تفيد مصالح وزارة البيئة وتقارير إدارة الجماعات المحلية بوزارة الداخلية أن الوضع البيئي يشهد تدهورا خطيرا نتيجة تراجع عمليات النظافة في كافة جهات البلاد، وهو أمر ينذر بمخاطر عديدة لعل أبرزها إمكانية تفشي بعض الأمراض الوبائية وتفشيها في بعض المناطق التي أصبحت بفعل تكدس النفايات مناطق سوداء. وأبرزت هذه التقارير أن نسبة تلوث المحيط قد ارتفعت في تونس واتسعت دائرتها بشكل ملفت للإنتباه خلال السنتين الأخيرتين لتشمل عديد المناطق السكانية من أحياء ومدن بكاملها، كما أنها امتدت ليبلغ تأثيرها عددا من المناطق السياحية التي كانت مثالا ووجها من الوجوه الجميلة والنظيفة التي يتباهى بها جميع التونسيين أمام وفود السياح القادمين من كافة أنحاء العالم. وأشارت هذه التقارير أن جملة من مظاهر انتهاك المحيط والتجاوزات قد تفشت في البلاد من أبرزها تراجع العمل البلدي المتصل بالنظافة ورفع الفضلات، والتسيب الحاصل في مجال التخلص من فضلات مواد البناء والنفايات الصناعية والحدائق الخاصة والعمومية، علاوة على مظاهر التجاوزات التي اتصلت بالشريط الساحلي والمناطق الفلاحية في مجال البناء العشوائي مما حال دون تواصل النماء العمراني طبقا لمنوال المخططات العمرانية والتحكم فيه. هذا الواقع الخطير جاء نتيجة تراجع العمل البلدي بالأساس وبسبب جملة من الأسباب لعل أهمها غياب التنسيق بين وزارة التجهيز ووزارة البيئة وجملة المؤسسات الأخرى ذات الصلة بمجال نظافة المحيط مثل الديوان الوطني للتطهير والجماعات المحلية، وهو أمر يدعو إلى ضرورة إعادة تحريك نشاطها والتنسيق بينها خاصة في مثل هذه الفترة التي تسبق فصل الصيف وتدعو إلى حملة نظافة واسعة النطاق لإزالة كافة الشوائب الحاصلة خلال فصلي الشتاء والربيع. وما يلفت الانتباه في هذا الجانب أن مناطق بكاملها قد باتت ملوثة جراء تكدس الفضلات، وتحويلها إلى مصبات، مما دعا سكانها إلى التحرك للفت نظر السلط بخصوص الواقع الذي تردت فيه، وما انجر عن ذلك من ظهور أمراض خطيرة لدى سكانها. إن معالجة هذا الواقع الخطير يستدعي تحركا سريعا ويقظة تامة من قبل وزارة الصحة العمومية وأيضا تنسيقا شاملا بين كافة الوزارات ومكونات المجتمع المدني والسياسي للإحاطة بالمحيط والحد من التجاوزات، كما أنه يستدعي الإسراع بضبط ملف البلديات وقوانين نشاطها، وخاصة تحييدها عن البعد السياسي وجعل مهامها اجتماعية وأكثر قربا من المواطن. إن نظافة المحيط تستدعي جهدا وطنيا جماعيا تنخرط فيه كل الأطراف وفي مقدمتها المواطن عبر حملة تطوعية شاملة تمسح كافة جهات البلاد بمدنها وقراها وفضاءاتها الخضراء التي يجري انتهاكها بشكل فضيع على مرآى من الجميع.