بادرت بعض البلديات في ضواحي تونس الكبرى أمس بالقيام بحملة نظافة في محيطها تواصلت كامل اليوم وشارك فيها عديد المواطنين من أطفال وشباب وشيوخ ونساء، كما ساهم بعض رجال الأعمال ممن يملكون جرارات وشاحنات وجرافات في هذا العمل التطوعي الذي أضفى على تلك الجهات حركية هامة هب لها الجميع للإهتمام بمحيطهم الذي عاني الكثير من تراكم الفضلات والنفايات الى حد الاختناق. هذه المبادرة للاهتمام بالمحيط نظمتها البلديات بالتعاون مع منظمات ومكونات المجتمع المدني، وهو أمر لم يتطلب سوى القيام بحملة تحسيسية واسعة لدى السكان الذين هبوا في استجابة جماعية للنداء دون تردد أو تخاذل، وهو ما يعكس حس المواطن التونسي وتعلقه بنظافة محيطه ودعمه للمبادرة البلدية كلما دعت لذلك. وإذا كانت بعض البلديات تتعلل اليوم وخلال الأشهر الماضية تعيشه من صعوبات ونقص في الامكانيات مما عطل نشاطها وراكم النفايات داخل الأحياء والساحات العامة التابعة لها فإن موقفها هذا يبقى من نوع التخاذل، حيث أنها لم تتحرك ولم تدعو سكانها لعمل جماعي يمكنه أن يقرّب بينهم ويحسسهم بضرورة العمل التطوعي الذي فيه فائدة للجميع، ويزيل عنهم كابوس الخوف جرّاء ما تجمّع حولهم من فضلات مثّل بؤرا سوداء يمكنها أن تكون سببا في تفشي بعض الأمراض وفي تكاثر الناموس الذي عشش فيها بشكل غريب. هذا الحراك الإجتماعي داخل بعض البلديات لابد أن يمثل منطلقا لتتوسع دائرته وتشمل مظاهره كافة جهات ومدن البلاد ليكون صيف هذا العام نقيا وتكون الأحياء نظيفة أينما كانت على أرض تونس، لكن ذلك يتطلب عزيمة وتحسيسا من البلديات ودوائرها ويسعى فيه إطاراتها إلى العمل دون تردد أو تأخير خاصة ونحن على أبواب الصيف وما تراكم من فضلات منزلية ونفايات في كافة جهات البلاد بدعو إلى عمل جماعي يشارك فيه كل السكان وتنخرط فيه كما تدعو إليه كافة الحساسيات السياسية وقوى المجتمع المدني. إن رفع التحدي بخصوص نظافة المحيط يمثل في الحقيقة شأنا عاما لا بد أن ينخرط فيه الجميع، وهو ليس صعب المنال إذا ما تضافرت الجهود وتكاتفت من أجل المصلحة العامة التي يمكن تحقيها بأيسر السبل كلما توفرت العزيمة.