تونس الصباح الاسبوعي: دعوات كثيرة للحوار اطلقتها احزاب سياسية منذ اشهر عديدة في محاولة منها لايجاد ارضية للتوافق بشان المسائل الخلافية المطروحة المتعلقة بعدد من القضايا واخرها مشروع الدستور الذي حدد بخصوصه نواب المعارضة في المجلس التاسيسي النقاط الخلافية. وقد كان من المقرر ان ينقسم هذا على ثلاث محاور استضافت رئاسة الجمهورية بقصر الضيافة فصله الاول وسط غياب لاحزاب لها وزنها في الشارع التونسي، فيما كانت الخطوة الثانية منه والتي انطلقت يوم 16 ماي 2013 تحت مظلة الاتحاد العام التونسي للشغل، ويذكر ان هذه الجولة هي تتمة للجولة الأولى التي أطلقها الاتحاد في 16 أكتوبر 2012 في عهد حكومة حمادي الجبالي حيث دعا الى حوار وطني شامل يجمع كل الاطراف السياسية دون تمييز وقد قاطعه آنذاك حركة النهضة وحزب المؤتمر لرفضهما الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع حركة نداء تونس. وفي انتظار المرحلة الثالثة والاخيرة من الحوار الذي سيكون مكانه تحت قبة المجلس التاسيسي يبقى السؤال المطروح على ضوء ما حمله مشروع الدستور من نقاط خلافية كثيرة عبرت المعارضة عن رفضها قبل عرضه للنقاش في جلسة عامة اي جدوى لهذه الحوارات ما دام هناك غياب للتوافق بين الفرقاء بشان امهات القضايا؟ يؤكد نواب الائتلاف الحاكم حاصة ممثلي حركة النهضة في حديثه عن التوافقات ونتائج الحوار الوطني ان النقاش بين جميع الاحزاب افرز ما اعتبروها توافقات هامة وقع تضمينها في مشروع الدستور على غرار إدراج حرية الضمير والمعتقد وحق الإضراب دون قيود، وإقرار نظام سياسي مختلط يمنح صلاحيات متكافئة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتكريس مدنية الدولة. في المقابل اعتبر احزاب المعارضة ان نتائج الحوار لم تكن كافية مؤكدين على أنّ مشروع الدستور يضمّ الكثير من المسائل الخلافية بسبب بنود دستورية قالوا إنها تهدد مدنية الدولة والحريات ولا تضمن التوازن بين السلطات، ولا تتيح قدرا كافيا من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للشعب. وهو ما جعل اشغال هذا الحوار تتعطل مما دفع احزابا الى بذل جهود لاستئنافه من جديد بحثا عن توافقات جديدة ونتائج ايجابية وجدية. توافقات ولكن.. وفي تعليقه على الجدوى من الحوار في غياب النتائج اكد صلاح الدين الجورشي المحلل السياسي على ان النخب الوطنية وخاصة السياسية منها في اشد الحاجة الى مواصلة الحوار وتحويله الى تقليد ثابت لان القطيعة وغياب التواصل بين الفرقاء السياسيين سيحكمان على الحياة المجتمعية في تونس. ويضيف قائلا:" تكمن مشكلة الحوار في عدم وجود تقاليد ومؤسسات تحسن ادارته خاصة في ظل تغليب المصالح الحزبية الضيقة او طغيان الاعتبارات الذاتية والانتخابوية وهو بذلك ما يجعل منه تعثرا وبالتالي لا وجود لنتائج او لا يمكن تفعيلها ان وجدت. مع ذلك اميل الى الاعتقاد بان هذه الحوارات كان لها الاثر ولو نسبي في بعض فصول مشروع الدستور رغم المناورات. كما ان عدم انهيار الحياة السياسية بالكامل مثل ما هو حاصل في مصر وليبيا يعود الى اسباب من بينها وجود حوار جماعي وثنائي، لذلك وجب علينا التمسك بالحوار لكن مع توفير الشروط والظروف الملائمة لضمان نتائجه". الكل شركاء.. سيبقى التجاذب قائما بين الفرقاء السياسيين الى اخر لحظة حتى وان طرح مشروع الدستور على الجلسة العامة للنقاش فصلا فصلا لكن ما هو مهم في هذا الظرف الراهن هو تشريك من هم خارج المجلس التاسيسي من احزاب وجمعيات ومنظمات في حوار يجمعهم يبدون رايهم وتحفظاتهم على المشروع المقترح. فالمهم خلق ارضية صلبة لضمان الوصول الى توافقات هامة بين الجميع وليس عقد جلسات مطولة تحت اي اسم "حوار وطني" او"مؤتمر وطني" او غيرهما لان المطلوب هو النتائج التي خرجت بها هذه الاجتماعات، فالعبرة ليست بالتنظيم بقدر ما هي بحصد النتائج الايجابية واكثر ما يمكن من التوافقات. جمال الفرشيشي
هل نحن سائرون نحو استفتاء؟ تونس الصباح الاسبوعي: في صورة تعذر الاتفاق بشان المسائل الخلافية في مشروع الدستور فان الجلسات العامة المحددة لمناقشته سيكون فيها الحوار على اشده بين الكتل النيابية التي وان فشلت في حسم عدد من النقاط المختلف بشانها والتي حددها نواب المعارضة داخل التاسيسي سيكون الاتجاه نحو تنظيم استفتاء شعبي للمصادقة على الدستور إذا لم يحصل التوافق حوله لان القانون يقول بذلك إذا لم يقع الاتفاق على الدستور بأغلبية الثلثين في قراءة أولى أو ثانية. ويؤكد الخبراء في القانون الدستوري والمتابعين للشان العام في بلادنا ان في تواصل غياب التوافق سيكون الاستفتاء هو الفيصل معتبرين ذلك فشلا للتأسيسي وبالتالي اطالة للمرحلة الانتقالية التي لا يعرف حينها مآلها وعواقبها على المجتمعين السياسي والمدني رغم ان عددا من السياسيين يرون في الاستفتاء آلية ديمقراطية. وقبل الوصول الى مرحلة لا يعرف نتائجها سيكون التوافق بين الاحزاب الفيصل في حوار وطني جامع لحسم عدة مسائل تتعلق بمدنية الدولة والحقوق والحريات وتوزيع الصلاحيات بين راسي السلطة رئيسا الجمهورية والحكومة.