في ظل ما يجري من صراع معلن وخفي بين الأطياف السياسية ومكونات المجتمع المدني بخصوص السيطرة على البلديات والنيابات الخصوصية ضاعت مصالح المواطنين وبرزت مظاهر خطيرة أبرزها تكدس الفضلات المنزلية والنفايات في كل مكان، وفاق أمرها حدود الخيال في كافة جهات البلاد. هذا الواقع الصعب والخطير ما كان ليحصل لو أن إدارة الجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية قد وقع تحييدها عن الصراع السياسي الدائر في كافة جهات البلاد ولو أن السباق المحموم الحاصل حول البلديات قد وظف من أجل المحافظة على مظاهر النظافة، ولو أن سير البلديات قد ثبت من خلال مراقبة إدارية صارمة وعمل يومي دؤوب بعيدا عن كل ما من شأنه أن يخل به أو يطوعه لمصالحه الحزبية الضيقة في مسعى للسيطرة على هذه الفضاءات الاجتماعية لتوظيفها خلال الانتخابات. وباعتبار هذا المسار الذي حصل منذ ثورة 14 جانفي2011، فإن البلاد بكل مدنها الكبرى والصغرى، وقراها وبعض مناطقها التي خصصت للمصبات قد غرقت في أتون الأوساخ ولم تعد قادرة على الخلاص من تراكماتها التي فاقت كل التقديرات خاصة في ظل التقاعس عن العمل الذي يمارسه العمال البلديون وفي غياب مراقبة لصيقة لهم، وتراجع الإمكانيات البلدية للسيطرة على أكداس الفضلات المنزلية والتسيب الحاصل اجتماعيا في التخلص من الفضلات. وعلى الرغم من هذا الواقع الخطير الذي بات يخنق كل الأحياء السكنية مازال الاهتمام بنظافة المحيط منسيا ولم يدرج في أجندات السلطة السياسية، ولم تعره لا الأحزاب السياسية ولا مكونات المجتمع المدني اهتماما يذكر حيث غرقت جهات بأكملها في الفضلات حد العنق، وبدأت مظاهر الأمراض الخطيرة تتفشى في عديد الجهات وغابت كل مظاهر المراقبة التي كانت تقوم بها البلديات ودوائرها، وتواصل حبل تكدس الفضلات على الغارب لتتنصل كل المؤسسات ذات الصلة من الاهتمام بموضوع النظافة من مهامها. ولا ندري اليوم كيف سيحل هذا الإشكال الخطير الذي غرقت فيه كافة المدن، ولا نعلم متى ستنطلق وزارات التجهيز والبيئة والفلاحة والداخلية والبلديات ودوائرها وديوان التطهير في القيام بحملة النظافة السنوية المعهودة خاصة بعد أن داهمنا فصل الربيع الذي يليه صيف حار يتطلب حملة نظافة واسعة لتفادي جيوش الناموس التي تطاعلعنا سنويا مع حلوله؟ إن هذا الواقع الخطير الذي تردت فيه البلاد يتطلب مجهودا جماعيا تشارك فيه كل الأطراف الاجتماعية والسياسية وفي مقدمتهم الدولة، كما لا بد أن يمثل نشاطا اجتماعيا تطوعيا لكل سكان المدن والأحياء. فهل يرفع شعار وطني للنظافة تتكرس فيه كافة الجهود من أجل رفع تحد من هذا القبيل والقيام بيوم نظافة يشارك فيه جميع المواطنين داخل أحيائهم؟ ذلك هو السؤال الذي نطرحه على الجميع ونترقب إجابة سريعة وعملية بخصوصه.