◄ السمك يتوفر بكميات هامة في رمضان وطوال الصائفة وصف نور الدين بن عياد النائب الأول لرئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري المكلف بقطاع الصيد البحري نورالدين بن عياد في حديث ل"الصباح" العلاقة القائمة مع الإدارة بالفاترة والباهتة، منتقدا بشدة غياب رؤية حكومية واضحة تجاه القطاع. وتطرق المتحدث إلى عديد المشاغل التي تسيطر على قطاع الصيد البحري وتهدد استدامته مستنكرا عدم تجاوب وتفاعل أصحاب القرار مع مقترحات ومطالب المهنة. ولئن يرى في الحوار الوطني الذي دعت له المنظمة جزءا بارزا من الحل فإنه يأمل أن تقابله وزارة الفلاحة بالتفاعل الإيجابي والعملي ولا تقف عند مجرد الترحيب بالدعوة. وتناول حوارنا تصورات المهنة للخروج بكومة المشاكل والقضايا العالقة من عنق الزجاجة. وفي ما يلي نص الحديث الذي استهله بن عياد بالتأكيد على استقلالية المنظمة والحرص على النأي بها عن كل التجاذبات السياسية قائلا " إتحاد الفلاحة منظمة مهنية وهيكل نقابي فلاحي و سيبقى كذلك لتشبث الفلاحين والبحارة بهذا الدور دون سواه وسنعمل على اتباع استراتيجيات تقطع مع الو لاءات السياسية أساسها الدفاع عن القطاع وحماية مصالح المنتجين بعيدا عن إرهاصات السياسة.وسنعمل مع كل سلطة حاكمة بكل حيادية دون اعتبار للونها السياسي لتحقيق مطالب المهنة. وسيكون الصيد البحري الذي تم دعم تموقعه صلب المنظمة باختيار ممثل القطاع نائبا لرئيس المنظمة من أولويات الملفات المفتوحة." رجل المطافئ.. كيف هي العلاقة اليوم مع سلطة الإشراف وهل مازلتم تتمسكون بطلب إفراد الصيد البحري بكتابة دولة ضمن هيكلة وزارة الفلاحة؟ -طبعا لن نتنازل عن هذا المطلب. وبخصوص العلاقة فهي باهتة ميزتها الراهنة الفتور وسط غياب شبه كلي لتفعيل المطالب. علما أن هذا التهميش ليس وليد حقبة ما بعد الثورة بل عانى القطاع منه كثيرا سابقا ومع الحكومات الإنتقالية المتعاقبة. ولم نلحظ تطورا بارزا في السياسة التي تنتهجها الحكومة الراهنة المتسمة بغياب رؤية واضحة لاستراتيجية تعامل بناء مع القطاع حتى أنّ أبرز القضايا العالقة لم يقع الحسم فيها والوزارة أشبه في تعاملها وإدارتها للشأن البحري برجل المطافئ الذي يتدخل عند اشتعال الحرائق فقط وهي تتدخل لتسوية بعض الإشكاليات الطارئة دون تعمق في معالجة هيكلية لمجمل المشاغل والقضايا. ذكرت بأن عديد الملفات المطروحة حاليا لم يقع الحسم فيها،مثل ماذا تحديدا؟ -عديدة هي مشاغلنا.. منها ترشيد الاستغلال للموارد البحرية وتنظيم الراحة البيولوجية وتوسيع مناطق الصيد. والملف الحارق للتغطية الإجتماعية للبحارة والمجهزين مع ما يقتضيه من مراعاة خصوصيات القطاع. علما أنه بعد أن كنا تقدمنا كمهنة في بلورة المقترحات الخاصة بمشروع التغطية الاجتماعية وعرضها على الجهات المسؤولة توقف العمل ونام المشروع في رفوف المكاتب الإدارية. والمطلوب الآن التعجيل بمراجعة أنظمة التغطية وتدارك ضغف نسبها وتوسيع مظلة المنافع المسداة للمتقاعدين .ومراجعة النصوص الجاري العمل بها لتسوية عاجلة لوضعية البحارة المفقودين جراء فواجع الغرق. من المشاغل العاجلة ما يتعلق كذلك بالتسريع بتفعيل الإجراءات الخاصة بمقاومة الصيد الجائر بالكيس والحد من استنزاف الثروة السمكية. والتعجيل بإصدار النصوص التطبيقية للقانون الخاص بالمنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لمياهنا البحرية, ومراجعة منظومة الراحة البيولوجية. ولكن هذه المشاغل وغيرها كانت تطرح على أنظار مسؤولي القطاع في عهد البائد ولم تجد طريقها للتنفيذ فهل تحملون تبعاتها للحكومة الحالية؟ -ما نعيبه على سلطة الإشراف الراهنة توخيها نفس طريقة التعاطي وانتهاجها سياسة تعويم الملفات وتحاشي الخوض في القضايا الهيكلية. وبصراحة لا توجد نية جادة لفض القضايا العالقة بصفة جذرية . ويعد الصيد البحري القطاع الوحيد الذي لم تطله رياح تغيير مسؤولييه الإداريين .. الجرأة في الاعتراف بالخطإ وهل لا بد من تغيير المسؤولين لتحريك الملفات؟ وهل يتوقف التعاطي مع المشاغل القائمة على تنحية هذا وتعيين ذلك؟ -إذا كان لمسؤول ما طريقة عمل أثبتت قصورها وفشلها سابقا فلا بد من مراجعة النفس والإعتراف بالنهج الخاطئ المتوخى والعدول عنها. وللأسف لا نلمس اليوم جرأة واضحة في الإقرار بالخطإ. ولهذا يتأكد مطلبنا القديم المتجدد ببعث كتابة دولة للصيد البحري متفرغة للبت في قضايا القطاع ومشاغله والعمل على النهوض به. لقد فقدنا الثقة في الإدارة وسئم البحارة والمجهزون التعاطي السلبي مع مشاغلهم وانعدام قوة الإرادة للحسم فيها. وهذا ما جعلهم يفقدون بدورهم الثقة في منظمتهم لأنهم لم يجدوا حلولا ملموسة لقضاياهم. لا حياة لمن تنادي طبعا من اليسير إلقاء المسؤولية على الآخر..لماذا لا تعترف الهياكل الممثلة للمهنة صراحة بتقصيرها هي الأخرى في الدفاع عن مصالح منظوريها وفي كيفية التواصل والتعامل مع الإدارة ؟ - سأجيبك بالدليل والحجة (يستخرج من بين دفة الأوراق المتناثرة على مكتبه تقريرا يحوصل مختلف المراسلات التي تقدمت بها المنظمة إلى وزارة الفلاحة خلال سنة (2012) أنظري لقد بعثنا 26 مراسلة في سنة واحدة تهم قضايا مستعجلة واردة من عديد الجهات ولم نحظ برد رسمي عملي في الكثير منها، وقد أعدنا التذكير بها مرات لكن دون جدوى. هذا يغني عن التعليق وينم عن عدم إرادة في إيجاد حلول جذرية. دعت المنظمة قبل انعقاد المؤتمر إلى تنظيم حوار وطني لتسليط الأضواء على القطاع والخروج بتوصيات عملية. ما مآل هذه الدعوة؟ - للأسف لم يسمعنا أحد.. وإن كان الوزير أبدى استعدادا للتعاون والتعامل فإننا لم نلمس ترجمة عملية لذاك. نفس الإنطباع ينطبق على برنامج مجابهة آثار الصيد الجائر الذي تقدمنا به للوزارة ولم نجد متابعة أو تفعيلا جادا له. المفارقة أن متعاطيي الصيد بالكيس وافقوا على الإجراءات المقترحة غير أنه أمام صمت الوزارة عادت المخالفات والتجاوزات بقوة. «قيّد على الحوت و...» هذه العلاقة تذكرنا بالمثل الشعبي القائل "اكتب على الحوت وسيب في البحر" -هذا ينطبق تماما،،و المؤسف أنه لم يعد لنا "حوت"لنكتب على ظهره ونلقي به في البحر لكثرة ما كتبنا. وما المطلوب اليوم لتدارك الوضع والتقدم في معالجة المشاكل القائمة؟ - لا بد من حلول عملية وتفعيل للقوانين الموجودة خاصة أن أنظار الإتحاد الأوروبي مركزة على تونس بسبب الصيد العشوائي وغير القانوني ستسلط عقوبات على القطاع برمته وهكذا يؤاخذ الصالح بذنب الطالح. وما تحقق السنة الماضية من مؤشرات جيدة في مستوى التصدير بلغت عائداته بالعملة الصعبة 240مليون دينار قد لا يتكرر مستقبلا بفعل استنزاف الموارد السمكية وتداعيات ذلك على طاقة الإنتاج التي تراجعت خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة2013 بنسبة 7بالمائة وشمل النقص مختلف الأنشطة وخاصة الصيد الساحلي والسمك الأزرق. لذا لا بد من احترام القوانين وتعزيز المراقبة بالأقمار الإصطناعية والأسراع بإصدار القانون المنظم لهذه الآلية والذي رغم إحالته على المجلس التأسيسي منذ أشهر فإنه لم يعرض للمصادقة الى اليوم. بخصوص نظام الراحة البيولوجية نتعامل في نسخته الحالية كمهنة بالضوابط المتداولة لكن لنا احترازات ومواقف سنعمل على تمريرها لأن النظام في منطلقه وكقرار كان جيدا لكن عند التطبيق أفرغ من مضمونه وأهدافه ولم يراع مطالب المهنة على مستوى مناطق الصيد وتمويل صندوق الراحة.وفي هذا الباب نطالب بالتعجيل بإصدار النصوص التطبيقية للقانون المتعلق بالمنطقة الإقتصادية الخالصة التي تحرم المراكب التونسية من الصيد فيها وتستباح من المراكب الأجنبية رغم التنديد بمثل هذا التوجه منذ العهد السابق والدعوة لحماية هذه المنطقة من الاختراق الخارجي. وكانت التعليمات الرئاسية حينها في خدمة مصالح وأطراف أجنبية إيطالية وليبية بالأساس يسمح لها بالصيد داخل حدود المنطقة التي تتبع قانونا البلاد التونسية.. وتتواصل مطالبنا إلى اليوم بحماية هذه المنطقة لمنع استنزاف مواردها من الأجنبي والتونسي. كما نطالب بالتوازي بوقف نزيف الاستنزاف الشاطئي بفعل الصيد بالكيس. صندوق الراحة البيولوجية وماذاعن مآخذ المهنة حول الآلية المعتمدة في تمويل الراحة البيولوجية ؟ - هذا الصندوق مظلمة في حق المنتجين ذلك أن العبء الأكبر من المساهمة في التمويل يحمل عليهم باعتبار أن عددا هاما من أصحاب المراكب يجمعون بين نشاط الإنتاج والتصدير ويطالبون بالتالي بتحمل نسب التمويل الراجعة للمجهزين والمصدرين معا وفي هذا تعسف واضح ولا بد من مراجعة مقاييس التمويل وفق الطرح الذي كنا تقدمنا به قبل بدء العمل بقانون الراحة البيولوجية. كما نطلب بالكشف عن مآل الموارد المالية للصندوق التي تفوق 9مليون دينار تصرف منها نحو 6مليون دينار على الراحة البيولوجية ولا نعلم شيئا عن المبلغ المتبقي. على صعيد الفترة الزمنية التي تستغرقها الراحة البيولوجية لنا مقترحات لمراجعتها في اتجاه إضفاء مرونة أكبر على موعد انطلاقها وغلقها. موانئ محظورة على غير الأهالي؟ ما موقف المنظمة من ظاهرة منع مراكب صيد من الإرساء في بعض الموانئ في عدد من الجهات بتعلة منافستها لبحارة الجهة؟ - طبعا موقفنا واضح ورافض لهذه الممارسات وقد تدخلنا في عدة جهات لفض المشكل وتم ذلك في قابس وجرجيس وبن قردان وقليبية وطبرقة. ومن غير المقبول التعامل بهذه العقلية ما لم يقع رصد أي تجاوز في مستوى طريقة الصيد أوملاحظة لاستغلال غير قانوني للثروة السمكية بالجهة. تراجع التصدير ينعش سوق السمك هل سيصوم التونسي عن السمك هذه الصائفة وخلال رمضان في ضوء تراجع الإنتاج؟ وإلى متى يتواصل حرمان قفة المستهلك من خيرات بحارنا؟ - المؤشرات المتوفرة تبرز أن حالة السوق ستكون ثرية بالنظر للتراجع المسجل على مستوى التصدير والذي ناهز33 بالمائة في غضون الخمسة أشهر الأخيرة وهو ما يحوّل وجهة المنتوج المخصص عادة للتصدير نحو السوق الداخلية. بالتوازي يتوقع نمو ملحوظ في الإنتاج المتأتي من تربية الأحياء المائية بنسبة15بالمائة عن السنة الفارطة. ومن البديهي أن تساهم هذه العوامل إلى جانب التوريد الذي يتصاعد نسقه في رمضان في التخفيض في الأسعار. علما أننا كمهنة تنشط في قطاع الصيد البحري لنا احتراز على التوريد العشوائي الذي يستهدف أصنافا تنتج محليا من نوع السمك الأزرق. وبخصوص تذمر المواطن من ارتفاع أسعار السمك نريد التوضيح بأن المنتج لا ناقة ولا جمل له في ذلك لأنه يبيع بأسعار زهيدة لا تغطي كلفة إنتاجه ويصل المنتوج إلى المستهلك أضعاف السعر الأصلي والسبب هو تعدد مسالك التوزيع والوسطاء ولا دخل للبحارة في تقلبات بورصة أسعار السوق. والدليل أنّ نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك التي تعمل وزارة الفلاحة على توسيع شبكتها تؤكد صحة الطرح الذي قدمته وقد وجد المستهلك في هذه الأسواق أسعارا مناسبة جدا.