نظم نادي الإبداع والنقد عشية أول أمس الجمعة لقاء فكريا وفنيا مع مسرحيين تونسيين حضره عدد من رجال المسرح والمؤرخين والأدباء والشعراء والاعلامين والمفكرين ومن بينهم الفاضل الجزيري ورجاء بن سلامة والإعلامي المصري خالد سليمان إلى جانب الأعضاء المؤسسين للنادي وهم عز الدين المدني ونافلة ذهب والدكتور احمد الطويلي والحبيب بن فضيلة وساسي حمام.. تم خلال اللقاء وحسب ما صرح به الأستاذ عز الدين المدني إما أسبوعي أو نصف شهري ويلتئم في رحاب دار الكتب الوطنية لأنه عادة ما يرتبط بالأحداث وخاصة منها الثقافية تقديم قراءات لنصوص مختارة لعلي الدعاجي واحمد خير الدين وخليفة السطنبولي واحمد مختار الوزير وذكرت الأديبة نافلة ذهب والحبيب بن فضيلة والدكتور احمد الطويلي بمسيرة هؤلاء المشاهير واهم آثارهم الأدبية والمسرحية وقرأ الممثل الفنان احمد معاوية والأستاذة سعيدة الزغبي سليمان فصولا ومقتطفات من أهم أعمالهم. العربية وسيلة نضال ضد الاستعمار وأفاد المؤرخ المنصف شرف الدين الحضور بان التونسيين قاوموا الاستعمار الفرنسي بكل الوسائل المتاحة آنذاك وباللغة العربية الفصحى المستعصية عليهم وان البعض من الرواد كانوا يشجعون على كتابة وتمثيل النصوص المسرحية باللغة العربية الفصحى كلما سمعوا بتكوين جمعية مسرحية او ناد جديد بما في ذلك داخل الجمهورية. استأثر المسرح وتدخلات المسرحيين بالجانب الأكبر من الجلسة وان تطرق خلالها الحضور إلى مواضيع ثقافية حارقة ومن بينها التفكير الجدي في طريقة لمساندة المثقفين والإعلاميين المصريين الذين تهرسلهم السلط المصرية الساعية بكل الطرق إلى أخونة المشهد الثقافية المصري. وتم بالمناسبة إحياء ذكرى الراحل سمير العيادي وتدخل الأستاذ المنصف شرف الدين للحديث عن الظروف التاريخية والاجتماعية وما تميزت به الحركة الثقافية عند ظهور الأديب والقصاص والشاعر والممثل والسيناريست سمير العيادي. وأكد شرف الدين على ما ترجمه العيادي من مسرحيات من اللغة الفرنسية إلى العربية وصل عددها إلى 26 مسرحية من بينها مسرحية انتيغون التي حازت على جائزة أحسن نص مسرحي في مهرجان عمان وتحصل بها احمد معاوية على جائزة احسم ممثل. " رأس الغول": المنعرج الحاسم تم كذلك التطرق إلى الظروف التي كتبت فيها مسرحية "رأس الغول" التي اعتبرت منعرجا حاسما في الحركة المسرحية التونسية ودعوة صريحة للتفكير والإقلاع عن عادة التقبل دون نقاش وطبع الجمهور بأفكار أخرى. فترة تحدث عنها المخرج والممثل الفاضل الجزيري فقال:" في تلك المرحلة قدم لنا عز الدين المدني شخصيات مختلفة الرؤى والمشارب وتحركت الساحة المسرحية فكانت النتيجة مسرح قفصة والكاف.." و"رأس الغول" أعدها للمسرح سمير العيادي ومحمد الارنؤوط ومحمد رجا فرحات عن قصة عز الدين المدني الذي كتب بيان الأدب التجريبي وفتح به حرية الإبداع البديل في تونس والعالم العربي في دار الثقافة ابن خلدون سنة 1968. وعز الدين المدني هو كاتب أكثر من ثلاثين مسرحية اغلبها من تأليفه وبعضها إعادة كتاب واقتباس وترجمة بالعربية الفصحى والدارجة التونسية وقد ترجمت مسرحياته ديوان الزنج ورحلة الحلاج وحمودة باشا والثورة الفرنسية" إلى الفرنسية والانقليزية والاسبانية والألمانية. عندما يصبح الفنان عدوا لدودا في نهاية الجلسة التي عبر فيها بعض الحاضرين عن عميق انشغالهم بوضع المثقفين في مصر حتى ان البعض منهم يدعون حاليا وسائل الاتصال الالكتروني إلى جعل يوم 30 جوان يوما عالميا ضد الفاشية الدينية بكل أنواعها وصفعة للإدارة الأمريكية التي تلعب بالإسلاميين لمصالحها. تحدث عز الدين المدني عن سحب سوداء بدأت تلف سماء الساحة الثقافية المصرية حيث يعاني الفنانون والمثقفون عامة من التضييقات ومن الإقالات ومحاولات منع التشكيليين ومحترفي وهواة فن الباليه من ممارسة فنهم قائلا:"ان الذين التفوا على الثورات العربية يعتبرون ان عدوهم اللدود هو الفنان وانه على الفنانين والمثقفين ان يتصرفوا على أساس ان الحرية لا يحدها حد". استهداف المؤسستين الإبداعية والعسكرية مما جعل الكثير من الحضور يبدون تخوفا رفضته الأستاذة رجاء بن سلامة مؤكدة على ان هذه الجلسات التي ينظمها المثقفون في كل مكان في العاصمة وداخل الجمهورية هي نوع من المقاومة وصدّ لمحاولة "اخونة" الثقافة وقالت:"ان المجتمع المدني في تونس حاضر بقوة في المشهد الثقافي وهو الذي فرض التراجع" وهو ما رفضه الإعلامي المصري خالد سليمان مؤكدا على ان الإخوان لم يتراجعوا في تونس عن تغيير النمط المجتمعي والثقافي وإنما هو تراجع تكتيكي وهم ساعون إلى تقييد المثقف بقوة القانون قائلا:"وهذا ما ستتفاجؤون به لان المؤسسة الإبداعية والعسكرية لديكم مستهدفة" وهو ما جعل الحضور يصر على ان تصدر عن نادي الإبداع والنقد عريضة لمساندة المثقفين المصريين والفاضل الجزيري يقول:"لا بد أن يتحد المجتمع المدني على المطالبة بالتصدي لمحاولات الإساءة إلى المثقفين."