وقع الاتفاق عليه ويقع تجاهل الطلب.. وهو ما يمس من مصداقية التفاوض.. والاخطر من هذا ان نجد اشياء تم الاتفاق عليها بين الطرفين وتصدر محرفة بعد ذلك.. وهو لعمري اكبر خطر يمس بمصداقية التفاوض والثقة المتبادلة.. حتى ان العامل يتفاجأ بما يصدر عن ممثليه من تصريحات قبل التفاوض.. وما يصدر عن عملية التفاوض اثر ذلك.. والتمادي في عدم احترام ما تم الاتفاق بشأنه يثمر في المستقبل قانونا بلا ضوابط.. وعندما تقِل الثقة والمصداقية بين كل الاطراف ينجر عن ذلك الفوضي ونحن في غنى عن الفوضى.. لذلك نريد من كل طرف ان يقوم بدوره.. لاننا لا نستطيع لعب دورنا الاّ عبر الالتزام بتعهداتنا وكل اخلال بها يُلْحِق مضرة كبيرة بالطرفين فهل يعقل ان العامل في يومنا هذا في قطاع النقل البري يعرف واجباته ولا يعرف حقوقه وحقوقه تتغير من شركة لاخرى.. علما وان القانون الاساسي هو نفسه بين جميع شركات النقل البري كما ان على باقي الاطراف الاجتماعية الا تنسى مزايا قطاع النقل العمومي
* نحن نعلم جيدا مزايا النقل العمومي ولكن ماهي المزايا التي تقصدها بقولك هذا؟
اريد التأكيد على أن الاقتصاد التونسي ومنذ بدايته انبنى على قطاع النقل العمومي.. ولولا النقل الجماعي ما نجحت مناطق صناعية كثيرة.. ففي بلدان أخرى يساهم أرباب العمل كي تأتيهم وسائل النقل وتجلب معها العملة.. بينما في تونس نجد ذلك بالمجان وفيه دفع كبير للاقتصاد الوطني.
* نأتي الان للنقل الجوي.. في الحديث الذي اجريناه مع المدير المركزي للمنتوج بالخطوط التونسية تحدّث عن تجسيم الاستراتيجية التجارية الجديدة التي بدأت تؤتي اكلها.. كيف تنظرون كطرف اجتماعي لهذه الاستراتيجية؟
في نطاق اعادة الهيكلة تم منذ سنوات التفريط في عدد كبير من الخبرات.. كما ان الخطوط التونسية تعتبر نسبة التأجير فيها متدنية مقارنة بنسب التأجير في العديد من الناقلات العربية زد على ذلك نسبة التأطير المتدنِية بدورها..
* لكن نسبة التأطير لن تتحسن الا بتسريح من هم غير حاملين للشهائد العليا وهذا اما لا توافق عليه النقابات
ضحك.. لذلك اقول يجب مراجعة كل الجوانب مراجعة جذرية كي تتماشى مع ما تم تسطيره.. ولتدارك اخطاء استراتيجية تمّ ارتكابها
* على غرار ماذا؟
اكبر غلطة في نظري تتمثل في غلق مدرسة الطيران المدني ببرج العامري وقد كانت فرصتنا كبيرة لتلبية الطلب العالمي المتزايد لمدة السنوات العشر القادمة على الخبرات.. وتصدير خبرات تجلب العملة الصعبة للبلاد وتزيد من اشعاع تونس.. لان الطيار التونسي معروف بكفاءته.. والنقل فرصة اضافية مواتية لتصدير الكفاءات لم نعطها ما تستحق من حجم وعناية وأهمية
* وبالنسبة للنقل البحري؟
نفس الشيء الذي قلناه بخصوص واقع الملاحة الجوية ينطبق على الملاحة البحرية.. فهي لا تستأثر بأكثر من 8% من الانشطة البحرية التجارية بالخصوص والبقية تركناها للاجانب.. وأتساءل هنا ماذا لو تم التفريط في الشركة التونسية للملاحة لمجهز أجنبي مثلما كان مبرمجا.. ماذا كنا سنفعل حينها أمام نقص بواخر السلع.. وارتفاع اسعار المواد الأساسية.. هل كان المجهز الأجنبي سيقبل القيام بالدور الذي تقوم به الشركة التونسية للملاحة اليوم بدافع وطني.. وبالذات في مسألة توريد الحبوب.. لهذا اقول لماذا لا يقع ادماج الحوافز والتشجيعات لتمكين المجهزين من حمل الراية الوطنية التونسية؟ من خلال عدة اغراءات وحوافز على غرار بعض البلدان التي تُشْبِهنا او اقل منا ومنها مالطا ذات الرقعة الجغرافية الصغيرة.. حيث شجعت على اقتحام هذا المجال.. واليوم تجني ثمار ذلك ولها أسطول يفوق ما لدينا بمائة مرة
* وختاما؟
لذلك نطالب اليوم بضرورة العناية بالجانب الاجتماعي وبنفس القدر من العناية بالبنية التحتية وبدون ذلك لن ينجح تطوير النقل ولن يجد هذا المسعى الحظوة المنشودة.. كما نطالب بتشريك الطرف الاجتماعي بالمستوى المطلوب.. فهو طرف ديدنه الغيرة على الراية الوطنية.. ويحز فيه كثيرا تغييب طاقات تستطيع اعطاء الاضافة.. ويتم اليوم تجاهلها ولا تستطيع لعب دورها القادر على تقديم هذه الاضافة لقطاع النقل.. القطاع الذي يعتبر بمثابة المرآة العاكسة لواقع كل بلاد ومدى تطورها.. في نظر الاجانب ومنذ الوهلة الاولى.. لذلك نريد لقطاعنا ان يعطي الاضافة في هذا الجانب.. ان رئيس الجمهورية ينادي في عديد المناسبات بتشريك كل الأطراف بصفة فعلية.. ونحن لا نطالب بأكثر من ذلك.. لاننا جزء من المجتمع.. وجزء حيوي وبناء ايضا يرمي الى اعلاء راية البلاد كي تبقى دائما عالية خفاقة فلماذا تظل القوانين والاتفاقات غير مطبقة في وزارة النقل وهل يأتي يوم يتجدد فيه ما شهدناه من تناغم مماثل لنهاية التسعينات ومطلع الالفية الجديدة؟

للتعليق على هذا الموضوع:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.