أورد سفير ايران بتونس بيماني جبلي في حديث ل»الصباح» أن «نجاح الدكتور حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية منذ الدورة الاولى بالرغم من تمثيله للتيارالاصلاحي يعكس انتصارا للديمقراطية في ايران ولنضج الشعب الايراني وقدرته على الاختيار السياسي بين مجموعة كبيرة من المترشحين يوحدهم الاخلاص لبلدهم ولمبادئ الثورة الاسلامية ومواقف زعيمها التاريخي آية الله الخميني.. لكنهم يختلفون في نظرتهم لبعض الملفات السياسية الداخلية والخارجية.. وتتباين مواقفهم من مجموعة من أساليب العمل.. ولهم وجهات نظر متنوعة حول أسلوب التعامل مع الآخر.. ومع ملفات حساسة مثل الملف النووي والعلاقات مع بعض العواصم الغربية والدول الشقيقة والصديقة».. ونفى السفير الايراني بتونس -وهو من بين الناطقين جيدا بالعربية- ان تكون نتيجة الانتخابات فاجأته كثيرا.. واعتبر أن الذين فاجأتهم النتائج لايعرفون إيران كثيرا.. ولم يتوقعوا أن يفوز مرشح بأكثر من 50 بالمائة من الاصوات منذ الدورة الاولى رغم وجود 5 منافسين أقوياء له محسوبين على تيار «المبدئيين» أو «المحافظين». واعتبر السفير أن الذين تفاجؤوا بتصويت الايرانيين بكثافة واقبالهم على صناديق الاقتراع الى ما بعد انتهاء وقت الانتخاب يؤكد «ضعف فهمهم للشعب الايراني وتعلقه ببلده وبالمسار السياسي الوطني.. مع الدعوة الى إحداث تغييرات وإصلاحات من داخل المنظومة الوطنية والمرجعيات الاسلامية للثورة التي نحتفل بعامها ال34».. تغييرات داخلية لكن ما الذي سيتغير بالضبط في إيران ما بعد انتخاب الزعيم الاصلاحي الدكتور روحاني؟ وهل صحيح ان دور مؤسسة رئاسة الجمهورية ثانوي جدا مقارنة بدور مؤسسة «المرشد الاعلى» للثورة، أي آية الله علي خامنئي؟ السفير الايراني بتونس أقرّ في ردّه على أسئلة «الصباح» بأن «النظام الايراني له خصوصيات من بينها الدور الذي تلعبه بعض مؤسساته العليا مثل مؤسسة المرشد العام ومؤسسات البرلمان وهيئات تشخيص مصلحة النظام والدستور.. لكن مؤسسة رئاسة الجمهورية تلعب دورا مركزيا، لأن الرئيس منتخب مباشرة من الشعب، والدستور منح رئيس الجمهورية صلاحيات مهمة.. في اطار احترام الثوابت والمبادئ العامة للدولة وللثورة».. وتوقع السفير أن «ينجز الرئيس الايراني الجديد الدكتور روحاني الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي وعد بها الشعب والشباب خلال حملته الانتخابية.. لكن ضمن نسق عام تحكمه مجموعة من المصالح العليا للدولة وللنظام».. وبدا السفير الإيراني بتونس متفائلا بتفاعل الشباب والمثقفين والنساء والجمهور العريض مع الرئيس الايراني الجديد.. السياسة الخارجية؟ وما الذي سيتغير في السياسة الخارجية الإيرانية؟ هل ستتمادى طهران في دعم النظام السوري ضدّ معارضيه الذين تتهمهم بخدمة أهداف إسرائيلية واستعمارية أطلسية؟ وهل ستتنازل عن مشروعها النووي؟ السفير الإيراني بيماني جبلي استبعد حصول تغييرات جذرية في السياسة الخارجية الايرانية وفي ما يتعلق بالملف النووي.. لكن مخاطبنا استطرد وأورد: «إن التغييرات في الشكل وأساليب العمل قد تكون كذلك مهمة جدا.. لأن الرئيس الجديد سبق أن أشرف خلال حوالي 15 عاما على محادثات الملف النووي الايراني.. واجرى لقاءات مع ممثلي عدد كبير من صناع القرار عالميا في مجالي السياسة الخارجية والمشروع النووي السلمي الايراني.. ويراهن كثيرون على قدرة الرئيس روحاني على اقناع عدد من ساسة العالم بضرورة وقف العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران ظلما.. وفتح حوار معها حول مستقبل المنطقة ومستقبل العلاقات الايرانية الدولية ومستقبل كامل منطقة الخليج والمشرق العربي الإسلامي».. الصراع السني الشيعي؟ وماذا عن مؤشرات تفجير «قنابل جديدة» لجرّ المنطقة نحو مواجهات عنيفة بين السنة والشيعة؟ وهل يمكن ان تتورط إيران الجديدة في «حروب طائفية سنية-شيعية»؟ السفير الايراني عقب على سؤالنا بحزم: «ايران المسلمة ترفض جر المنطقة نحو أي شكل من اشكال الصراعات الطائفية والمذهبية.. ولا تعتبر نفسها بالمرة منخرطة في أي أجندة استعمارية تريد تضخيم الاختلافات بين اتباع المذاهب الفقهية الاسلامية لتورط شعوبها في عنف واقتتال داخليين يصرفان جل الطاقات في معارك وحروب وهمية.. على حساب نضالهم المشترك ضد الاحتلال الأجنبي وإسرائيل».. وأعلن السفير الايراني ان بلاده تدعم الحوار بين اتباع مختلف المذاهب الإسلامية.. ولديها مؤسسة عالمية للحوار بين اتباع مختلف المذاهب يرأسها العلامة آية الله محسن الأراكي رئيس المركز الاسلامي البريطاني سابقا وأحد رموز الثقافة العربية الاسلامية بين علماء إيران الجدد.. واعتبر السفير أن «أوساطا استعمارية تحاول تضخيم الاختلافات الفقهية والنزاعات التاريخية بين انصار بعض المذاهب الاسلامية في محاولة لجر المنطقة نحو مواجهات داخلية تكون بديلا عن مواجهة المحتل الاسرائيلي والاستعماريين الجدد.. لكن هذا السيناريو فشل والحمد لله في العراق وافغانستان ولبنان وكانت النتيجية انتصار التيار المعادي للاحتلال الأجنبي والتدخل الامريكي الاسرائيلي الاطلسي.. وكانت النتيجة انسحاب القوات الاجنبية من العراق وأفغانستان ولبنان وتراجع القوات الاسرائيلية من مناطق عديدة كانت تحتلها في فلسطينالمحتلة»..